مطلع شهر تشرين الأول/أكتوبر، نجحت جمعيات استيطانية صهيونية في شراء منزل لعائلة فلسطينية في عقبة درويش في البلدة القديمة بالقدس المحتلة بطرق ملتوية وعبر وسطاء محليين.
آل جودة في القدس المحتلة الذين يملكون العقار قرروا عزل أديب جودة عن أمانة حمل مفاتيح كنيسة القيامة وتسليمها لرجل آخر من العائلة(لؤي جودة)، بعد تداعيات تسريب العقار حتى استكمال التحقيقات في الحادثة.
هذه القضية سلّطت الضوء على حرب تشنها “اسرائيل” على سكان المدينة المقدسة بالنار والدولار وبشتّى الطرق لشراء منازل في البلدة المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك.
علاء أبو طه الخبير في شؤون الاستيطان أكد أن عملية التسريب بدأت تتسع بشكل كبير، وأن هناك الكثير من العقارات في دائرة الخطر، وأشار الى أن هناك عملية شبه منظمة تقوم بها الجمعيات الاستيطانية في القدس بهدف تسريب العقارات من ملكيتها العربية وتحويلها الى ملكية شركات وهمية أو ملكية شخصيات يهودية.
وتابع “نتيجة للتزايد هذه أعداد البيوت والعقارات التي يتم تسريبها، بدأ الامر يبدو منظمًا بشكل أكبر، وهناك سياسة وتمويل دولي تقدمه الصهيونية العالمية من أجل زيادة نسبة تسريب العقارات مستغلة عدم وجود سلطات سياسية أو قانونية يمكن أن تقف في مواجهة أيّة تصرفات اسرائيلية في مدينة القدس”.
وأوضح أن “الاحتلال يستغلّ الإشكاليات المتعلّقة بملكية العقارات من أجل فتح منازعات قضائية وفي النهاية تكون المحصلة تحويل الملكية الى اليهود”.
آلية التسريب..
أبو طه شرح أن نقل الملكية المدنية من العقار من صاحب العقار الفلسطيني يجري عبر شركات وهمية قبل ان تؤول ملكيتها في النهاية الى مستوطنين، وهؤلاء تمثلهم إمّا شركات أو أشخاص حسب “قوانين الداخلية الاسرائيلية”، مؤكدًا أن القانون الواجب التطبيق في هذه الحالة هو القانون الدولي الذي يعتبر القدس منطقة محتلة، وبالتالي كل القوانين والقرارات التي يجب أن تخضع فيها هي قوانين الاحتلال الحربي او اتفاقية جنيف الرابعة، كما تحدّث البرتوكول الإضافي الأول عام 1977 عن منع نقل ملكية الممتلكات الثقافية والاعيان المدنية قسرًا دون رضى السكان،
وأضاف:”التسريب يخالف قواعد الاحتلال الحربي وبالتالي يمكن اعتبارها أحد جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي الانساني”، محذّرًا من خطورة ما يجري.
مخطّط صهيوني..
بدوره، شدّد المتخصّص بشؤون القدس خالد ابو عامر على أن تسريب العقارات في القدس يقع ضمن المخططات “الاسرائيلية” التي تستهدف إفراغ المدينة من الوجود العربي الاسلامي والمسيحي على حدّ سواء.
وقال ابو عامر “تحدثت الإحصائيات التي ذكرتها جمعية مقدسيات عن توثيق تسريب أكثر من مئة عقار منذ عام 1967 وحتى عام 2015 بالإضافة الى 60 عقارًا تمّ توثيقها بين عامي 2014 و2018″، لافتًا الى أنه “تمّ تسريب 21 عقارًا فقد في بلدة سلوان عام 2015، ما يعطي اشارة الى وجود توجهات اسرائيلية مدعومة من الحكومة تهدف الى طمس كل ما هو علاقة بالإرث العربي الاسلامي والمسيحي”.
وأوضح أن “الكمّ الكبير من التسريبات يقع ضمن المخططات “الاسرائيلية” ضمن ما يعرف بمشروع القدس الكبرى أو حوض الهيئة المقدسة الذي يهدف الى توسيع مساحة القدس الى 800 كيلو متر مربع، بالإضافة الى إبقاء التركيبة السكانية بتفوق اسرائيلي بنسبة 88% مقابل12%”.
دعوة للوحدة..
القيادي في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين طلال ابو ظريفة أكد من ناحيته أن تسريب العقارات والأراضي الى مستوطنين ومتطرفين وأطراف حكومية “اسرائيلية” هي جريمة بكل المعاني القانونية والوطنية وخيانة لميثاق الشرف الموقع من الكل الوطني الفلسطيني الذي يحرّم ويجرّم بيع هذه الأملاك لهؤلاء المستوطنين باعتباره يسهل عملية تهويد وتهجير السكان المقدسين.
وبحسب أبو ظريفة، المطلوب توحيد المؤسسات في مدينة القدس، والكل يتحمّل المسؤولية هذه القضية الوطنية من الطراز الاول.
ونبّه الى أن “استمرار التسريبات سيؤدي الى إخلاء بالتوازن الديمغرافي ويعزز من الوجود الصهيوني في المدينة، وهنا الأخطر في الموضوع فهو يفتح الطريق امام استكمال عملية التهويد للمدينة المقدسة وفقا للمخطط الاسرائيلي الذي يصرّ على أسر المدينة وتحويلها لعاصمة دولة الاحتلال حتي عام 2025”.
فتوى..
بالموازاة، جدد مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، تأكيده على فتوى حرمة تسريب العقارات والأراضي في مدينة القدس أو أي أرض فلسطينية أخرى للاحتلال الإسرائيلي.
وشدد مجلس الافتاء خلال جلسته الـ168، برئاسة المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، رئيس مجلس الإفتاء الأعلى الشيخ محمد حسين، على أن فلسطين أرض خراجية وقفية، يحرم شرعًا بيع أراضيها وأملاكها، أو تسهيل تمليكها للأعداء.
وقال إن بيع العقارات للاحتلال أو تسريبها له أو تسهيل تمليكها من خلال السماسرة المرتزقة، يعدّ خيانة عظمى للدين وللوطن والأخلاق، وأكد أن كل عملية بيع للاحتلال تعتبر لاغية بحكم القانون الدولي.