أسفرت جريمة اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول عن ازمة دبلوماسية معقدة في جميع أنحاء العالم، لم تتمكن الرياض أو واشنطن من تجاهلها، خاصة مع تناقض البيانات السعودية التي تدعي أن وفاة خاشقجي كانت ” نتيجة مؤلمة” ناجمة عن مشاجرة غير متوقعة والمصادر الاخرى الكثيرة من وكالات الاستخبارات ووسائل الإعلام التي قدمت تفاصيل مرعبة عن جريمة متعمدة .
ولاحظ معلقون أمريكيون أن الأتراك اختاروا- على ما يبدو- الاحتفاظ بالتسجيلات الصوتية للجريمة ، وكأنها ” سيف ديموقليس” على رؤوس السعوديين، وكرر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، هذا الاسبوع ، أنه يحتفظ بمعلومات استخبارية أكثر في اشارة إلى أنه لن يترك القضية.
ومن الواضح أن الانتظار لمدة شهر حتى تنتهى التحقيقات الرسمية لم يعد خياراً فمن شبه المؤكد أن أنشطة وسائل الإعلام والكونغرس ستبقى القضية حية، وحسب ما تلتقطه ذاكرة الخبراء، عندما انتشرت فضيحة إيران – كونترا على موجات الأثير في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني 1986 ، قال مدير وكالة الاستخبارات المركزية في ذلك الوقت ، وليام كايسي، بتهكم ” ايها الاولاد، هذه القضية ستختفى مع صباح يوم غد”،
ولكن القضية كادت أن تؤدى الى اسقاط إدارة ريغان.
وقال جاك ديفاين، الرئيس السابق للعمليات العالمية في وكالة المخابرات المركزية، إن المؤسسات الصحافية والحكومية والخاصة في جميع أنحاء العالم تطالب بالحصول على اجابات مؤكدا أن القضية لن تذهب لانها كبيرة جدا .
وأضاف أن ” التفسيرات المنحرفة” للقضية ليست هي الحل، وقال إن اعتقال عدد قليل من عملاء المخابرات والاعلان عن تشكيل لجنة لاعادة هيكلة الاستخبارات السعودية لن يفعل الكثير لمعالجة من يتحمل المسؤولية الحقيقية عن وفاة خاشقجي”، مشيرا إلى أن الرئيس الأسبق، ريتشارد نيكسون، كان يعتقد أنه يستطيع وقف تداعيات فضيحة “ووترغيت” من خلال الطلب من مدير وكالة المخابرات اعتبار القضية أمرا يتعلق بالأمن القومي في محاولة فاشلة لسحق التحقيق، ولكن الحقيقة ظهرت.
وقال ديفاين إنه من الصعب أن نرى ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان فوق المساءلة، مشيرا إلى أنه من الناحية التاريخية، فإن قواعد اللعبة الدبلوماسية التقليدية تلي على شخص ما السقوط حتى يعاد ضبط الوضع