الاستقامة والثبات بين الأصولية والوصولية.. خطبة جمعة للشيخ د.بلال شعبان في مسجد التوبة طرابلس لبنان

ألقى الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان خطبة الجمعة من على منبر مسجد التوبة بطرابلس 25 نيسان 2025.
وقال فضيلته “إنّ الثبات على المواقف من شيم الرجال، والثبات آية من آيات القرآن، ووصية النبي العدنان، عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام.
الله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله “إنّ الّذين قالوا ربّنا الله ثمّ استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون” وقال في آية أخرى “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ، نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ، نُزُلا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ، وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ”.
الاستقامة على أمر الله عز وجل أمر وواجب قرآني على كل مسلم، لأنّ الثبات على القيام وعلى المبادئ القرآنية الحقة هو شرع الله عز وجل لأن الله عندما امتدح الرجال لم يمتدحهم لأنهم حافوا على حياتهم لا بل قال “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا” صادقون، رحلوا، ومنهم من ينتظر أن يموت والرجولة وما بدلوا تبديلا، فالصدق مع الله عز وجل يكون بالاستقامة والثبات على القيم والمبادئ.
سأل أحد الصحابة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم سؤالا جامعا مانعا، “قال قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه بعدك أحداً أبداً قال قل آمنت بالله ثم استقم” وفي رواية قل ربي الله ثم استقم… فما هي هذه الاستقامة؟ لأنك بثباتك على الحق تستطيع أن تصل إلى ما وعد الله تبارك وتعالى به “وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم” إذا القضية يجب أن تكون في دائرة الاستقامة. أحيانا يتعرض الإنسان المسلم في الدعوة للكثير من العواصف وللكثير من النوازل، فالاستقامة لا تكون بعيدا عن الابتلاء…
الله عز وجل وجل يبتلي الناس في ظل الظروف وفي كل الأحوال، ولا تستطيع أن تعلم مخبر كل إنسان إلا إن ابتليته إلا إن اختبرته بالصحة بالعافية بالمرض بالسقم بالعطاء بالمنع، بالغنى بالفقر بالخوف بالأمن، بالقوة بالضعف… هناك أناس يتبدلون فيما بين الضعف والقوة فيما بين الغنى والفقر، يتحول البعض منهم إلى شخص مختلف كلي، عندما يكون ضعيفا يكون ذليلا يخضع للشرق وللغرب، وعندما يكون قويا يتحول إلى فرعون يتسلط على الخلق وعلى الناس، عندما يكون فقيرا يتحول إلى مسكين يستعطي، يطأطئ الرقبة وعندما يصبح غنيا يصبح من قوارين العصر يتمرد على الناس… الأمر قل آمنت بالله ثم استقم، استقم على أمر الله على التواضع على الثقة بالله على اليقين بالله بأنه سينصر المستضعفين سيقف إلى جانب المؤمنين، وهو القائل وكان حقا علينا نصر المؤمنين… كثير من الناس اليوم يخلطون فيما بين المساحة التي يستطيع أن يسلك فيها بالمتغيرات وبين تبديل الثوابت، نحن لدينا في الإسلام الثوابت والمتغيرات ومن الثوابت فاعلم أنه لا إله إلا الله من 1400 عام، لا تتغير مهما تغيرت الظروف هي من التوحيد من الأساسيات، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. قد تتغير طريقة الدعوة إلى الله عز وجل بتحسينها باستخدام كل الوسائل المتاحة في السابق كانت الدعوة شفوية قد تكون اليوم شفوية وإلكترونية وفضائية وأرضية، ولكن يبقى الشعار الثبات قل آمنت بالله ثم استقم. الإيمان بالله وتوحيد الله تبارك في علاه، من الثوابت وحدة الأمة وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون… كثير من الأحيان يقول لك قد تكون التعددية حالة من حالات الغنى… أما وأننا في الأمم المتحدة 62 دولة إسلامية سيكون لنا الغلبة في مواجهة أمريكا والله تعالى يقول واعتصموا فترد علينا أنه من ضرورات العصر الحديث التي يتحدث عنها الغرب، من خلال التقنيات الغربية والطروحات الفكرية الغربية يقول لك مهمة جدا ويجب أن يكون هناك تعددية حتى لا نصنّف تصنيفاً إرهابياً وبعد ذلك تعتبر من الإرهابيين ثم تشطب من المعادلة السياسية… نقول الذي يشطبك من المعادلة السياسية على وجه الكرة الأرضية هو الاختلاف “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم” يسمون الأشياء بغير ما سميت له فالانقسام تعددية والوحدة شمولية فيقول هذا نظام شمولي لا يمكن أن نحكم بنظام شمولي 2 مليار ويفرض عليهم نظام واحد… كلا.. إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه… ما يتحدث عنه لا يعتبر تعددية بل “ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”.
أحيانا يمارس الكثير من الناس العقيدة والدين على خلفية حفظ النفس والذات، اليوم الكثير منهم يعملون ويتعاطون مع الدين على قاعدة المقامرة على قاعدة سبق الخيل في سباق الخير تستطيع أن تختار الخيل التي تربح أو تقدر أنها من الممكن أن تربح ولكن في الإسلام ليس لك أن تختار إلا فرسك إلا حصانك إلا دعوتك إلا رسالتك سواء كانت رابحة أو خاسرة، قوية أو ضعيفة، مظلومة أو مقهورة، عزيزة أو ذليلة، مسؤوليتك أن تقف مع دعوتك مع المستضعفين، مسؤوليتك أن تقف مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، كثير من الناس تلكؤوا عن تلبية دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن يوجد إجماع وطني في مكة المكرمة، فيفرّق بين الولد وأبيه، فقالوا “أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ”.
قالوا نحن لدينا ديمقراطية في قريش، لدينا آلهة للسفر آلهة للمطر للشمس آلهة للقمر، آلهة للنصب والاحتيال، موزعة على أبي لهب وأبي جهل وعلى كل العصابة، جاء إليهم فقال “فاعلم أنه لا إله إلا الله” قال له تبّاً لك ألهذا دعوتنا؟! تريد تغيير النظام لدى قريش قال لهم “واعتصموا” “إنّما المؤمنون إخوة” فهل صار العبيد والضعفاء عبد الله بن مسعود بلال وأبي ذر وعمّار وسلمان وصهيب، صاروا إخوة لنا؟ مجتمع طبقي وأنت تلغي طبقة الخدم التي تخدم السادة، قال لهم قل آمنت بالله ثم استقم كلّ البشر كلم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلّا بالتقوى والعمل الصالح.
في تلك المرحلة كان كثير من الناس يتعاطون مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم على طريقة أحدثت مشكلة في قريش، موسى عليه الصلاة والسلام أحدث مشكلة في مصر، إبراهيم عليه الصلاة والسلام أحدث مشكلة للنمرود، عيسى عليه الصلاة والسلام أحدث مشكلة لبني إسرائيل لذلك الكثيرون يقولون “احفظ رأسك عند تقلب الدول” يعني اترك الاستقامة جانباً الله يحميك الله يحفظك، اليوم إذا أردت أن تتعاطى مع رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أو مع دعوته على الطريقة الميكافيلية.
أنت لديك طريقتين عندك الأصولية وعندك الميكافيلية، الأصولية الثبات على الأصول، الميكافيلية هي الغاية تبرر الوسيلة وأن تكون متقلّبا وفق تقلب الأحداث، يساريّين أنا ماركس يمينيّين أنا أكبر يميني، رأسماليّة أنا دونالد ترامب، صهيونيّة أنا نتنياهو، إسلام أنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
في مخالفة الثوابت أنت خالفت “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا” “قل آمنت بالله ثم استقم” … اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه يقول “كانت متوسدا بردة له في ظل الكعبة وجاء إليه الصحابة وقد عذبوا وأنهكوا، تعذيب مقاطعة إيذاء حصار… قالوا يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا؟ قال إن من كان قبلكم كان يمشّط ما بين لحمه وعظمه بأمشاط الحديث ما يرده ذلك عن دينه ويوضع المنشار في رأسه فيشق شقين ما يرده عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى تسير الظعينة من صنعاء إلى حضر موت، في طريق حيث قطاع الطرق، ليتمن أمر الإسلام، حتى تسير الظعينة المرأة المسافرة من صنعاء إلى حضرموت ولكنكم تستعجلون… هناك امتحان اختبار ابتلاء تمهلوا قليلا النصر لا يأتي بشكل مباشر، الكثيرون يستبطئون النصر فيغيرون، يستبطئ النصر يكون مؤمنا أصوليا يصبح مؤمنا وصوليا، وهذا موجود في القرآن الكريم “ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات” لا يحتمل فيغير ويتقلب.. هنا لن تكون من أهل الاستقامة، وأهل الاستقامة رغم الابتلاء لديهم “إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون”. والخوف ليس منع الخوف الفطري الموجود خوف القتل خوف الضرب خوف الاعتداء خوف القصف خوف الابتلاء خوف الإبادة… ولكن الخوف من مفارقة دين الله عز وجل والخروج عن أمر الله… يجب التنبه الكثير من الأفكار التي تطرح اليوم هي أفكار مخيفة بكل المعاني…
الـيو أس إيد لا يساعدون الأصولي والمطلوب أن ترتب موضوع المثلية والجندر والشذوذ ولك المساعدات والأموال… تقول له أريد دولة إسلامية يقول لك لا، فتقول أريد دولة المجتمع المدني الإنساني… كنوع من الالتفاف والانقضاض لتجد بعد ذلك قد ذهب إيمانك وثوابتك لأنك تريد ودوا لو تدهم فيدهنون، تريد أن تنافقهم وينافقوك ليتحول بعد ذلك الإسلام إلى حالة من حالات الميوعة التي لا يرى فيها الإنسان أي لون من ألوان التبديل والتغيير.
مسؤوليتك أن تبقى أن تستقيم ثم بعد ذلك قد تستشهد قد تقتل قد تذبح، ولكنك تسير في ميدان سار عليه رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم واستطاع بـ23 سنة أن يضرب إمبراطوريتين اثنتين، كل الظلم العالمي دولة فارس ودولة الروم زالتا في 23 سنة، نحن اليوم ما زلنا نبحث عن عزنا عن طريق اشتراكية أو ملكية أو أميرية أو ما إلا ذلك… تبحث عن عز أو عن كرامة بالولاء للشرق أو للغرب لن تناله إلا بقول الله عز وجل “هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين” قد أختلف معك وقد تختلف معي، لكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يمرغ أنف الجميع قائلاً “المسلم أخو المسلم أحبّ أم كره” أنا أخوك وأنت أخي شئت أم أبيت فليس لك بعد ذلك أن تفرز الناس وأن تصنف الناس على خلفية هواك لكي تصالح الشرق وأنت تصالح الغرب تبني معسكرا مع الكفر وأنا أبني معسكرا مع الكفر وينقسم مشروع الإسلام رضاء للغرب، وباعتقاد أني أريد أن أقيم دولة إسلامية ولكن بصمت، والآخر كذلك يريد، فيضمحل الدين ويضمحل الإسلام ثم يسأل يا رب متى وعدك متى نصرك سيقول لك “وكان حقًّا علينا نصر المؤمنين” تقول يا رب أنا مسلم، يقول لك “الاصطفاف الذي قمت به ابتعد عن الاستقامة ابتعد عن القرآن، فيجب أن تصحح وأن تنطلق من الوصولية إلى الأصولية ولتخرج من الميكافيلية إلى حقيقة الدين والإسلام، لأنّ الغاية من إنشاء دولة شرعية لا تبرّر سلوكها عبر مشاريع الكفر العالمي.
اسلكوا خلف درب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم مهما كانت الأثمان.
الخطبة الثانية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
الاستقامة أن تسير مع دينك في حالة الضعف وفي حالة القوة في حالة الانكسار وفي حالة الانتصار في جميع الظروف يجب أن تكون خلف رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم” معية لا يجب أن نفقدها، اليوم نفقد هذا المعية في كل علاقاتنا الداخلية، عندما تنظر إلى حقيقة أخوتنا مع غزة، لا يوجد أخوة، من طنجا إلى جاكرتا نحن حكام ومحكومين جيوش وحكام وشعوب تركنا غزة، الجيد فينا يقول أنا دعوت الله لغزة… والله يطلب أكثر من ذلك، يجب أن تقدموا قدرتكم واستطاعتكم، أنتم لا تقدمونها بسبب الاختلاف بسبب التعددية وهذا يبعدك عن منابع العزة والكرامة.
عندما كانت غزة قوية تضرب بالصواريخ شرقا وغربا ويخرج ذلك الملثم ذات مساء ثم بعد ذلك يصرح ترى التكبير في مشارق الأرض ومغاربها تشعر بالعزة وبالفخار… إنسان محاصر مذبوح يعيش في الأنفاق يجب عليه أن يرفع معنويات أمة مترامية الأطراف تعدادها 2 مليار!؟ ما لكم كيف تحكمون؟ كيف تبدلت الأمور؟ أكثر من ذلك صار الوقوف إلى جانب المشروع المقاوم تهمة، يجب أن تنزع سلاحك يجب أن تترك سلاحك، يجب أن تتخلى عن إمكاناتك لأنك أوصلتنا إلى هنا… وما علموا أن ما وصلنا إليه ذكر في القرآن الكريم “ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين” ثم يقول وصلت إلى الحناجر، تأمل آيات القرآن “وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا” وصلنا إلى الثلث الأخير من المواجهة بعدها ستشرق شمس الإسلام. لا يجوز لك أن تبدل ولا يجوز لك أن تغيّر، تماماً كما فعل أولئك المنافقون في المدينة المنورة عندما تركوا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حين رأوا تكالب الدنيا بكليتها عليه “قالوا إنّ بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلّا فرارا” والله عز وجل يفضحهم فيقول “وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا” “ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا”… المطلوب الثبات “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” اليوم تحول المجتمع الصابر المجاهد إلى حالة من حالات التخلي، واللامبالاة، وصار كل من يقف يدان ويتهم، لأننا تركنا الاستقامة فتحولت كل آيات القرآن الكريم إلا قراءة على الأموات ليس إلا…
بالأمس في الأردن ألقي القبض على مجموعة تهمتها أنها تريد أن تطعن المقاومة في الظهر، ألقي القبض عليها لأنها تفكر بالمقاومة وتصنع صاروخا قد تضرب فيه الكيان الغاصب وقد تنتهم الحدود الدولية فكان أن اتخذ قرار أمني على أعلى المستويات بحل كل تلك المنظمات الإرهابية الظالمة التي تريد أن تضرب النسيج الاجتماعي في الأردن فكان القرار أن تحل كل الجمعيات وأن يسجن هؤلاء ليكونوا عبرة لكل من يعتبر ويعتدي ليس على غزة ولكن لكل من يعتدي على الكيان الغاصب… بدلا من أن يقف الشعب الأردني وهذا واجبه وواجبنا جميعا بدلا من أن يقف إلى جانب أهل غزة، عندما سكت أهل الحق عن حقهم ظن أهل الباطل أنهم على حق.. فعندما تسك عن حقك ينتهي شيء اسمه ثوابت لا ثوابت لا شيء، يتحول الباطل إلى حق والحق إلى باطل، يطرد لوط من قومه لأنه لا يقبل بالمثلية “فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون” اليوم إذا تطهرت تصبح إذ ذاك مخالفا للمجتمع كله، وهذه تهمة يحاسِب عليها القانون، إذا جاهدت تهمة يحاسِب عليها القانون، يشتم المجاهدون المقاتلون وقياداتهم، يتحول من يقف بكل عنفوان وثبات إلى متهم إلى مدان أنه قتل الناس، أنه تسبّب بوفاتهم وقتلهم، وأنه تجاوز الحدود والسدود الدولية، نحن في ثوابتنا القرآنية لدينا “واعتصموا” “المسلم أخو المسلم” هي عابرة للأوطان للمذاهب للأعراق للبلدان للألوان، واجبك هو أن تقف إلى جانب المستضعف أينما كان وحيثما حل، اليوم نحن لا نأخذ هذا الموقف لم؟ لأننا تركنا الاستقامة لأن هناك تجزئة زرعها المستعمر فيما بيننا، فيقف الفلسطيني بكل حسرة أمام سياج رفح أمام حائط رفح الذي أصبح من عجائب الدنيا بارتفاعه وعمقه وسياج مكهرب وخلفه ماء وحقل ألغام ليس للحدود مع الكيان الغاصب وإنما مع غزة… ما موقفنا؟ لا شيء… أين الاستقامة؟ لذلك يجب أن تكون مع غزة ضعيفة أو قوية مستضعَفة أو مستضعِفة تماما كما يجب أن تكون مع رسول الله… سيدنا رسول الله بمكة كان ضعيفا والكثير من الناس ما وقفوا معه، هاجر وكان في الغار كثير من الناس لم يرغبوا بمعرفة مكانه، كان مع الصديق رضي الله عنه ثم بعد أن هاجر إلى المدينة وأصبح قويا وعاد إلى مكة فاتحا ما الذي حدث؟ صار هناك “إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا” يجب أن تكون مع محمد صلى الله عليه وسلم في مكة، يجب أن تكون مع محمد في الغار، ويجب أن تكون مع محمد في الفتح المبارك القريب، ولكن الذي يقف مع محمد في حال عزّه وقوته ولا يقف معه في حال دعوته الأولى، هذا يوجد في إيمانه لغط، لذلك القرآن يقول “فسبّح بحمد ربك واستغفره” لكثرة ما يدخل من غثاء عندما تكون قويا، فلو كنت قويا كل الناس معك أما إذا كنت ضعيفا لا أحد يقف معك… الحل ببساطة أن تقف مع الحق ضعيفا أو قويا منتصرا أو عزيزا منتصرا أو منكسرا هذه هي الثوابت الحقيقية التي يجب أن ينطلق الإنسان منها لأننا لا نراهن على سباق الخيل ولسنا وصوليين ولا ميكافيليين… لذلك نرى من يراهن على القوي ويراهن على أمريكا وعلى الكيان الغاصب أو الصين أو روسيا، أما غزة فيقولون غزة لا ضعيفة… هذا الموقف موقف المقامر أما إذا كنت تعتنق الدين والإسلام تبحث عن المستضعف المقهور المظلوم من أجل أن تقف إلى جانبه، حتى لو قتلت حتى لو شردت، لأنها هذه هي المسؤولية الدينية وهذه هي مسؤولية الثبات على المواقف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *