تزايد الانتقادات لخطة ترامب المزعومة للسلام في الشرق الأوسط: هدم مبادئ العملية السلمية لن يؤدى إلى «صفقة القرن»

لن تكون هناك أي مفاجآت سارة بالنسبة للفلسطينيين من إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع اقتراب موعد الإعلان عن صفقة القرن المزعومة، إذ تشير معظم الدلائل التي التقطها العديد من المراقبين، إلى ان المحادثات المتوقعة لا تسعى إلى تحقيق اتفاقية سلام بين الأطراف المعنية، كما انها لا تؤدي قطعيا إلى دولة فلسطينية وهي، في الواقع، محاولة لهدم مبادئ جميع الاتفاقيات السابقة على مدى عقود، بما في ذلك المبدأ الرئيسي القائم على «الأرض مقابل السلام».
واتفق المحللون الأمريكيون، على اختلاف اتجاهاتهم، على شيء واحد عند تقييم صفقة القرن المزعومة، وهو ان الخطة لا يوجد فيها أي شيء جيد للفلسطينيين، وأنها بعيدة كل البعد عن حل النزاع الإسرائيلي ـ العربي.
وقال محللون ان قرار إدارة ترامب إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، هو الأحدث في سلسلة من الإجراءات العقابية التي اتخذها ضد الفلسطينيين، بناء على إرشادات مجموعة من المستشارين الموالين بقوة لإسرائيل.
واستنتج خبراء في شؤون الشرق الأوسط ان لدى ترامب مفاهيم خاطئة وتصورات غير منطقية واستراتيجية فاشلة فيما يتعلق بصفقته المزعومة، إذ ان خطته تقوم على الضغط على الفلسطينيين ماليا (الإكراه والعقاب الجماعي) حتى يقبلوا بأفكاره حول السلام، وهي بالتأكيد فكرة ملتوية وفاشلة، وفقا لجميع القراءات السياسية. وقد قال ترامب أمام أنصاره من زعماء الطوائف والحاخامات اليهود في الولايات المتحدة، الأسبوع الماضي، «قلت لهم ـ الفلسطينيين، إذا لم نقم بالصفقة، لن ندفع».
الإجراءات الأخرى التي اتخذها ترامب ضد الفلسطينيين، كانت تهدف إلى القضاء على أركان العملية السلمية (القدس المحتلة، والعودة، وحق تقرير المصير، واستعادة الأراضي مقابل السلام) إذ قام بتحريك السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة ضمن سلسلة مستمرة من الإجراءات الهادفة إلى إجبار الفلسطينيين على التخلي عن مطالبهم.
ولاحظت منصات إعلامية رئيسية، من بينها صحيفة «لوس انجلوس» ان ترامب يجب ان يفهم ان التحدي الفلسطيني ليس مفاجئا لأن لديهم تاريخ طويل في مقاومة الإكراه الإسرائيلي والضغط الأمريكي، وان من السخافة، الاعتقاد بأنه يوجد أي سبب لتوقع استسلامهم، خاصة وان خطة إدارة ترامب منحازة لإسرائيل، أكثر من أي خطة سابقة. وأضافت الصحيفة ان من الأفضل ان تحاول إدارة ترامب تشجيع الإسرائيليين والفلسطينيين على الرغبة في صنع السلام بدلا من الترويج لخطة تناسب شروط رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو.
وتظاهر جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي ومستشاره بأنه عثر على حل جديد ومبتكر لخطة السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية المزعومة، ولكنه في الواقع قدم فكرة قديمة مرفوضة هي اتحاد كونفدرالي بين الأردن والضفة الغربية المحتلة. كما أدلى بعدة تعليقات خطيرة تحاول إلغاء الارتباط الديني للمسلمين مع القدس المحتلة.
ورفض الفلسطينيون مرارا الفكرة التي تعود لعقود من الزمن، واصروا باستمرار على إقامة دولة مستقلة في حين لم ينظر الأردنيون إلى الفكرة كفرصة، وفقا لتعليقات العديد من المحللين الأمريكيين، بل كتهديد محتمل للهوية. ومن الجانب الرسمي تكررت تصريحات حاسمة تفيد بانه لا يمكن النقاش في موضوع الكونفدرالية إذا لم تكن هناك دولة فلسطينية من الجانب الآخر.
وقطع العاهل الأردني الراحل، الملك حسين، الارتباط الإداري مع الضفة الغربية عام 1988 مع الانتفاضة الفلسطينية، وفي عام 1994 وقع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل، وهي في رأي عمان إنهاء للخيار الأردني بشكل دائم ودعم لحل الدولتين، وسارع العديد من المسؤولين للإعلان بأن الاقتراح ليس على الطاولة، وقال الملك عبد الله الثاني أنه خط أحمر لا ينبغي تجاوزه.
المواقف الفلسطينية والأردنية والعربية واضحة تماما من الفكرة التي يتم تجديدها كثيرا، لأسباب مجهولة، ولكن يتم إسقاطها في كل مرة، وليس من حق الإسرائيليين أو الأمريكيين الإصرار على شيء يخالف هذه الرغبة، وفقا لرأى الكاتب كورتيس ريان في صحيفة «واشنطن بوست» الذي أكد على مسألة مهمة للغاية هي ان الأردنيين يعلمون جيدا ان الصفقة الكبرى المزعومة لترامب أو صفقة القرن لا يقصد بها أن تكون خطوة نحو دولة فلسطينية، وانما هي نهاية اللعبة كحل يضر بالأردنيين والفلسطينيين.
وبغض النظر، عما إذا كانت الخطة المزعومة ستركز على قصة الكونفدرالية أو أي شكل آخر، مرفوض من الجانب الفلسطيني والعربي والإسلامي فإن إدارة ترامب لن تطرح أي فكرة لا ترتاح لها إسرائيل، على حد تعبير جيسون غرينبلات، المبعوث الأمريكي للسلام، الذي قال مرارا ان هناك ظروفا فريدة من نوعها تتطلب المحاولة، لأن ترامب كرس نفسه لدولة إسرائيل والشعب اليهودي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *