بعد تعرضها لضربات يمنية.. حاملةُ الطائرات الأميركية “لينكولن” تهرُبُ عبر المحيط الهندي

بعدَ أَيَّـامٍ من تعرُّضِها لهجومٍ واسعٍ من قِبَلِ القوات المسلحة اليمنية، غادرت حاملةُ الطائرات الأميركية “يو إس إس أبراهام لينكولن” المنطقةَ من دون أن تتجرَّأَ على الاقترابِ من البحر الأحمر؛ لتكون ثالث حاملة طائرات تنسحِبُ من المواجهة أمام اليمن، والثانية التي تفرُّ بعد تعرضها لضربات يمنية؛ الأمر الذي يجدِّدُ التأكيدَ على هزيمة الولايات المتحدة وفشلِ أسطولها البحري بشكل غير مسبوق تاريخيًّا، وهو ما يثبِّتُ الواقعَ الجديدَ الذي فرضته صنعاء في المنطقة.

ووفقًا لخارطة انتشار حاملات الطائرات الأميركية والتي نشرها موقع “يو إس إن أي نيوز” التابعُ للمعهد البحري الأميركي، فَإنَّ “أبراهام لينكولن” انسحبت من البحر العربي جنوبًا إلى أقصى شرق المحيط الهندي، فيما يبدو أنه مسارُ عودتها إلى الولايات المتحدة عن طريق المحيط الهادئ.

ويأتي هذا الانسحابُ بعد أسبوع واحد من تعرضها لهجوم واسع من قبل القوات المسلحة اليمنية بعدد من الصواريخ المجنحة والطائرات المسيّرة، وهو هجوم حاولت الولايات المتحدة إنكاره والتكتم عليه تمامًا، لكن انسحاب حاملة الطائرات يمثل تأكيدًا واضحًا على وقوعه، كما يؤكّد ما كشفه قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي حول تراجع الحاملة عقب الهجوم.

ويذكّر هذا الانسحاب بهروب حاملة الطائرات السابقة “أيزنهاور” من البحر الأحمر بعد تعرضها لهجمات يمنية في حزيران/ يونيو الماضي، حَيثُ حاولت الولايات المتحدة آنذاك أَيْـضًا إنكار الضربات اليمنية والتكتم عليها، لكن الحقيقة ظهرت لاحقًا على لسان قائد مجموعة حاملة الطائرات السابق، وفي تقارير أكّـدت وصولَ الصواريخ اليمنية إلى الحاملة.

وتعتبر “لينكولن” ثالث حاملة طائرات أميركية تنسحب من المنطقة في إطار عملية ما يسمّى “حارس الازدهار” الأميركية التي تهدف لوقف الهجمات اليمنية المساندة لغزّة، حَيثُ كانت الولايات المتحدة قد أرسلت قبلها حاملة الطائرات “يو إس إس روزفلت” إلى المنطقة، لكنّها بقيت طيلة فترة تواجدها بعيدةً عن منطقة العمليات اليمنية قبل أن تنسحب عبر المحيط الهادئ، من دون أن تتجرأ على دخول البحر الأحمر.

وتميَّزَ الهجوم اليمني الواسع على الحاملة “لينكولن” بأنه كان استباقيًّا، حَيثُ كشفت القوات المسلحة اليمنية والسيد الحوثي أن حاملة الطائرات ومجموعتها من المدمّـرات كانت تحضِّرُ لأكبر هجوم جوي في إطار العدوان الأميركي على اليمن، لكن الضربات اليمنية أحبطت الهجومَ قبل وقوعه؛ وهو ما كشف عن قدرة كبيرة لدى القوات المسلحة على رصد ومراقبة التحَرّكات الأميركية ومواكبتها واستباقها في الوقت المناسب.

ويؤكّـد انسحابُ حاملة الطائرات “لينكولن” بعد تعرضها لهجوم استباقي، حقيقة ما تصفه وسائل إعلام أميركية وغربية بـ “الهزيمة الأميركية” في البحر الأحمر، حَيثُ يبدو بوضوح أن الولايات المتحدة لا تملك أية خيارات لتغيير الوضع الجديد الذي فرضته القوات المسلحة في منطقة العمليات البحرية، في ما يتعلق بحظر عبور فئات السفن المستهدَفة لارتباطها بالعدوّ الصهيوني وأميركا وبريطانيا.

كما يؤكّدُ هذا الانسحابُ الحقائقَ التي بدأ الإعلام الأميركي يسلِّطُ الضوءَ عليها بشكل متزايد في ما يتعلق بانتهاء زمن حاملات الطائرات، وتحولها إلى عبء كبير على الولايات المتحدة، بحسب تعبير مجلة “ناشيونال إنترست” بالإضافة إلى وجود نقاط ضَعف كبيرة في أُسطول السفن الحربية الأميركية، وهي أمور لم تتم مناقشتها أبدًا قبل المواجهة مع اليمن، حَيثُ كانت الولايات المتحدة تقدِّمُ أُسطُولَها البحري كقوة ردع أُسطورية لا تُقهَر.

وبالتالي فإنَّ هذا الانسحاب يؤكّد أن القوات المسلحة اليمنية قد صنعت تحوُّلًا غيرَ مسبوقٍ في تاريخ الحروب البحرية، وَأَيضًا في موازين النفوذ والقوّة والهيمنة داخل المنطقة؛ فهذه المرة الأولى التي تجد الولايات المتحدة نفسَها عاجزةً عن فرض انتشار قوتها في الممرات المائية كما تريد، فضلًا عن تحقيق ردع عسكري من خلال هذا الانتشار.

ويكتسبُ انسحابُ “لينكولن” صدىً أكبرَ بالنظر إلى توقيته، حَيثُ يأتي بعدَ مرور عام كامل على بدء العمليات البحرية اليمنية المساندة لغزّة وتنفيذ عملية الاستيلاء على السفينة “الإسرائيلية” المسماة “جالاكسي ليدر”، وهي رمزية مهمّة توضح الفشلَ الكبير والفاضح للولايات المتحدة التي تعهَّدت للعدو الصهيوني بالعمل على وقفِ العمليات اليمنية لتجد نفسَها اليوم مضطرَّةً إلى تهريب حاملات طائراتها من بعيد.

كما يأتي الانسحابُ بعد أَيام من تصريحاتِ وكيل مشتريات الأسلحة في وزارة الحرب الأميركية، بيل لابلانت، حول تطوُّرِ القدرات الصاروخية اليمنية إلى مستوىً “مذهِلٍ” وَ”مخيفٍ”؛ وهو ما يؤكّـد أن الانسحاب جاء “هروبًا” من الخطر الكبير الذي لم تعد البحريةُ الأميركية تملِكُ أَيَّ خيار لتخفيفه أَو الحد منه، فضلًا عن التخلص منه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *