أشار مجلس تحرير صحيفة “واشنطن بوست” في مقالة حملت عنوان “من يحتاج الى السعودية؟”، الى تقرير قناة “سي إن إن” بأن النظام السعودي يستعد للاعتراف أن الصحافي السعودي جمال خاشقجي قتل بعملية استجواب سارت بشكل خاطئ.
وشددت الصحيفة على أنه في حال صحة هذه الرواية فيجب محاسبة ليس فقط الذين ارتكبوا هذا الخطأ بل أيضاً الذين أصدورا التعليمات بتنفيذ “العملية غير القانونية”.
كما لفتت الى أنه وبحسب المعلومات الاستخبارتية الأميركية فإن التعليمات جاءت من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، واصفة اياه بالمتهور.
أما بالنسبة الى تداعيات أي أزمة في العلاقات الاميركية – السعودية على المصالح الاميركية، أشارت الصحيفة الى أنه وبحسب “ادارة معلومات الطاقة الاميركية”، فإن السعودية زودت الولايات المتحدة بنسبة تسعة بالمئة من ايرادات النفط الاميركية خلال عام 2017.
وتابعت أنه وبسبب ثورة النفط الصخري أصبحت الولايات المتحدة مستقلة في مجال الطاقة.
وقالت الصحيفة إن المعدل اليومي لصادرات النفط الاميركية خلال العام الماضي كان 6.38 مليون برميل باليوم، لافتةً الى أن ذلك يعادل تسعة أضعاف الايرادات السعودية تقريباً.
وأردفت إن السعوديين وفي حال قاموا بخفض الانتاج أو بمقاطعة الولايات المتحدة فإن المستفيد سيكون شركات النفط الصخري الاميركية التي “ستملأ الفراغ”، مشددةً على أن ذلك سيوجه صفعة قوية الى قطاع النفط السعودي.
وفيما يتعلق بمبيعات السلاح قالت الصحيفة إنه يجب اطلاع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على نتائج الوعود التي تلقاها عندما زار الرياض العام الفائت.
ولفتت الى ما كتبه الخبراء بأن السعوديين لم يقوموا باتمام أي صفقة تسلح كبرى مع واشنطن منذ مجيء ترامب الى البيت الابيض، مضيفةً أن وقف تزويد السعودية بقطع الغيار والدعم التقني سيؤدي الى تعطيل القوات الجوية السعودية، معتبرةً أن ذلك من شأنه أن ينهي “الحملة الدموية في اليمن”، وفق تعبير الصحيفة نفسها.
وأكدت “واشنطن بوست” أن الولايات المتحدة لم تعد بحاجة الى السعودية كما كانت تحتاجها بالسابق.
وقالت الصحيفة إن ترامب قد بالغ بأهمية العلاقات مع السعودية وشجع القادة السعوديين على الاعتقاد بأن بامكانهم التصرف بشكل متهور و”بشكل اجرامي” حتى من دون اية عواقب.
*أعضاء في الكونغرس يشنون هجومًا عنيفًا على السعودية
في سياق متصل شدد عضو مجلس الشيوخ الاميركي عن الحزب الديمقراطي السيناتور “كريس ميرفي” في مقالة نشرت أيضاً بصحيفة “واشنطن بوست” على أن
“جريمة القتل المرجحة” التي ارتكبت بحق خاشقجي يجب أن تؤدي الى عملية مراجعة جوهرية لطبيعة التحالف الاميركي مع السعودية.
وأضاف الكاتب – وهو أحد اعضاء لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الاميركي – أنه عندما جاء الى الكونغرس قبل حوالي عشرة اعوام، كان الدعم للسعودية واسعًا ومن كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لافتًا الى أن “سلوك ولي العهد السعودي المتهور”يدفع اليوم بعدد متزايد من اعضاء الكونغرس الى التساؤل عما اذا كانت “أفعال” الحليف السعودي تصب في المصلحة الأميركية.
وأردف الكاتب إن الخطوات “غير المنتجة” التي أقدمت عليها السعودية مثل الحرب على اليمن والحملة على قطر واختطاف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لاقت انتقادات متزايدة من قبل الكونغرس وفرضت أسئلة جديدة حول “المشروع السعودي الذي هو ربما الاكثر ضرراً بالأمن العالمي”، وفق تعبير الكاتب.
وأوضح الكاتب أن هذا “المشروع السعودي” يتمثل بالمساعي التي تبذلها السعودية منذ عقود “لزرع بذور الاسلام السلفي”، مضيفاً أن الفكر السلفي عادة ما يكون من أهم مكونات التطرف الذي يغذي جماعات مثل “داعش” و”القاعدة”.
واعتبر الكاتب أنه من المستبعد أن تتخذ ادارة ترامب أي اجراءات حاسمة، وأن المسؤولية تقع بالتالي على عاتق الكونغرس لتحديد العواقب.
وقال “كريس ميرفي” إن أحد هذه العواقب يجب أن يكون وقف الدعم العسكري الذي تقدمه أميركا للحرب على اليمن، لافتاً الى أن هذا الدعم اطلق يد السعودية كي تستمر بالحرب على اليمن.
وتابع الكاتب أن الولايات المتحدة منذ ثلاثة اعوام تساعدة السعودية على القيام “بحملة قصف مدمرة باليمن”، مشيرًا الى أن السعوديين يزعمون للاميركيين بان قتل المدنيين في اليمن ليس متعمداً، لافتاً في المقابل الى أن عدد الضحايا المدنيين خلال الاشهر الاخيرة بتزايد واليمن على حافة المجاعة.
بناء عليه شدد الكاتب على أن “السعودية لا تقول الحقيقة” و”التشويش” الذي تمارسه السعودية حيال ما حصل لخاشقجي يأتي في اطار نفس “اللعبة” التي تمارسها الرياض في اليمن “حيث قتلت آلاف المدنيين”.
ولفت الكاتب الى أن العائلة الملكية السعودية استفادت من العلاقات الوطيدة مع عائلة ترامب، مشيرًا الى أن مكانة السعودية بحالة تدهور كبرى في الكونغرس وذلك يحمل معه تداعيات خطيرة للعلاقات الثنائية في حال عدم الكشف عن الرواية الكاملة حول مصير خاشقجي.
وشدد الكاتب على ضرورة أن يقوم الكونغرس بمنع أي صفقة بيع سلاح معلقة مع السعودية وبمراجعة المساعدة المالية التي تعطي السعودية تخفيضاً على هذه الصفقات.
وأضاف أنه حان الوقت “كي نوقف دعم جرائم الحرب والمجاعة الجماعية”، وطالب ايضاً بعقد جلسات استماع حول قمع المعارضة الداخلية وتسليط الضوء على ملفات عشرات الصحفيين والناشيطن “الذين تم اسكاتهم” في اطار الحملة التي يقوم بها ابن سلمان ضد منتقديه.
*قضية خاشقجي قد تؤدي الى موت الصداقة الأميركية السعودية
بدوره قال مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى “سيمون هندرسون” إننا قد نكون في صدد وداع “لمعان إن لم يكن جوهر” رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لعام 2030 والتي ترتكز على عملية تحوّل اقتصادي للسعودية.
وفي مقالة نشرت على موقع “ذا هيل” و التي حملت عنوان “قضية خاشقجي قد تعني موت الصداقة الاميركية السعودية”، أشار الكاتب الى أن لائحة الحاضرين للمؤتمر الاستثماري والذي من المقرر أن يعقد في الرياض بين الثالث والعشرين والخامس والعشرين من تشرين الاول / اكتوبر الجاري “في حالة يرثى لها”.
واضاف إن اختفاء خاشقجي يفيد بانه تم اغراء الولايات المتحدة بالكلام المعسول عن ابن سلمان من حاشيته وشركات العلاقات العامة التي تروجه له.
واشار الى أن السفارة السعودية بواشنطن الغت احتفالاً كان مقرراً يوم الخميس المقبل بمناسبة “اليوم الوطني السعودي”.