لم يعد أحد يستبعد الحرب بين “محور المقاومة” وإسرائيل. ولا احد ايضاً يستبعد المصلحة الروسية، بأن تُصفع تل أبيب صفعة قوية، بعدما تجرّأت على التطاول على روسيا في سوريا، مرات عدة، آخرها الاستهداف الاسرائيلي الذي طال الساحل السوري، حيث النفوذ الروسي، وأدى الى إسقاط طائرة روسية ومقتل ركّابها فوق البحر قبالة اللاذقية.
إضغط للمزيد
لن تقبل موسكو هذه المرة السكوت، ولا تجاوز التعدي الاستفزازي في وضح النهار. هي لن تشن حرباً مباشرة ضد اسرائيل، لكنها ستستكمل تزويد الجيش السوري بدفاعات جوية حديثة، لنشرها على طول المساحة السوريّة الممتدة من الجنوب، الى الوسط، فالساحل. لن يقتصر الرد عند هذا الحد، بل اعلمت موسكو تل أبيب أنها ستستهدف اي طائرة اسرائيلية تشكّل خطرا على نفوذها في سوريا، ما يعني أن الغارات الاسرائيلية ممنوعة، بعدما دأبت تل أبيب على شنها في سنوات الأزمة السورية، تحت حجة ضرب مواقع ومصالح وأسلحة إيرانية.
لا يكفي كل ذلك، بالنسبة الى الروس، فقد سقطت ورقة التوت، بعد تمدد الاعتداءات الاسرائيلية لكسر الهيبة الروسية في المنطقة، وسعي تل ابيب لتلبية الرغبات الأميركية، وجرّ الكل الى حروب، تشكّل مخرجا للمأزق الاسرائيلي، وتفرض شروط تل أبيب في سوريا ولبنان. لكن الروس تنبّهوا، بعد رفضهم تقديم ضمانات للاسرائيليين، في سوريا، خصوصا انهم يشكّلون الحلف الوثيق مع واشنطن، التي تستكمل حربها الإقتصادية المباشرة على موسكو، بالحصار والعقوبات، ، وتتابع حروبها العسكرية والإلغائية غير المباشرة ضد الروس، من أوكرانيا الى سوريا.
كل ذلك يستولد البيئة المؤاتية لحرب، تكون اسرائيل و”محور المقاومة” فيها وجهاً لوجه، في اكثر من جبهة: لبنانية وسورية وفلسطينية. ستدعم فيها واشنطن تل ابيب، بينما ستقتص موسكو من الاسرائيليين، عبر دعم مفتوح للمحور الذي يقاتل اسرائيل.
من يبدأ الحرب؟ ومتى؟ تلك هي الأسئلة المطروحة، بعدما استعدّ الجميع لتلك الحرب التي تعتقد اسرائيل أنها ستؤدي الى جر الولايات المتحدة الى مواجهة مباشرة، بعدما عقدت واشنطن العزم على الانسحاب من قاعدة التنف الحدودية السورية-العراقية. لكن مسارها المتوقع سيكون مختلفاً هذه المرة. كل المعطيات توحي، بأن إسرائيل ستتعرض الى أعنف هجمات صاروخية تطال كل مواقعها الحيوية، وستكون طائراتها هدفا سهلا لمنظومة دفاع جوي عملت روسيا على تطويره وتحديثه في سوريا. والأهم، أن “حزب الله” وضع خطّة للدخول الى الجليل هذه المرة، ولن تقتصر المواجهة في قاموسه على الدفاع فقط. كما ستتفاجأ اسرائيل بحجم الاستهدافات التي ستطالها من جبهة غزة. هناك مفاجآت عسكرية سريعة ونوعية، هذا ما يردّده معنيّون في مجالسهم، وهو ما ظهر في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وادى الى استنفار سياسي واعلامي في تل ابيب، قلقاً من تهور رئيس وزرائهم بنيامين نتانياهو الذي يريد حرباً ايضاً، للهروب من ازماته الداخلية المتلاحقة.
تلك الحرب المتوقعة، يحتاج اليها كل فريق. روسيا تسعى للانتقام من تل ابيب ووضع حد لتجرؤها على موسكو في سوريا. إيران تريد الاقتصاص من الاميركيين الذين يحاصرون طهران إقتصاديا، فيأتي ضرب الذراع الأميركية الأساسية في المنطقة، ليحمل مخارج لاحقة يفرضها تفاوض ما بعد الحرب. سوريّاً، لم تعد دمشق تتحمل المزيد من الغارات الاسرائيلية من دون ردّ حاسم، لأن تل ابيب تتعمّد إضعاف القدرات السوريّة العسكريّة والتكنولوجيّة والبحثيّة العلميّة، من خلال استهدافات متكررة ووقحة. وفي لبنان، المشهد لم يتغير في الصراع المفتوح بين الاسرائيليين و”جبهة المقاومة”. بينما تتفرج تركيا على صراع بين نفوذين: أميركي وروسي. بعدما اصبحت انقره اقرب الى الروس والايرانيين، نتيجة العقاب الاميركي المفتوح بحق تركيا. خارطة التحالفات والمصالح جعلت الإيرانيين يقدّمون للروس خدمات عسكرية، بالسماح لهم استخدام قاعدة جوية إيرانية، بغاية خدمة الاهداف المشتركة في سوريا.
قد تكون الاسابيع القليلة المقبلة حاسمة، لأن الكل ينتظر الكل: من يطلق الشرارة المباشرة لتبدأ المواجهة؟النشرة