السعوديون والايرانيون يمدّون الايادي… متى تحصل المصافحة؟

لا توحي كل المؤشرات الاقليمية أن تواصلاً بدأ، بين المملكة العربية ​السعودية​، وبين الجمهورية الاسلامية ال​إيران​ية. ف​طهران​ التي تستعد لتلقّي مزيد من العقوبات التي تفرضها ​الولايات المتحدة​ الأميركية عليها، تلقّت صفعات:

أولاً، من ​الصين​ التي أعلنت التقليل من استيراد ​النفط​ الإيراني، وتجميد عقود بقيمة ٦٠٠ الف برميل يومياً.

ثانياً، من ​العراق​ الذي اعلن وقف مد ​ايران​ بالخام من حقل ​كركوك​ النفطي، في تشرين الثاني المقبل، امتثالاً للعقوبات الأميركية، علماً أن العراق يصدّر حاليا الى إيران، ما لا يقل عن 30 ألف برميل يومياً بواسطة ​الشاحنات​.

ثالثاً، من ​سلطنة عمان​ التي استقبل سلطانها قابوس بن سعيد، وفداً إسرائيلياً تقدّمه رئيس الوزراء ​بنيامين نتانياهو​، في مشهد استفزّ طهران، التي تعتبر السلطنة حليفاً لإيران، ووسيطاً موثوقاً به، في عملية تقريب المسافات بين الغرب والجمهورية الإسلامية.

رابعاً، دفاع ​روسيا​ الاتحادية عن الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز، بعد جريمة مقتل الصحافي ​جمال خاشقجي​، وتداعيات الحادثة على ​الرياض​.

لكن الإيرانيين يفتحون صفحات اخرى، بكل الاتجاهات، لتجاوز العقوبات سياسياً واقتصادياً، ومن هنا جاء الكلام اللافت الذي قاله وزير الخارجية ​محمد جواد ظريف​ لوكالة انباء يابانية، أن “لا شروط لدى بلاده للجلوس على الطاولة مع الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​، للتباحث بشأن العقوبات، لكن على ​واشنطن​ ابداء الاحترام تجاه طهران، من ضمن الاحترام المتبادل”.

واذا كان الايرانيون لا يجدون مشكلة بالتواصل والاحترام تجاه الولايات المتحدة، فإن التواصل مع السعودية بدأ عمليا، من خلال قناة اتصال واحدة، بدأت تخطو الخطوة الاولى في رحلة الألف ميل.

للسعوديين والاميركيين مصلحة مشتركة بترتيب خلافاتهما، والبدء بحوار، ينقذ البلدين معاً من ورطات، تجرّ معها تداعيات اقتصاديّة سلبيّة. فلم يعد من مصلحة السعودية، ولا ​الامارات​ العربيّة المتّحدة، بقاء حرب ​اليمن​. كل القوى تخسر عملياً، ومن دون ان يكسب أيّ فريق أملاً بأن يُحكم اليمن على قياس طموحاته. فلا ​الحوثيون​ قادرون على التفرد بقيادة اليمن، ولا حلفاء السعودية يستطيعون فعل ذلك وحدهم. تمر الحرب، ولا يستطيع اي فريق فرض معادلة لوحده من دون غيره. باتت كل طموحات العواصم المتصارعة على أرض اليمن، فرض سقف تفاوضي، من خلال الانجازات الميدانية، لا غير.

لذلك تكمن مصلحة الرياض وطهران بالجلوس على طاولة واحدة، والبدء بحوار استراتيجي معمّق، ستتأثر به كل عواصم ​الخليج​، الذي يعيش خضّات ضمنية مستورة ومعلومة.

منذ اسابيع، قيل ان سلطنة عمان شهدت محاولة انقلاب، سرعان ما قضى عليها السلطان قابوس في مهدها، بعد رصد تبني دول خليجية لتلك المحاولة. فهل سرّعت هذه المحاولة بزيارة الوفد الحكومي الاسرائيلي الى السلطنة، للحديث عن “شؤون السلام في ​الشرق الأوسط​”؟ علما ان مسقط هي موضع ثقة اميركية، نظرا لدورها التاريخي الذي تلعبه في المنطقة، فأرادت ترسيخ ذاك الدور بلعب ورقة ​تل أبيب​، لتثبيت موقعها التفاوضي الوسطي، بعد الاتهامات التي ساقها الخليجيون ضدها انها تنفّذ مصالح ايران. لكن الخطير في توقيت الزيارة أنها جاءت اثناء الاعتداءات الاسرائيلية على غزة، وفي لحظة اقليمية حرجة.

وبينما بدت ​تركيا​ تناور السعودية، لإبتزازها مالياً، ترك الرئيس التركي ​رجب طيب اردوغان​ الباب مفتوحا امام الريّاض، لاعادة العلاقات بينهما، مقابل ثمن مالي، وإقليمي، ستكون قطر جزءا منه، بفك الحصار الخليجي عنها. وهو امر سيتمّ خلال اسابيع.

كل ذلك يجري، بينما يكثر الحديث عن وجوب طيّ صفحات الحروب، لأنّ ​الاقتصاد العالمي​ اصيب بالوهن. كما ان السعودية اصبحت اكثر قابليّة لتسوية العلاقات مع ​الدوحة​ وطهران ودمشق. كل السلسلة مترابطة مع بعضها البعض. فأتت حادثة الخاشقجي لتفرض على الريّاض التنازلات بكل اتّجاه، وهذا ما يعزّز التواصل الإقليمي، ومن بينه فتح الباب بين السعوديّة وايران، ومدّ الايادي المتبادلة، بإنتظار المصافحة، التي قد تحصل قريبا، كما يقول مطّلعونالنشرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *