عاشوراء

عاشوراء في مختلف الأديان

اتّخذ اليهود يوم عاشوراء يوم عيد لهم، فهو اليوم الذي أنجى الله -تعالى- فيه نبيّهم من عدوّه، فصاموه وعظّموه وقدّسوه، وكانت النساء يلبسن الحليّ والجميل من اللباس احتفالاً وابتهاجاً، وصامه النّصارى أيضاً وهم أتباع النبيّ عيسى عليه السّلام، فشرائع الإنجيل تُشابه شرائع التّوراة، فكانوا النّصارى يصومون يوم عاشوراء ويعظّمونه، كما صامه اليهود وعظّموه من قبلهم، وبعد أن جاء الإسلام وهاجر الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المدينة المنوّرة وجد اليهود يصومون عاشوراء، فأخبره الصّحابة -رضي الله عنهم- أنّ اليهود يصومون عاشوراء لنجاة موسى -عليه السّلام- في ذلك اليوم، فقال الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه أحقّ بموسى -عليه السّلام- منهم، وأوصى الصّحابة -رضي الله عنهم- بصيامه، فكانوا يصومونه ويعلّمون أبنائهم أيضاً.[١]

يوم عاشوراء

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرّم أوّل شهر من السّنة الهجريّة، وفُضّل عاشوراء على غيره من الأيام؛ لأنّ الله -تعالى- نجّى فيه نبيّه موسى -عليه السّلام- من فرعون، حيث غرق فرعون في البحر ونجى موسى -عليه السّلام- ومن آمن معه، ولم يكن فرعون هيّناً أو عاديّاً؛ حيث نصّب نفسه إلهاً لبني إسرائيل فاستعبدهم واستحيا نساءهم وقتل أطفالهم؛ حِرصاً على دوام حكمه، وطال ظلمه لعدّة سنين حتى وُلد موسى -عليه السّلام- خافت أمّه عليه فألهمها الله -تعالى- بإلقائه في اليمّ حِفْظاً له، فاستقرّ في قصر فرعون،[٢] ولمّا كبُر موسى -عليه السّلام- في قصر فرعون حصل حادث مفصليّ؛ حيث إنّ موسى -عليه السّلام- قتل قبطيّاً بالخطأ، فنصحه رجل بالخروج من مصر فذهب إلى مدين والتقى بالنبيّ شعيب -عليه السّلام- وتزوّج ابنته ومكث في أرض مدين عشر سنين.[٣] عاد موسى -عليه السّلام- إلى مصر بعد عشر سنسن حاملاً رسالة الله -تعالى- والمعجزات المؤيّدة له، فدخل أمام فرعون يدعوه إلى توحيد الله -تعالى- دون خوف ولا وجل ممّن يدّعي الألوهيّة، ووضع أمامه البراهين والمعجزات المؤيّدات له من ربّ العالمين، فاستهزأ فرعون وسخر منها وجادل موسى -عليه السّلام- في ربّه، فورد في القرآن الكريم: (قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ*يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ)،[٤] فألهم الله -تعالى- نبيّه موسى -عليه السّلام- بأن يجعل النّاس هم الحكم بينهما، فاختار موسى يوم عيدهم لعرض دينه ومعجزاته على الملأ، قال الله تعالى: (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى)،[٥] فوافق فرعون وأعدّ عدّته لذلك اليوم، واستدعى أمهر السّحرة للمبارزة المشهودة، ولم يكن لديه شكّ في النصر المؤزّر له، فتقابل موسى -عليه السّلام- مع السّحرة، فألقوا ما بأيديهم من عصيّ، وألقى موسى -عليه السّلام- عصاه التي لقفت عصيّ السّحرة على غير المعهود، قال الله تعالى: (فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ*فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ)،[٦] وحينها أدرك السّحرة أنّ الأمر ليس سحراً كسحرهم وإنّما هو تأييد وقوّة غير عاديّة، فاستجابوا لدعوة موسى -عليه السّلام- وسجدوا لله تعالى؛ حيث ورد في القرآن الكريم: (وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ*قَالُوا آَمَنَّا بِرَبِّ العَالَمِينَ*رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ).[٧][٨] قصد فرعون وجيشه موسى -عليه السّلام- ومن آمن معه، فوصلوا إليهم وقت الشروق، وكان جيش فرعون كبير جدّاً، فمشى موسى ومن معه ولم يجدوا أمامهم إلّا البحر، فظنّ القوم أنّهم مدرَكون، لكنّ موسى -عليه السّلام- كان يقينه بأنّ الله -تعالى- معه وأنّه ناصره ومؤيّده، قال الله تعالى في القرآن الكريم:(قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)،[٩] فأوحى الله -تعالى- لموسى بأن يضرب البحر بالعصا، فانفلق البحر وفُتح لهم طريقاً يبساً بين جنبيه، فعبره موسى ومن معه إلى الضفة الأخرى، ولمّا وصل فرعون وجنوده همّوا أن يقطعوا البحر خلفهم، فحاول موسى -عليه السّلام- أن يضرب البحر مجدّداً بعصاه ليعود كما كان، فأوحى الله إليه أن يترك البحر لحِكمته وعلمه، حيث قال الله تعالى:(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ)،[١٠] فأقدم فرعون ومن معه لقطع البحر من خلف موسى وقومه، فلمّا وصلوا لقلب البحر وأوشك أوّلهم على الخروج منه أرسل الله البحر كما كان، فغرق فرعون وجيشه جميعهم، فكانت نهاية فرعون وظلمه لبني إسرائيل، قال الله تعالى:(وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ*ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ*إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ*وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).[١١][١٢]

فضل صيام يوم عاشوراء

وردت عدّة أحاديث تبيّن فضل صيام يوم عاشوراء وحثّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على ذلك، وفيما يأتي بيان ذلك:[١٣] ذكر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّ صيام عاشوراء يكفّر ذنوب سنة سابقة، حيث قال: (وصيامُ يومِ عاشوراءَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه).[١٤] رُوي عن ابن عبّاس -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يتحيّن صيام يوم عاشوراء أكثر من غيره لعظيم فضله. صام النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- يوم عاشوراء، ثمّ نوى أن يصوم في العام المُقبل اليوم التاسع من شهر محرّم؛ ليخالف سنّة اليهود، لكنّ الله -تعالى- قبض روحه قبل ذلك.[١٥] صيام يوم عاشوراء مسّتحب وليس واجباً. الاقتداء بسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإن كان ترك صيام العاشوراء لا يُكسب المسلم إثماً إلّا أنّ صيامه له فضلاً وأجراً عظيمين كما أنّه اتباع للسنّة النبويّة.

إقرأ المزيد على موضوع.كوم: https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%A7_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%B5%D9%88%D8%AF_%D8%A8%D9%8A%D9%88%D9%85_%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *