أكدت مصادر فلسطينية لـوكالة “النشرة”، عن مخاوف حقيقية لبنانية وفلسطينية مشتركة من قيام الولايات المتحدة الاميركية بممارسة ضغوط سياسية ومالية لفرض توطين اللاجئين الفلسطينيين وفق خطة بدأ الاعلام الاسرائيلي يروج لها للتوطين في لبنان، سوريا، الاردن والعراق لشطب حق العودة، وهذا ما عبر عنه بوضوح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في أكثر من مناسبة ومحفل دولي ومحلي.
وأشارت المصادر، الى ان الخطوات الاميركية المتلاحقة دلّت بوضوح على السير قُدما في هذا الاتجاه رغم كل الاعتراضات الفلسطينية والعربية والدولية، والتي بدأت بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ”اسرائيل” ثم نقل السفارة الاميركية اليها، وتخفيض المساعدات المالية لوكالة “الاونروا” ثم وقفها بالكامل، مرورا بخفض المساعدات الماليّة للسلطة الفلسطينية، ثم اقفال مكتب “منظمة التحرير الفلسطينية” في واشنطن، وصولا الى المسمار الاخير بإسقاط صفة اللاجئين بالوراثة، بحيث ينخفض العدد من 5 ملايين الى 500 الف فقط.
وأكدت هذه المصادر ان ترجمة المخاوف، تندرج اليوم بقيام الولايات المتحدة الاميركية بتحويل الأموال الى المفوضية العليا للاجئين لتصبح مسؤولة عن رعاية اللاجئين الفلسطينيين ضمن اطار رعايتهم في العالم، تزامنا مع انهاء عمل وكالة “الاونروا”، توازيا مع دفع مساعدات مالية مقطوعة للدول المضيفة لتأمين خدمات التعليم والصحة ما يعني تحمل مسؤولياتهم تدريجيا وتاليا بداية التوطين وشطب حق العودة.
واوضحت ان ما عزز هذه المخاوف ايضا، الاحصاء الاخير الذي انجزه لبنان بشأن الفلسطينيين للحصول على قاعدة بيانات واضحة تساهم باقرار الحقوق المدنية والاجتماعية للشعب الفلسطيني في لبنان، بحيث يتم استخدامه بشكل سلبي وعكسي، بأنّ الاعداد ضئيلة وبالتالي فإن التوطين لن يغيّر بالمعادلة الديمغرافية والجفرافية في لبنان، ناهيك عن العزف على وتر انهيار اقتصادي قريبا لاجبار واخضاع لبنان على تلقي منح مالية كبيرة، تقوم بسد العجز مقابل الموافقة على التوطين واعادة النهوض بالاقتصاد والحفاظ على قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.
وشددت المصادر، ان القوى الفلسطينية في لبنان لن تستسلم لهذه الخطوات الاميركية رغم كل الضغوطات، وهي ستقوم بحراك سياسي وشعبي للتصدي لمؤامرة التوطين، وستكون متدحرجة، بحيث تبعث رسالة الى المجتمع الدولي بضرورة دعم “الاونروا” واستمرار عملها خوفا من انفجار اجتماعي وامني في المخيّمات ناهيك وفي الوقت نفسه، مع الضغط المستمرّ على ادارة “الاونروا” من أجل عدم تقليص خدماتها والسعي الجدي لتأمين الدعم المالي الكافي بعيدا عن اي عجز باعتبار ذلك مسؤولية المجتمع الدولي.
وكشفت مصادر فلسطينية لـ “النشرة”، ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وخلال رعايته توقيع وثيقة “العمل الفلسطيني المشترك” في عين التينة بين القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، نصح المسؤولين المشاركين بالاسراع بإعداد خطّة تحرك فلسطينية موحّدة، شبيهة بتلك التي شُكّلت في العام 2016 لمواجهة أزمة تقليصات خدمات “الاونروا” الصحية وذلك لمواجهة الخطوات الاميركية والحفاظ على بقاء “الاونروا” كشاهد حي على قضية اللاجئين والعودة.
وقال أمين سر “اللجان الشعبية الفلسطينية” في لبنان ابو أياد شعلان لـ”النشرة”، ان اللجان بصدد وضع خطّة تحرك للحفاظ على “الاونروا” ورفع الصوت عاليا لتأمين الدعم المالي المطلوب”، مشددا على “ضرورة بذل كلِّ الجهود لمواصلة العمل والتنسيق مع المؤسسات العاملة في الوسط الفلسطيني كافّةً، وتعزيز العلاقة معها بما يخدم مصالح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”، موضحا ان “التحرُّكات السِّلمية والمندِّدة بسياسات الولايات المتحدة الأميركيّة المساندة للعدوان الصهيوني سوف تتواصل وتتصاعد لتحقيق هدفها”، مؤكدا “أهميّة الحفاظ على “الأونروا” ومطالبة المجتمع والأسرة الدولية والأمم المتحدة بتحمُّل مسؤولياتهم تجاه الشعب الفلسطيني واللاجئين الفلسطينيين وتأمين الدعم المالي لتتمكَّن الوكالة من استمرار تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في الأقطار الخمسة”.
وأكَّد “أنَّ شعبنا الفلسطيني الذي قاومَ وأسقطَ العديد من المؤامرات التي حيكت ضدّه عبر مسيرة كفاحه ونضاله المستمر هو قادرٌ اليوم على إسقاط وإفشال المؤامرات كافّةً بما فيها “صفقة القرن” التي تستهدف المشروع الوطني الفلسطيني برمّته، وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة باتِّخاذ خطوات سريعة وفورية لسدِّ العجز المالي الذي أحدثه قرار قطع المساعدات المالية الأمريكية عن وكالة “الأونروا”.