ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن السلطات التركية تفحص تسجيلات كاميرات الشوارع بحثًا عن شاحنة سوداء خرجت من القنصليةالسعودية، الأسبوع الماضي.
وكتب كل من مارتن شولوف وباتريك وينتور تقريرًا من إسطنبول اليوم قالا فيه إن محققين من الأتراك يعتقدون بأن تلك الشاحنة واحدة من 6 سيارات كانت “تقل فريقا سعوديا يعتقد أنه وراء اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي”.
ويقول مسؤولون أتراك إن القافلة غادرت القنصلية بعد نحو ساعتين من دخول خاشقجي. وقد أظهرت كاميرات أمنية وجود صناديق في الشاحنة التي تحمل لوحة دبلوماسية.
وبعد مغادرة القنصلية سارت 3 سيارات يسارا، بينما اتجهت البقية يمينا، أما الشاحنة التي غطيت نوافذها باللون الأسود فقد اتجهت إلى طريق سريع قرب القنصلية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحققين الأتراك لمحوا إلى أن لديهم معلومات عن اختفاء الصحفي السعودي أكثر من التي كشفوا النقاب عنها.
تقييم شامل للعلاقات الأميركية السعودية..
بدورها، نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مصادر تركية قولها أنْ لا مشاهد عبر الكاميرات تفيد بأن خاشقجي غادر القنصلية السعودية باسطنبول في الثاني من تشرين الأول/اكتوبر الجاري.
وبحسب الصحيفة، في حال أكدت السلطات التركية ذلك رسميًا، فإنه ينسجم مع رواية خطيبة خاشقجي خديجة جنكيز التي قالت انها انتظرته امام القنصلية حتى بعد منتصف الليل، وعليه ستُعتبر الرواية السعودية عن مغادرة خاشقجي القنصلية كاذبة.
كذلك أشارت الصحيفة الى أن مسؤولين من الأتراك قاموا بتوزيع تقرير أفاد بأن خمسة عشر سعوديًا وصلوا اسطنبول يوم اختفاء خاشقجي، وكانوا داخل القنصلية عند اختفائه، وتابعت “اذا كانت هذه الرواية صحيحة، فلا بدّ من وجود بيانات حول هبوط الطائرات التي كانت تقل السعوديين، وربما سجلات لجوازات السفر، إضافة الى المزيد من أشرطة الفيديو من المطار والقنصلية، والكشف عن مثل هذه المعلومات سيكذّب المزاعم السعودية”.
وأردفت الصحيفة “خاشقجي زار القنصلية للحصول على أوراق تثبت طلاقه السابق، واذا كان مسؤولو القنصلية قد أعطوه الوثيقة التي طلبها، فلا بد من ان لديهم سجلات تثبت ذلك، لكن القنصلية لم تكشف عن أية وثائق بهذا الإطار.
“واشنطن بوست” رأت أن جولة عدد من الصحفيين داخل القنصلية لا تثبت الرواية التي قدمتها مصادر رسمية تركية والتي جاء فيها أن جسد خاشقجي قُطّع الى أشلاء ونُقل الى خارج المبنى، وشددت على أنه “اذا كان لدى الحكومة التركية أدلة على وقوع مثل هكذا “جريمة مروّعة”، فعليها الكشف فورًا عن هذه الأدلة لعائلة خاشقجي وللأطراف المعنية.
كما أشارت الى ان خاشقجي كان يقيم قبل ما يزيد عن عام من اختفائه في الولايات المتحدة، ما يعني أن على إدارة ترامب أن تطالب بمعلومات من كل من السعودية وتركيا.
وخلصت الى وجوب إعادة تقييم العلاقات الأميركية السعودية في حال قُتل فعلًا خاشقجي داخل القنصلية.
تجاوز غير مسبوق لأنظمة الاستبداد..
بالموازاة، نشرت “واشنطن بوست” مقالًا للصحفية التركية أسلي أيدينتاسباس قالت فيه “حتى الانظمة القمعية نادرًا ما تستهدف صحفيين خارج حدودها، وقضية اختفاء خاشقجي قد تشكّل مستوى جديدًا من “التجاوز الاستبدادي” يتحدى القواعد الأساسية للقانون والنظام الدوليين”.
ولفتت الى أن “العلاقات التركية السعودية شهدت تدهورًا بالفترة الأخيرة، وأنقرة وقفت مع قطر خلال الحملة السعودية الاماراتية ضد الدوحة”.
كذلك لفتت الكاتبة الى أن “حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا مقرب من حركة “الاخوان المسلمين”، والسعودية من جهتها تعتبر “الاخوان” تهديدًا كبيرًا لوجودها.. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يعرف خاشقجي شخصياً، وهو تعهّد بالكشف عن نتائج التحقيق”.
وإذ شددت على أن تركيا لن تتساهل مع هذا الانتهاك لسيادتها”، رأت أن “الاحتجاج التركي لن يحقق شيئًا من دون تدخل الولايات المتحدة.
ونقلت عن مسؤول تركي قوله إن النظام السعودي تجرّأ على القيام بهذا العمل على اراضٍ تركية بسبب علاقاته الوطيدة مع إدارة ترمب. ورأت الكاتبة أن هذا التقييم هو في محله”، وشككت بان تذهب واشنطن أبعد من دعوة وزارة الخارجية الاميركية الى فتح تحقيق”.
صفعة بوجه واشنطن..
وفي مقال حمل عنوان “اختفاء خاشقجي صفعة بوجه الولايات المتحدة” نشرته مجلة “فورين بوليسي”، وصف الدبلوماسي الأميركي السابق وليام إيمبودين السعودية بأنها مملكة استبدادية تعاقب المعارضة وتمارس القمع بحق الشعب”، مؤكدًا أنها دعمت نشر الفكر المتطرف حول العالم.
الكاتب الذي عمل مع إدارة جورج بوش الإبن اعتبر أنه وفي حال قتل خاشقجي بالفعل، فإن جريمة قتله تشكل “عملًا بغيضًا وإهانة للدعم الاميركي لآل سعود”، وتابع “خاشقجي كان يعيش في ظلّ حماية اميركية، واختطافه من تركيا يزيد من “وقاحة الخطة السعودية ضده، وذلك كون تركيا حليفًا اطلسيًّا للولايات المتحدة”.
ولفت الى أن “قضية خاشقجي تؤكد أن ولي العهد السعودي هو حاكم مستبدّ أكثر مما هو إصلاحي، وسواء اعترفت إدارة ترامب أم لا، فإن اختفاء خاشقجي هو عمل وحشي ومأساة وصفعة مذلة بوجه الولايات المتحدة”.
الكاتب قال إن “الصمت الأميركي أمام سلوك ابن سلمان عمومًا ربما كان أحد أسباب اعتقاد وليّ العهد بأن بإمكانه القيام بمثل هذا العمل ضد خاشقجي والافلات من العقاب”.
كما شدد على ضرورة ان تفكّر الولايات المتحدة باتخاذ اجراءات “انتقامية تفرض أثمانًا حقيقية على الرياض”، وأضاف أن من بين الخيارات التي يمكن النظر فيها طرد السفير السعودي لفترة معينة، وفرض حظر على تأشيرات الدخول لمسؤولين سعوديين كبار متواطئين بقتل خاشقجي.