تناول الكاتب في موقع “ناشيونال انترست” دوغ باندو في مقال له نشر أمس الخطط الأمريكية التي تتحدّث عن إنشاء ما يسمّى بـ”حلف ناتو عربي”.
بندو ينطلق في مقاله من كلام المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي الذي جاء فيه أن تحالف الناتو العربي سيكون بمثابة “حصن” ضدّ ما أسماه “عدائية وإرهاب وتطرف إيران”، وفق زعمه، فيقول إن “كل دول الخليج تقريبًا قامت بتسهيل تمويل الإرهاب على مدى أعوام.. أغلب منفذي هجمات الحادي عشر من أيلول كانوا سعوديين، والمملكة أنفقت حوالي 100 مليار دولار طيلة العقود الماضية من اجل نشر الفكر الوهابي الذي يولّد الإرهاب”.
وبحسب دوغ باندو، قامت الرياض وأبو ظبي بزعزعة استقرار اليمن وليبيا وسوريا ولبنان، بينما للكويت وسلطنة عمان وقطر علاقات جيّدة مع إيران، خلافًا لموقف واشنطن.
وينبّه الكاتب في المقال الذي يحمل عنوان “مخاطر إنشاء تحالف عربي جديد”، الى عدم وجود الكثير من التوافق بين الدول التي تتوقع واشنطن أن تنضم الى التحالف الجديد، مشيرًا الى أن السعودية والإمارات تريد السيطرة على الدول المجاورة وكذلك فرض أجندتهم، حتى وإن كان من خلال الحرب. الكويت وسلطنة عمان، يتابع دوغ باندو، تلعبان دائمًا دور الوسيط بين الدول المجاورة، أمّا أعضاء التحالف الذي يُراد تشكيله فهم لا يتفقون على ما يسمى “التهديد الذي تشكّله ايران”، على الرغم من أن إدارة ترامب تريد لهذا التحالف أن يركّز على مواجهة الجمهورية الإسلامية.
وبرأي الكاتب، الطريقة الوحيدة لإنجاح مثل هذا التحالف هو أن تُجبر الولايات المتحدة الدول الأعضاء الأخرى على القبول بالهيمنة السعودية، لكن هذا سيُهدّد بجرّ هذه الدول الى نزاعات مدبّرة من قبل الرياض ولمصلحتها.
ويعتبر دوغ باندو أن الطرف الذي سيكون الأكثر عرضة للاستغلال هو واشنطن، اذ سيتوقع من الأخيرة أن تدعم السعوديين بغض النظر عن افعالهم، مثل “الدمار الإجرامي لليمن”، وفق توصيف الكاتب.
وتابع “تسليم السياسة الى العائلة الحاكمة السعودية هو بمثابة دعوة مفتوحة للحرب الإقليمية وللعجز والفساد.. السعودية والإمارات ستستخدمان “التحالف العربي” لخدمة أهدافهما لا أهداف أميركا أو الدول الأخرى الأعضاء بالحلف.. منطقة الخليج ليست منطقة حيوية بالنسبة للولايات المتحدة التي تتحوّل بدورها الى أكبر منتجٍ للطاقة”.
واتهم الكاتب السعودية بأنها “المعتدي الذي يشكّل التهديد الأكبر في المنطقة”، مشيرًا مرة أخرى الى حربها على اليمن والى إرسال قواتها العسكرية الى البحرين ودعمها المتطرفين في سوريا، فضلًا عن اختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري.
كذلك لفت الكاتب الى أن أبو ظبي هي الأخرى انضمّت الى الكثير من هذه “التدخلات التدميرية”، في حين أن مبادرات إيران على صعيد السياسة الخارجية هي في الغالب دفاعية.
ورأى دوغ باندو أن أيّ “حلف ناتو عربي” لا يمكن أن يعطي الحكومات الإقليمية ما تحتاجه بشدة وهو الشرعية، مضيفًا أن “الملكيات الاستبدادية” مثل النظام السعودي وغيره، لا يمكن أن تستقطب الشباب العرب، وبالتالي فإن هذه الأنظمة مضطرة الى استخدام القمع من أجل البقاء.
ووفق تقدير الكاتب، سيضع “التحالف العربي” الجيش الأميركي بخدمة هذه الأنظمة “بشكل رسمي”، منبهًا الى أن ذلك لا يصبّ أبدًا في مصلحة أميركا. الشرق الأوسط هو مقبرة “للتوقعات الأميركية”، يقول دوغ باندو، ويضيف إن “التدخلات العسكرية الأميركية على مدار عقود جاءت بعواقب كارثية بأغلب الأحيان، فواشنطن فجّرت الوضع في العراق وليبيا وتدخّلت في لبنان وسوريا دون تحقيق أيّة نتائج إيجابية.
كما اتهم الكاتب الولايات المتحدة بـ”دعم الاستبداد في المنطقة، بما في ذلك البحرين ومصر وإيران (خلال حكم الشاه) والسعودية والإمارات، أما الدعم الأميركي لـ”اسرائيل” فجاء بنتائج سلبية، إذ أنه شجّع على “الإرهاب” ضدّ الأميركيين في الداخل والخارج”، وفق تعبيره.
ولأن “سجّل الولايات المتحدة في المنطقة كارثيّ”، يحذّر الكاتب في ختام مقالته من أن “إنشاء “حلف ناتو عربي” سيعزّز استراتيجية واشنطن “الفاشلة” أكثر فأكثر، ما يحتّم على الولايات المتحدة التراجع والانسحاب من الشرق الأوسط”.