حينما وقّع الفلسطينيون والصهاينة على اتفاق أوسلو في عام 1993، كان عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية نحو 253 ألفاً، ولكن بعد مرور 25 عاماً على هذا الاتفاق، فإن عدد هؤلاء المستوطنين بات يزيد عن 670 ألفاً.
في عام 1993، كان عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية نحو 253 ألفاً، ولكن بعد مرور 25 عاماً على اتفاق أوسلو، فإن عدد هؤلاء المستوطنين بات يزيد عن 670 ألفاً
هذا التزايد الهائل في أعداد المستوطنين، حوّل آمال الفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة على ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية (الضفة الغربية وغزة)، حُلماً صعب المنال، حيث يقيم هؤلاء المستوطنون في أحياء داخل أراضي الضفة الغربية، يحميها عشرات الآلاف من الجنود.
ويصادف اليوم الثالث عشر من سبتمبر/أيلول، الذكرى الـ 25 على توقيع اتفاق أوسلو للسلام، بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، والذي كان ينص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة في العام 1999، وهو الأمر الذي ينفذ على أرض الواقع.
ويُقيم المستوطنون اليهود، في 127 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية عشوائية (غير مرخصة) في الضفة الغربية، و15 مستوطنة مقامة على أراضي مدينة القدس الشرقية المحتلة، بحسب خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية (غير حكومية).
وقال التفكجي، وهو خبير في شؤون الاستيطان، إنه بعد أن كان هناك 153 ألف مستوطن في القدس الشرقية و105 آلاف مستوطن في الضفة الغربية في العام 1993، فإن العدد ارتفع الآن الى 220 ألفاً في القدس الشرقية، و450 ألفاً في الضفة الغربية.
وكان الفلسطينيون، يأملون أن يؤدي اتفاق أوسلو الى قيام دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967، والتي تشمل الضفة الغربية، (بما فيها القدس الشرقية)، وقطاع غزة.
ولكن ينظر الى الاستيطان على أنه واحد من أهم عوامل فشل اتفاق أوسلو، الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية بعد 5 أعوام انتقالية (عام 1999) تعقب توقيع الاتفاق.
ينظر الى الاستيطان على أنه واحد من أهم عوامل فشل اتفاق أوسلو، الذي كان من المفترض أن يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية.
ولكل من الفلسطينيين والإسرائيليين، تفسيره الخاص لهذا الاتفاق، بما يخص الاستيطان.
وقالت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، في دراسة حديثة: “نصّت اتفاقية أوسلو الأولى على أنه لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير وضع الضفة الغربية وقطاع غزة في انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي”.
وأضافت: “بدلاً من الالتزام بذلك بحسن نية، واصلت إسرائيل بناء المستوطنات طوال هذه الفترة الانتقالية، فاستحوذت فعلياً على المزيد من الأراضي في الضفة الغربية، وخفضت الكعكة التي كان علينا التفاوض عليها”.
وتابعت دائرة شؤون المفاوضات، مشيرة إلى التزايد الكبير في أعداد المستوطنين: “هذا يتناقض بشكل مباشر مع الالتزام الواضح بعدم اتخاذ خطوات لتغيير وضع هذه المناطق في انتظار مفاوضات الوضع النهائي”.
ولكن المسؤولين الصهاينة، أعلنوا مراراً طوال العقديْن الماضييْن إن اتفاق أوسلو لا يلزم إسرائيل بوقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وكشف استطلاع للرأي العام الفلسطيني نشرت نتائجه، الأربعاء، النقاب أن الفلسطينيين يحملون فشل أوسلو أساساً إلى الاستيطان .
وقال المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية، الذي يتخذ من رام الله مقرا له: “قالت نسبة من 36% إن السبب الأول لفشل أوسلو هو أن دولة الاحتلال لم تلتزم بإنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان، وقالت نسبة من 35% إن السبب الأول هو أن المجتمع الدولي لم يضغط على الكيان الصهيوني، وقالت نسبة من 27% إن سبب الفشل الأول يعود للفلسطينيين أنفسهم”.
وجرى الاستطلاع في الفترة ما بين 5-8 سبتمبر/أيلول الجاري، وشمل عينة عشوائية من الأشخاص البالغين بلغ عددها 1270 شخصاً.
ولهذا الاعتقاد السائد ما بين الفلسطينيين ما يبرره، إذ بات الاستيطان مشهد يومي في الضفة الغربية، وآخذ في التوسع.
وقال التفكجي: “باستثناء البؤر الاستيطانية العشوائية فإن أعداد المستوطنات لم تزدد كثيراً، ولكنها توسعت بشكل كبير وهو ما يفسر هذه الزيادة الكبيرة في أعداد المستوطنين”.
وأضاف التفكجي، وهو مفاوض فلسطيني سابق: “في المفاوضات التي جرت مع تل ابيب في الماضي كان المفاوضون الإسرائيليون يتحدثون عن رغبتهم بالإبقاء على عدد من الكتل الاستيطانية الكبرى في إطار اتفاق لتبادل الأراضي ولكن إسرائيل تقوم اليوم إنها لن تتخلى عن أي مستوطنة بما فيها المستوطنات النائية”.
وتابع: “لقد أطلقت الحكومة الإسرائيلية العنان للمستوطنات في كل مكان، بما في ذلك إقامة مستوطنات في داخل الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس الشرقية مثل رأس العامود وسلوان والشيخ جراح لمنع أي إمكانية لقيام عاصمة فيها للدولة فلسطينية مستقبلية”.
وينظر المجتمع الدولي الى الاستيطان على أنه “عقبة في طريق حل الدولتين القاضي بإقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيا الى جانب دولة إسرائيل”.
وحتى وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى البيت الأبيض مطلع العام الماضي 2017، كان الاستيطان بالنسبة للإدارات الأمريكية عقبة في طريق السلام ولطالما طلبت من إسرائيل وقفه.
ولكن الإدارة الأمريكية غضت الطرف عن النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بل إن السفير الأمريكي الحالي في الكيان الصهيوني ديفيد فريدمان اعتبر في سبتمبر/أيلول 2017 أن “المستوطنات جزء من إسرائيل”.
وفي إبريل/نيسان 2018، أوقفت وزارة الخارجية الأمريكية استخدام تعبير “الأراضي المحتلة”، في إشارة الى الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة.
ولفت التفكجي في هذا الصدد إلى أن فترة العاميْن الماضي والحالي، منذ وصول الرئيس الأمريكي ترامب الى البيت الأبيض شهدت انتعاشاً للمستوطنات .
وقال: “نسمع في كل يوم عن قرارات استيطانية جديدة وعن مخططات جديدة”.
وفي العام 2005، فككت سلطات العدو مستوطناتها في قطاع غزة، وأخلت القطاع من المستوطنين والمراكز العسكرية الإسرائيلية.
ولكن التفكجي يستبعد سيناريو مشابهاً في الضفة الغربية، وقال: “بالنسبة لإسرائيل فإن الاستيطان في الضفة الغربية والقدس هو أمر واجب من ناحية عقائدية ودينية، ومفيد من ناحية أمنية ومائية واقتصادية”.
وأضاف: “لم يسبق لتل ابيب أن اعتبرت أن الاستيطان في قطاع غزة جزء من العقيدة اليهودية”.
وفي السنوات الأخيرة، أعلنت الحكومة الصهيونية أنها لن تخلي المستوطنات بل ذهبت إلى حد التلويح بضم 60% من مساحة الضفة الغربية .
ويختم التفكجي حديثه قائلاً: “عند التوقيع على اتفاق أوسلو، كان من الممكن أن تكون هناك دولة فلسطينية عاصمتها القدس أما الآن فهو مستحيل”. (الأناضول)