صحيفة “يديعوت أحرونوت” – رون بن يشاي
في حال نُفذ اتفاق التعاون الإستراتيجي والاقتصادي بين الصين وإيران فإنه سيشكل عجلة إنقاذ للاقتصاد الإيراني الذي يرزح تحت العقوبات الأميركية، كما أنه سيعزّز مكانة الصين كدولة عظمى وتدخلها في الشرق الأوسط.
إضافة إلى ذلك، هذا الاتفاق سيوجه ضربة قاسية لسياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الشرق الأوسط ولمكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية.
في المستقبل البعيد هذا الاتفاق قد يشكل تهديدًا لـ”إسرائيل”.
الاتفاق المتبلور هو عمليًا تنفيذ لإعلان نوايا تحدّثت عنها طهران وبكين أثناء زيارة قام بها الرئيس الصيني شي جونفينغ إلى طهران في كانون الثاني/يناير عام 2016. منذ ذلك الحين وحتى اليوم جرت نقاشات سرية بين البلدين حول تطبيق إعلان النوايا وتحويله إلى اتفاق قابل للتنفيذ.
النسخة الكاملة لمسودة الاتفاق النهائية سُرّبت من قبل الإيرانيين إلى وسائل الإعلام. المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لم يؤكد ولم ينف مسألة وجود الاتفاق وأيضًا لم يقل متى وفيما إذا كان سيتم التوقيع عليه. إيران والصين أيضًا معنيّتان بنشر مسألة الاتفاق للضغط على الولايات المتحدة وإضعاف ترامب عشية الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
من بين بنود التعاون التكنولوجي أُخفيَ بند مهم بوجه خاص، يتطرق بشكل واضح إلى أن الصين ستتعاون مع إيران في الدفاع في السايبر، مثل مشروع “جدار النار-fire wall” الصيني الكبير الذي يُستخدم لشلّ منظومات متصلة بالشبكة وبالسايبر بشكل عام في الدول وفي الهيئات التي تعتبر معادية للصين.
هذه التكنولوجيا ستصل ليد إيران وانعكاساتها من وجهة نظر “إسرائيل” واضحة. الصين ستحصل ليس فقط على اقتصاد إيراني وصناعة طاقة إيرانية، إنما أيضًا على إمكانية نشر تأثيرها في كل أرجاء الشرق الأوسط عبر علاقات إيران في المنطقة.
الاتفاق مع إيران سيسمح للصينيين بأن يكون لديهم وجود إستراتيجي في الممر الجنوبي للخليج وهذا ما يشكل تهديدا محتملا على أساطيل الولايات المتحدة، وبريطانيا وفرنسا التي تبحر داخل الخليج.
يمكن التقدير أن الاستثمار الهائل للصين في إيران، في السنوات الخمس الأولى على الأقل، لن يكون مربحا. من ناحية الصينيين الفائدة ستأتي فقط في المستقبل البعيد، عندما تبدأ المشاريع في إيران بالربح وعندما تبدأ البنى التحتية التي سيشيّدونها على الأراضي الإيرانية بالعمل بوتيرة كاملة.
المصلحة الإيرانية أيضًا واضحة وهي تمتد على عدة مجالات منها أنه بموجب الاتفاق إيران بإمكانها تصدير نفط بكميات كبيرة على الرغم من العقوبات الأميركية والحصول بالمقابل على بضائع، خدمات، مواد خام للصناعة وتأهيل
البنية التحتية النفطية. بهذه الطريقة، إيران تلتفّ عمليًا بمساعدة الصين على العقوبات الأميركية.
يمكن التقدير أن نشر تفاصيل الاتفاق في طهران هدفه على ما يبدو المساعدة في تسويق فوائده للشعب الإيراني.
في حال تم التوقيع على الاتفاق وتنفيذه، سيكون لدى “إسرائيل” سببٌ للقلق من زاوية رؤية إستراتيجية، عسكرية وإستخبارية.
أولًا لأن اتفاقًا إقتصاديًا وإستراتيجيًا بمعايير كهذه بين الصين وإيران سيقضم بشدة مكانة الولايات المتحدة كقوة عالمية وكمصدر مؤثر ومسيطر في الشرق الأوسط.
تنفيذ البنود المتعلقة بالتكنولوجيا والتعاون العسكري والاستخباري بين بكين وطهران سيضر بقدرة الولايات المتحدة، مع “إسرائيل”، على إحباط البرنامج النووي الإيراني، خاصة إذا قررت إيران التقدم في تصنيع قنبلة نووية وإذا كانت هناك حاجة لإحباط ذلك بوسائل عسكرية.