عامير ربابورت – موقع “مكور ريشون” الصهيوني
الحرب القادمة في غزة لن تكون شبيهة بالضرورة بالجولات الأخيرة أمام حماس: الرصاص المسكوب، عامود السحاب، الجرف الصامد. أحد الدروس المستخلصة من الحروبة السابقة هو أنه كلما طالت المعركة فإن ذلك لن يكون في صالح “إسرائيل”. ومن جولة لأخرى مدة المعركة تزداد، حتى دامت عملية “الجرف الصامد” قرابة الشهرين.
على الرغم من أن القبة الحديدية سمحت بإطالة مدة القتال من ناحية الجبهة الداخلية ووضعت صعوبات أمام حماس، لكنها كانت إشكالية أيضًا من ناحيتنا. كلما زاد عدد أيام القتال، فإنه يتطلب المزيد من بطاريات القبة الحديدية، فضلا عن أنه يستنزف الجبهة الداخلية.
طريقةٌ أخرى لإدارة المعركة هي أن تكون إفتتاحيتها قوية، وليس “إرتقاء درجة” وفقًا لردود حماس وبدون وقف إطلاق النار لمحاولات الوساطة (بالأخص للمصريين).
التغيير الأكبر سيكون في تقدير الهدف. في الماضي ساد لدى المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي رأي أن الوضع الأفضل من ناحية “إسرائيل” هو إبقاء سلطة “حماس” على حالها، بعد أن يتم ردعها عن إطلاق الصواريخ لفترة طويلة. وبحسب هذا المسلك، فإن الوحدة الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية لن تكون بالضرورة لصالح “إسرائيل”. في حال تصاعد الوضع الأمني “في الجنوب” بسرعة، فهناك تقدير بأن الهدف هذه المرة قد يكون إسقاط سلطة “حماس”، هذه الخطوة ستؤدي إلى واقع جديد برعاية مصرية.
ووفقًا لتوجيهات وزير الأمن (الحرب) وخلافًا لمعارك سابقة، الجيش “الإسرائيلي” سيأتي للحرب المقبلة مع خطط عملانية لإسقاط نظام “حماس”. هذه ليست مهمة عسكرية سهلة، وهي من شأنها أن تكون مرتبطة بدخول بري واسع إلى غزة. السيطرة على القطاع يمكن أن تكون مسألة أشهر، وخلالها ستطلق صواريخ على الجبهة الداخلية (ويحتمل بعد ذلك أيضًا). على أيّة حال، الجيش “الإسرائيلي” والشاباك قد يضعان نصب أعينهم قادة “حماس” كهدف للإغتيال وكأولوية عليا.
في أيّة حرب الخصم يحضّر مفاجآت. على هذا النحو، الجيش “الإسرائيلي” في عملية “الجرف الصامد” لم يكن مستعدًا لتهديد الأنفاق. اذا ما هي المفاجاة القادمة؟ “حماس” بذلت جهودًا حثيثة لتطوير تشكيل الطائرة بدون طيار والمحلقات المسلحة، وهي ستكون تحديًا غير سهل، إلى جانب القذائف الصاروخية المطورة- حتى أكثر من الصاروخ الثقيل، مع 20 كيلوغرامًا من المواد الناسفة، الذي سقط يوم الأربعاء الماضي على “بئر السبع”.
وبشكل أساسي بسبب تهديد قذائف الهاون، إحدى العبر الواضحة من عملية “الجرف الصامد” هي أنه لا داعٍ لإقناع “سكان غلاف غزة” بالبقاء في منازلهم تحت النار. في حال إندلاع الحرب سيكون هناك إخلاء سريع للسكان الذين يقطنون على مسافة سبعة كيلومترات عن حدود القطاع.
حقيقة أن مطار بن غوريون واصل عمله بشكل كامل تقريبًا في الأيام الطويلة لعملية “الجرف الصامد” ليست واضحة. في المعركة المقبلة، بالتأكيد سيتم إغلاق مطار بن غوريون، على الأقلّ في أيام الذروة للقتال. هذا هو السبب الأساسي الذي دفع “إسرائي”ل إلى إعادة تأهيل مطار “رامون” قرب إيلات ليكون بديلًا عنه، كي يواصل العمل ويمنع إنقطاع الدولة عن العالم.
صيف عام 2018 شهد وصول الأوضاع خلال أسابيع طويلة إلى حافة حرب في كلا الجبهتين- مع قطاع غزة في الجنوب ومع إيران والجيش السوري في سوريا بالشمال.
الوضع الأساسي المتفجر في الشمال لم يتغير، ويمكن الإعتقاد بأن الكلمة الأخيرة لم يُبح بها، على الرغم من وصول بطاريات الصواريخ ضد الطائرات أس-300. الحرب “الإسرائيلية” مع حماس في غزة قد تحفّز سوريا وإيران وحزب الله لـ”دهورة” الوضع في الشمال، عبر إستخدام سلاح إستراتيجي مثل صواريخ تحمل مئات الكيلوغرامات من المواد الناسفة وتحتوي على جهاز ملاحة نحو الهدف، أو صواريخ أرض-بحر تشل الحركة البحرية.
على الرغم من خطورة هذا السيناريو وصعوبته، ستضطرّ القبة الحديدية إلى تقديم حلّ كامل لكلّ التجمعات السكنية والمنشآت الإستراتيجية.. الجيش “الإسرائيلي” مستعدّ أيضاً للقتال على جبهتين.