حذّرت الأمم المتّحدة من حدوث “كارثة مطلقة” اذا حُرم ملايين الأطفال حول العالم من لقاحاتهم الدورية من جرّاء جائحة “كوفيد-19”.
وتزامن ذلك مع ما يجري حاليًا من رفع سريع جدًا للقيود الصحّية المفروضة لمكافحة الوباء.
ووفقًا لبيانات نشرتها منظمتا “الصحة العالمية” و”الأمم المتحدة للطفولة” (اليونيسف)، فقد حرمت الجائحة في العام الماضي 23 مليون طفل حول العالم من تلقّي الجرعات الثلاث من اللّقاح الثلاثي البكتيري المضادّ لثلاثة أمراض معدية هي الخناق، والكزاز، والسعال الديكي، وهو لقاح معياري، وهذا أعلى رقم يسجّل منذ 2009 كما أنّه يزيد بمقدار 3.7 ملايين طفل عمّا كان عليه في 2019.
وقالت كايت أوبراين مديرة دائرة التحصين في “الصحة العالمية” في مقرّ المنظمة في جنيف: “نحن أمام احتمال حدوث كارثة مطلقة في 2021 بسبب هذا الوضع”.
وأوضحت أنّ السبب في الزيادة الكبيرة في أعداد الأطفال الذين تخلّفوا عن تلقّي لقاحاتهم في مواعيدها هو جائحة “كوفيد-19” وتداعياتها، إذ أنّها أجبرت السلطات على تحويل مواردها وطواقمها إلى جهود مكافحة كورونا، في حين اضطرت الجائحة العديد من خدمات الرعاية الصحية إلى إغلاق أبوابها أو تقليص ساعات عملها.
كذلك، فإنّ الناس الذين كان مسموحًا لهم بالتنقّل في الفترات التي لم تكن فيها إجراءات الحجر سارية، كانوا يتردّدون في التنقّل خوفًا من أن يلتقطوا الفيروس.
ولفتت المسؤولة في منظمة الصحة العالمية إلى أنّ الوضع الحالي بالغ الخطورة، إذ هناك أطفال لم يتلقّوا اللّقاحات المفروض بهم تلقّيها، وبالتالي هم معرّضون لخطر الإصابة بهذه الأمراض المعدية وهذا الأمر يتزامن مع رفع سريع جدًا للقيود الصحية المفروضة لمكافحة كورونا، والتي تحدّ في الآن نفسه من تفشّي عدد من الأمراض المعدية لدى الأطفال.
وأعطت أوبراين مثالًا على ما تقول مشكلة تفشّي الحصبة في باكستان.
وشدّدت على أنّ هذين العاملين مجتمعين هما “الكارثة المطلقة التي ندقّ ناقوس الخطر الآن بشأنها لأنّه يجب علينا أن نتحرّك الآن لحماية هؤلاء الأطفال”.
وبالنسبة إلى المنظّمتين الأمميّتين، فإن الأكثر خطورة من هذا الوضع، هو أنّ هناك 17 مليون طفل – تعيش غالبيتهم العظمى في مناطق نزاعات أو في أماكن نائية أو في أحياء فقيرة محرومة من بنى تحتية صحيّة – لم يتلقّوا على الأرجح أيّ جرعة لقاح خلال العام الماضي.
وقالت مديرة اليونيسف هنرييتا فور إنّ هذه الأرقام “هي إشارة إنذار واضحة. لقد تسبّبت جائحة كورونا والاضطرابات التي نجمت عنها بفقداننا أرضًا ثمينة لا يمكننا التنازل عنها، وستترجم العواقب بوفيات وبتراجع في نوعية حياة الفئات الأكثر ضعفًا”، مضيفة أنّ “الجائحة زادت من تدهور وضع كان سيئًا أصلًا”.
ووفقًا للبيانات الصادرة، فإنّ نسبة الأطفال حول العالم الذين يتلقّون سنويًا “اللقاح الثلاثي البكتيري” لم تتزحزح على مدى سنوات عديدة عن مستوى 86% قبل أن تهبط إلى 83% في 2020، سنة الجائحة.
وفي ما يتعلّق بالحصبة وهي مرض شديد العدوى تتطلّب السيطرة عليه نسبة تطعيم لا تقلّ عن 95% فإنّ 71% من الأطفال فقط تلقّوا الجرعة الثانية من اللّقاح المضادّ لهذا المرض.