أعياد المسلمين يعدّ العيد شعيرةً من شعائر الإسلام، حيث خصّ الله -تعالى- المسلمين بثلاثة أعيادٍ، أولها عيد الفطر؛ وهو العيد الذي يأتي بعد انقضاء شهر رمضان، وثانيها عيد الأضحى؛ والذي يأتي في آخر أيام عشر من ذي الحجّة، وثالثهما يوم الجمعة من كلّ أسبوعٍ، فعيد الفطر وعيد الأضحى يتكرّران ويعودان على المسملين كلّ عامٍ مرةً واحدةً، أمّا عيد يوم الجمعة فهو يأتي في نهاية كلّ أسبوعٍ، وقد شرع الله -تعالى- في هذه الأعياد الفرح والسرور للمسلمين، فالإسلام ليس كما شاع بين الناس من صورةٍ نمطيةٍ حوله بأنّه دينٌ لا يعترف بالفرح والبهجة، بل إنّ المُطالع لسيرة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يجد أنّ شخصيته كانت مزاوجةً بين الجد وبين المرح والاسترواح، حتى إن الصحابي الجليل عبد الله بن الحارث -رضي الله عنه- قال عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (ما رأيتُ أحداً أَكثرَ تبسُّماً من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّم)،[١] وهكذا فإنّ أعياد المسلمين جاءت لترسّخ مبدأ الفرحة والبهجة والسرور في نفوس المسلمين.[٢][٣] وممّا شرعه الله سبحانه، واستحبه الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين في أعيادهم التزاور فيما بينهم، وصلة أرحام بعضهم؛ كالوالدين والأعمام والعمات والخالات ونحوهم، وكذلك زيارة الأصدقاء والجيران، وهكذا يتزاور المسلمون ويلتقون ويفرحون برؤية بعضهم البعض، وهو مقصدٌ عظيمٌ من مقاصد العيد، فصلة الرحم وإن كانت واجبةٌ على الدوام؛ إلّا أنّها في العيد لها أهميةٌ خاصّةٌ، ولأهميتها فقد جاء الحثّ عليها في نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية، وممّا يشرع للمسلمين في العيد أيضاً مواساة الفقراء والمساكين، فبما أنّ العيد شرع لإدخال السرور في القلوب فلا بدّ من مشاركة الفقراء والمحتاجين تلك البهجة أيضاً حتى تكتمل، فيجدر بالمسلم أن يقسم لهم من لحم الأضاحي ومن الهدايا والعطايا في ذلك اليوم السعيد، والعيد كذلك فرصةٌ للتسامح بين الناس، وترك البغضاء والتدابر فيما بينهم، فالناس فيه يلتقون في مصليات العيد فيتصافحون، ويهنئون بعضهم بهذه الأيام الجميلة داعين لبعضهم بالصحة والسلامة والاطمئنان.[٣]
فضل عيد الأضحى يعدّ يوم عيد الأضحى يوماً عظيماً في الإسلام، بل إنّ بعض العلماء عدّه أفضل يومٍ في أيام الدنيا كلّها، بل أفضل من يوم عرفة، وذلك لقول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فيه: (إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ)،[٤] وفيما يأتي بيان جانبٍ من أفضال عيد الأضحى:[٥] أقسم الله -تعالى- في القرآن الكريم بيوم عيد الأضحى، وذلك في قوله: (وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ)،[٦] حيث قال ابن عباس -رضي الله عنه- في تفسير هذه الآية؛ الشفع هو يوم الأضحى، والوتر هو يوم عرفة.
يعدّ يوم الأضحى هو يوم الحجّ الأكبر؛ لأنّ معظم أعمال الحجّ تكون فيه، فالحجّاج يدفعون فيه من مزدلفة إلى منى ليرموا الجمرة الكبرى، بعدها يحلقون رؤوسهم ويذبحون الهدي، ثمّ يطوفون طواف الإفاضة، ويدفعون إلى منى حتى يستقرّوا بها طيلة أيام التشريق. يوم الأضحى هو يوم العيد للمسلمين جميعاً، وتأتي أيام التشريق فيه، وهي الأيام التي ذكرها الله -عزّ وجلّ- في كتابه الكريم، فقال: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)،[٧] حيث قال ابن عباس -رضي الله عنه- أنّ الأيام المعلومات هي أيام العشر، أمّا الأيام المعدودات فهي أيام التشريق، كما قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في أيام التشريق: (يومَ عرفةَ ويومَ النَّحرِ وأيَّامَ التَّشريقِ عيدُنا أَهْلَ الإسلامِ، وَهيَ أيَّامُ أَكْلٍ وشربٍ).[٨] يوم عيد الأضحى من السنة التاسعة للهجرة أرسل رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- علياً إلى أمير الحجّ؛ أي إلى أبو بكر -رضي الله عنه- ليتلو على الناس آية براءة الله ورسوله من المشركين، وهي قول الله تعالى: (أَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ)،[٩] فيجب على المسلمين أن يتبرؤوا من المشركين كما تبرأ منهم الله تعالى ورسوله الكريم، ويكون ذلك ببغضهم وبغض كفرهم ومعبوداتهم، ولا يكون ذلك بترك البر والإقساط معهم إذا لم يؤذوا المسلمين، ولم يُخرجوهم من ديارهم أو يعاونوا على إخراجهم.
سنن ومستحبات صلاة العيد شرع الله -تعالى- لنبيه صلاة العيد في السنة الأولى للهجرة، وجاءت مشروعيتها في القرآن الكريم والسنة النبوية، فقد ثبت بالتواتر عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يؤدي صلاة العيدين، وقد أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على مشروعيتها،[٢] ولصلاة العيد العديد من السنن والمستحبات التي ينبغي بالمسلم أن يحرص عليها، وفيما يأتي بيان جانبٍ منها:[١٠] التجمّل عند الخروج إليها، والحرص على ارتداء أفضل الثياب. الذهاب إلى صلاة العيد مشياً على الاقدام. مخالفة الطريق، ويُراد بذلك أن يرجع الإنسان من طريق غير الطريق الذي ذهب منه. التطيّب، والاغتسال قبل الخروج إلى صلاة العيد. التكبير في مكان الصلاة وأثناء السير إليها، مع رفع الصوت في فعل ذلك. تقديم صلاة العيد على خطبتها، حتى ولو انصرف بعض الناس؛ لأنّ المحافظة على سنة الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- أولى من حبس الناس لسماع الخطبة. أداء صلاة العيد خارج البلد وليس في المساجد؛ إلا لعذرٍ؛ كالمطر ونحوه. أكل بعض التمرات بعددٍ فرديٍ قبل صلاة العيد في عيد الفطر حتى يتحقّق الإفطار، وتأخير الإفطار إلى بعد صلاة العيد في عيد الأضحى؛ للأكل من الأضحية.