قال الباحث في الدراسات الدينية بجامعة كنت البريطانية، لويس لي، إن ثقتك في البحث القائم على العلم والأدلة لا يعني أن عقلك يعمل بنفس الطريقة التي يعمل بها العلم.
وأضاف لي في مقال بمجلة نيوزويك الأمريكية، ان الملحدين يقولون ان سبب إلحادهم جاء لحظة اكتشافهم أن الدين لا معنى له، بينما أظهر العلم أن الملحدين ليسوا أكثر عقلانية من المؤمنين، لأنهم عرضة كغيرهم، للتفكير الجماعي وعمليات الإدراك غير العقلانية، حيث انهم قد يتبعون كغيرهم من المتدينين، شخصيات “كارزمية” اتباعا أعمى، حيث ان عقول البشر تفضل في الغالب “الصالح” بدلا من الحقيقة، كما يقول عالم النفس جوناثان هيدت.
وأضاف المقال ان المعتقدات الإلحادية لا علاقة كبيرة لها بالبحث العقلاني، حيث يبتعد بعض الأطفال غير المتدينين لآباء متدينين، عن معتقدات آبائهم لأسباب لا علاقة لها بالتفكير المنطقي، باعتبار أن العامل الحاسم هو التعلم من أفعال الآباء وليس أفكارهم. فإذا قال الأب لابنه إنه مسيحي ولم يؤد ما يلزمه به دينه مثل الذهاب إلى الكنيسة، فإن الابن وببساطة لن يعير -فكرة أن الدين له معنى مثلما يقول أبوه- أي اهتمام.
وعندما يرى بعض الآباء أن أبناءهم يجب أن يختاروا الاعتقاد الذي يروق لهم، فهم يعززون فكرة أن الدين ليس بالحقيقة المقدسة وقابل للاختيار. ولذلك ليس غريبا أن نجد أن 95% من هؤلاء الأطفال ينتهون إلى اختيار الإلحاد.
العلم مقابل الدين
وأضاف المقال ان اتباع العلم لا علاقة له بالتدين والإلحاد، حيث ان هناك نظم فكرية معادية علنا للعلم وتعتبره متسلطا على الحياة البشرية، بينما هناك نظم أخرى تحترم العلم وتتبعه في كثير من مجالات الحياة، فالبروتستانت يرون العقلانية مركزية بحياتهم الدينية، بينما يرى ملحدون “ما بعد حداثيين” أن المعرفة البشرية حدودها ضيقة وتمثل إشكالية خاصة بالقضايا الوجودية والأخلاقية، وهؤلاء قد يتبعون مفكرين مثل بودلير الذي يقول إن المعرفة الحقيقية لا توجد إلا في “التعبير الفني”.
وأشار الى مخاطبة بعض العلوم للنفس والقلب لدى الملحدين، بنفس الطريقة التي يعطيها الاعتقاد الديني للمؤمن، فعلم الأحياء على سبيل المثال، يتجاوز كونه موضوعا لمحبي الاستطلاع من الملحدين، فهو يعطي معنى وراحة مثل الاعتقاد الديني، كما يرى علماء النفس أن الثقة في العلم تزداد وقت الضغوط النفسية والقلق الوجودي، بالضبط مثلما تزداد الثقة بالدين للمؤمنين في مثل هذه الأوقات.
وخلص المقال الى ان العقلانية قد تم تضخيمها بشكل عام، لأن البراعة البشرية تعتمد على أكثر من التفكير العقلاني. والبشر مجبولون على أن يتمتعوا بالأخلاق، حتى إذا لم يتوصلوا لها بالطريقة العقلانية التي يعتقدون أنهم عليها، كما ان القدرة على اتخاذ قرارات سريعة تتبع العواطف والحدس لا العقل، وهي صفات بشرية مهمة وحاسمة بالنسبة للنجاح.