أمام التطورات الخطيرة التي يشهدها ملف الضمان الاجتماعي، ولا سيما قرار الحكومة الرقم 6 القاضي بتمديد مهل براءتي الذمة لشركتي الخليوي، عبّر اتحاد الوفاء لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان واللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام عن رفضهما القاطع لأي إجراء أو قرار يضعف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي أو يهدّد حقوق العمال والمضمونين الذين أفنوا عمرهم في خدمة الوطن والإنتاج.
وأكد اتحاد الوفاء لنقابات العمال في بيان: “أن هذا القرار الحكومي يشكّل تجاوزًا لقانون الضمان وانحرافًا عن مبادئ العدالة الاجتماعية، ويمنح بعض المؤسسات امتيازات استثنائية على حساب أموال المضمونين وحقوقهم، ويشجع مؤسسات أخرى على التهرب من مستحقات الضمان ويوجد الفوضى بتسديدها، وعلى الدولة أن تكون القدوة في الالتزام بالقوانين ودفع المتوجبات المتراكمة عليها لصالح الضمان الاجتماعي”. وأضاف: “وإذ يحذر الاتحاد من خطورة المساس بتعويضات نهاية الخدمة أو محاولة الالتفاف على حقوق المضمونين، فإنه يدعو فخامة رئيس الجمهورية لعدم توقيع مرسوم تمديد مهل براءتي الذمة لشركتي الخليوي واعادته إلى مجلس إدارة الضمان لإجراء اللازم القانوني فيه، وحفظ أموال الصندوق وحقوق العمال”.
كما أعلن اتحاد الوفاء عن تضامنه الكامل مع النقابات والاتحادات العمالية كلها، والتي دعت إلى التحرك والاعتصام اليوم الأربعاء (15 تشرين الأول 2025) أمام المقر الرئيسي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في بيروت، مؤكدًا أن الاتحاد سيكون في طليعة الصفوف دفاعًا عن حق المضمونين في أمانهم الاجتماعي، وحق الوطن في مؤسسات شفافة وعادلة.
وشدد الاتحاد في بيانه على أن: “الضمان الاجتماعي هو ملك العمال والمستخدمين اللبنانيين كافة، وصونه واجب وطني لا مساومة فيه”.
عاملو القطاع العام
بدوره رأى اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام أن الحكومة أقدمت في لحظة مفصلية من مسار الانهيار الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه لبنان، على خطوة خطيرة عبر قرارها الرقم 6 القاضي بتمديد مهل براءتي الذمة لشركتي الخليوي، وكأنها تُكافئ التهرّب وتُعاقب الالتزام، وتُشرّع للمحظيين ما تحاسِب عليه سائر المؤسسات والعمال والمواطنين”. وقال اللقاء في بيان: إن: “في هذا القرار مس مباشر بمبدأ المساواة أمام القانون، وانحراف عن جوهر فلسفة الضمان الاجتماعي الذي أُنشئ أساسًا لحماية العامل من تعسّف رأس المال، لا لحماية رأس المال من واجباته تجاه العامل. والمسألة هنا ليست تقنية ولا إدارية، بل قضية عدالة اجتماعية ودستورية تمسّ جوهر العقد الاجتماعي بين الدولة ومواطنيها”.
وأشار إلى أن: “المرسوم المقترح لا يقتصر على كونه إجراءً ماليًّا موقتًا، بل يكرّس سابقة قانونية خطيرة تتيح لمؤسسات كبرى أن تتحرّر من التزاماتها تجاه الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في وقت يعاني فيه صندوق الضمان عجزًا مزمنًا سببه الرئيس التهرّب من الاشتراكات وضعف آليات الرقابة. وهذا القرار، إن نُفّذ، سيكون بمثابة ضوء أخضر لتوسيع رقعة الإعفاءات على حساب المال العام وحقوق العمّال”.
وذكّر بأن: “أموال الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ليست أموالًا عامة عادية، هي أموال خاصة تعود للمضمونين أنفسهم، يحميها القانون ويمنع المساس بها أو التصرّف فيها، إلا في إطار الغاية التي أُنشئ من أجلها الصندوق. وبالتالي فإن أي إجراء أو مرسوم يؤدي إلى تعطيل تحصيل هذه الأموال، يُعد اعتداءً على الملكية الفردية المضمونة دستورًا، وانتهاكًا فاضحًا لحقوق العمّال والمستخدمين”.
ودعا البيان رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى: “ممارسة دوره الدستوري في حماية العدالة الاجتماعية، برفض توقيع المرسوم وإعادته إلى مجلس الوزراء لإعادة النظر فيه، حرصًا على المصلحة الوطنية العليا، وإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي إلى القيام بواجباتها القانونية الكاملة، خصوصًا عبر تفعيل التفتيش والمراقبة على المؤسسات والشركات الكبرى للتأكد من صحة التصاريح والرواتب المصرّح عنها، ووضع حدٍّ للتلاعب الممنهج بالأجور الذي يحرم العمال من حقوقهم الحقيقية”.
كما دعا “الهيئات النقابية والعمالية كافة إلى التكاتف في موقف موحّد، دفاعًا عن الضمان الاجتماعي كونه آخر حصون الحماية الاجتماعية في لبنان”. وشدّد على أن: “معركة حماية الضمان الاجتماعي تتجاوز حدود التحرك النقابي المطلبي المحق، لتصبح قضية كرامة وطنية وعدالة اجتماعية. والدولة التي تُعفي القادر وتغضّ الطرف عن الميسور، بينما تُرهق الموظف والعامل والمواطن بالضرائب والاقتطاعات كما جاء في مشروع موازنة العام 2026، هي دولة تُفرّغ نفسها من معناها، ومن أحد أهم مسوغات وجودها”.
وأكد أن: “السكوت عن هذا القرار تواطؤ، ومواجهته واجب وطني، وكلنا اليوم مع الاعتصام أمام المركز الرئيس للضمان دفاعًا عن الضمان، فحقوق العمّال ليست منّة من أحد، بل هي ثمرة عرق وجهد، ومَن يعتدي عليها يعتدي على الانتظام العام وعلى فكرة الدولة نفسها”.
اعتصال في الشمال
وفي السياق؛ نفذ اتحاد نقابات العمال المستخدمين في لبنان الشمالي اعتصامًا احتجاجيًا أمام مركز ضمان طرابلس، وذلك رفضًا لمنح براءة ذمة لشركتي الخلوي، دون الرجوع إلى الضمان.
وأكد رئيس اتحاد نقابات العمال المستخدمين في لبنان الشمالي شادي السيد، أن هذا الإجراء يضرّ بالضمان وبمالية الدولة والعمال، مطالبًا الحكومة بـ”إلغاء القرار الذي يُشكل سابقة خطيرة تُهدّد حقوق العمال والمستفيدين من الضمان”.
من جهته، شدد مدير ضمان طرابلس محمد زكي على أن الضمان وتعويضات نهاية الخدمة “خط أحمر”، مناشدًا رئيس الجمهورية التدخل لـ”وقف هذا القرار الذي سيؤدي إلى حرمان العمال من حقوقهم وسيضر بالضمان”.
بدوره، أكد نقيب عمال شركة كهرباء قاديشا فادي جبور أن هذا الإجراء سيعود بالضرر على كلّ مستفيد، مطالبًا بـ”إعادة النظر في القرار لحماية حقوق العمال”. مناشدًا الحكومة تحمل مسؤوليتها تجاه حقوق العمال والمستفيدين من الضمان”.
وطالب المعتصمون الحكومة بالتراجع عن هذا القرار، وحملوها المسؤولية الكاملة عن أي تطوّرات قد تترتب على هذا القرار.