بعد أحداث اقتحام “الكونغرس” الأميركي الشهر الماضي، تبين أن حركة سياسية ضخمة تؤمن بالعنف نشأت في الولايات المتحدة، وهي موجودة حتى في المناطق التي يشكل فيها أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب الأقلية، فيما ينتمي غالبيتهم إلى الطبقة الوسطى وهم في متوسط العمر.
وفي هذا السياق، أشار الكاتبان روبرت بايب وكيفين روبي في مقالة نشرتها مجلة “ذا اتلانتيك” الأميركية إلى أبحاث عديدة أجريت في الآونة الأخيرة أظهرت أن المشتبه بهم باقتحام مبنى “الكونغرس” هم أشخاص “عاديون” من أنصار ترامب، وهم من الطبقة الوسطى وفي متوسط العمر وليس لديهم أي ارتباط واضح بالجماعات اليمينية.
الكاتبان الباحثان في جامعة “شيكاغو” الأميركية حذّرا من أن “ذلك يشكل مشكلة “أكثر خطورة بكثير”، خصوصًا أن هذه الفئة انضمت إلى المتطرفين في محاولة لإسقاط الانتخابات الرئاسية الأميركية”.
الكاتبان أوضحا أن عددا من الباحثين في جامعة “شيكاغو” راجعوا المستندات القضائية والتغطية الإعلامية من أجل الحصول على معلومات حول الخلفية الديمغرافية والاجتماعية الاقتصادية للذين جرى اعتقالهم بعد اقتحام مبنى “الكونغرس”، فضلاً عن معلومات تكشف انتماءهم إلى الجماعات المتشددة.
وتابع الكاتبان أن هناك أربعة استنتاجات أساسية بيّنها البحث:
أولا: الهجوم على مبنى “الكونغرس” كان عنفا سياسيا ولم يكن مجرد عمل تخريبي أو عبارة عن مظاهرة خرجت عن السيطرة، وأن السبب الأساس للتحرك كما تبيّن المستندات القضائية هو أن المعتقلين كانوا يستجيبون لتعليمات ترامب بمنع “الكونغرس” من المصادقة على فوز الرئيس الأميركي جو بايدن بالانتخابات.
ثانيا: عدم ارتباط عدد كبير من المشتبه بهم بميليشيات يمينية أو عصابات من العنصريين البيض او غيرهم من المنظمات العنيفة، إذ إن نسبة 89% من المعتقلين على ما يبدو ليس لديهم ارتباط بأي جماعة متشددة.
ثالثا: ديمغرافية المشتبه بهم باقتحام مبنى “الكونغرس” تختلف عن ديمغرافية مشتبه بهم سابقين ينتمون الى المعسكر اليميني، في حين بلغ معدل العمر للمعتقلين الذين شملهم البحث 40 عاما، ونسبة ثلثين منهم يبلغون من العمر 35 عاماً وما فوق.
رابعا: غالبية المتمردين ليسوا من مناطق تعتبر معاقل للحزب الجمهوري، إذ إن أكثر من نصف الذين اعتقلوا هم من مناطق فاز فيها بايدن وإن نسبة أكثر من 15% منهم من مناطق فاز فيها ترامب بأقل من 60% من الأصوات.
وشدد الكاتبان على أن “اقتحام مبنى “الكونغرس” كشف عن قوة جديدة في السياسة الأميركية، والتي هي ليست مجرد عبارة عن خليط من المنظمات اليمينية، وإنما حركة سياسية ضخمة تؤمن بالعنف وموجودة حتى في المناطق التي يشكل فيها أنصار ترامب الأقلية”.
وختم الكاتبان محذّريْن من أن “الوسائل الاعتيادية لمواجهة التطرف على الأرجح لن تنجح في مواجهة متمردين في متوسط العمر من الطبقة الوسطى”.