“حزب الله باق في سوريا حتى اشعار آخر”، هذا ما قاله أمين عام الحزب السيد حسن نصرالله مؤخرا من خارج الاطار العام للأحداث. فهل من ضغوط جديدة تمارس على الحزب غير تلك التي اعتادها للخروج من سوريا؟ هل دخلت موسكو على خط التمنّي عليه لاتخاذ خطوات في هذا المجال بعد اتفاقها مع أنقرة بخصوص أدلب؟.
تؤكد مصادر مطلعة على أجواء الحزب أن “وجود حزب الله في سوريا دخل منذ نحو 4 أشهر مرحلة جديدة، بحيث لم يعد مرتبطا بالخطر الآني الذي يتهدد سوريا، والذي شكّل طوال السنوات الماضية السبب الرئيسي للتوجه اليها والتمركز هناك، بل بات يسعى لتأمين الأهداف الاستراتيجية للمحور”. وتشير المصادر الى “أننا سنكون على موعد مع تطبيق نظرية “محور مقاومة من دون حدود فاصلة”، لافتة الى ان نصرالله “كان ينتظر الوقت المناسب لاعلان هذا التطور الاستراتيجي وارتأى الكشف عنه عشية إحياء ذكرى عاشوراء”، في ما بدا رسالة متعددة الاتجاهات، لا شك أنها ستشكل صدمة للقريب كما للبعيد.
ولا تتردد المصادر بالاقرار بأن روسيا هي احدى الدول التي تستهدفها الرسالة، “فموسكو وان كانت بكل مواقفها العلنيّة تؤكد أن وجود حزب الله في سوريا مرتبط بقرار يتخذه بالتنسيق مع الدولة السورية، الا أنها تتمنى غير ما تعلن، ألا وهو خروج جميع الأطراف من سوريا مع انتهاء الحرب كي تتحول سوريا بذلك فضاء استراتيجيا روسيا”. وتضيف المصادر: “لا شك أن رسالة نصرالله موجهة بشكل مباشر لاسرائيل وأميركا وتركيا والسعودية وكل من يعنيهم الأمر”، وهو ما سيشكّل تحديًا كبيرا لإرادة واشنطن التي لم تنفك تبحث عن السبل للتضييق على الحزب وطهران للانسحاب من سوريا والمنطقة ككل.
ولا يسعى حزب الله أو ايران لتثبيت وجودهما المفتوح في سوريا من خلال قواعد عسكرية أو مراكز ثابتة، فهذه استراتيجية غير مستحبّة على الاطلاق من قبلهما، لأنها تجعلهما مكشوفان وعرضة لاستهدافات شتّى. وتشير المصادر في هذا المجال الى أن “وجود الحزب في سوريا سيشبه الى حد بعيد وجوده غير المرئي في الجنوب اللبناني”. وتضيف: “ان النظام في سوريا يدعم تماما الموقف الايراني وموقف حزب الله، وهم ينسقون سويّة كل خطوة أو قرار، فالنظام يعرف من حماه ومن أمّن بقاءه طوال السنوات الماضية، وبالتالي هو كان ولا يزال يستمد الكثير من قوته من هذا الوجود الذي يُرًجّح أنه سيتمسك به في المستقبل”.
وان كان نصرالله قارب موضوع بقاء حزبه في سوريا انطلاقا من الاتفاق الذي تم التوصل اليه في ادلب، الا ان المصادر تؤكد أن القرار اتخذ قبل ذلك، متوقّعة أن يسقط هذا الاتفاق في الاشهر القليلة المقبلة بعدما فشلت تركيا حتى الساعة بتطبيق أي من الشروط التي تضمنها. وقالت المصادر: “يبدو واضحا أن ما حصل لعبة روسيّة على الأتراك والأميركيين، وتكرار لسيناريو الغوطة 2013. بعد فشل أنقرة بتنفيذ التزاماتها سيعود العمل العسكري الى الواجهة. اضافة الى أنّ الحشود العسكرية لم تبارح مكانها”.
اذا، هي استراتيجيات جديدة يحاول حزب الله وطهران تثبيتها في سوريا والمنطقة، باطار نظرية “الفضاء المقاوم المفتوح” من ايران الى الحدود الاسرائيليّة سواء مع لبنان أو مع الجولان، فكيف يتلقّف الأخصام والحلفاء هذه المستجدات؟!.النشرة