نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا شارك فيه مراسلوها في لندن ودبي وأبو ظبي، وقالوا فيه إن المملكة تقوم بإجبار العائلات الثرية على ضخ أموال في عملية اكتتاب أسهم بشركة النفط أرامكو، التي تخطط السعودية لطرحها في السوق المالي قريبا، وذلك كجزء من عملية التقييم التي يقدرها ولي العهد محمد بن سلمان بتريليوني دولار.
ونقلت الصحيفة عن 8 أشخاص قالوا إنهم جزء من خطة لبناء الثقة في صفقة أرامكو والتي تعرضت نهاية الأسبوع الماضي لضربة قاسية عندما دمرت صواريخ وطائرات مسيرة أجزاء من منشآت النفط في أبقيق وحقل خريص النفطي.
وقال أربعة من المصادر الذين تحدثت معهم الصحيفة إن الهدف هو “لي ذراع” و”إجبار” و”بطلجة” على بعض العائلات الثرية في المملكة لكي يصبحوا مستثمرين أساسيين فيما يطلق عليها أكبر طرح عام في التاريخ.
وأشارت الصحيفة إلى أن عددا من العائلات التي استُهدفت، سُجن أفراد منها في فندق ريتز كارلتون في الرياض عام 2017 و2018، فيما أطلقت الحكومة عليها في حينه حملة مكافحة الفساد. وقال أشخاص على علم بما حدث إن بعض المحتجزين تعرضوا للتعذيب. وتم الإفراج عن غالبيتهم بعدما توصلوا لتسويات مالية مع الحكومة.
وكشفت المصادر أن من الذين تعرضوا لضغوط للاستثمار في الطرح العام لأرامكو، الوليد بن طلال، رجل الأعمال والملياردير المعروف الذي كان من بين معتقلي ريتز كارلتون. ولا تزال معظم أرصدته مجمدة في السعودية، حيث تم طرح فكرة استخدامها في شراء حصص في أرامكو، كما يقول أشخاص على معرفة بالأمر. ولم يرد متحدث باسم مؤسسة الوليد الاستثمارية “المملكة القابضة” على طلب الصحيفة للتعليق.
وقال ممول سعودي إن عددا من العائلات السعودية الثرية تم الحديث معها. فقد طُلب من ثري سعودي دفع 100 مليون دولار أمريكي، وذلك حسب أحد مستشاريه الذي طلب عدم الكشف عن هويته. وتوصل رجل الأعمال الذي كان من بين معتقلي ريتز كارلتون لتسوية مع السلطات تخلى فيها عن أرصدة ووافق على دفع أقساط شهرية لدفع تعهداته إلى الحكومة، و”يتم تشجيعه الآن على القيام بواجبه الوطني، ولكن هناك حدود للوطنية التي يريدها”.
وتعلق الصحيفة أن الضغوط التي تمارسها الحكومة على العائلات المحلية تكشف عن المدى الذي ذهبت إليه المملكة لطرح أرامكو في السوق العام بعد 3 أعوام من الإعلان عنه لأول مرة. وتكشف الجهود إشارة غير مريحة للمصرفيين الغربيين الذين تدفقوا على المملكة للحصول على دور في نصح شركة أرامكو أو قيادة عملية الطرح.
وفي الوقت الذي رفضت فيه أرامكو التعليق، قال مسؤول سعودي: “المزاعم التي تتحدث عن ضغوط تمارسها الحكومة السعودية على العائلات والأفراد من داخل وخارج المملكة للمشاركة في اكتتاب أرامكو بأسعار محددة عارية عن الصحة وغير دقيقة”. وأضاف أن “شكل الطرح المنتظر لأرامكو لم يتم الإعلان عنه من السلطات المعنية، وعليه فأي تكهنات في هذا الوقت لا أساس لها”.
وقالت الصحيفة إن من بين الشركات الغربية التي ستشارك في الترويج لعملية الطرح العام “جي بي مورغان” و”غولدمان ساكس” و”مورغان ستانلي” و”كريدي سويس”. ولا يعرف إن كانت هذه المؤسسات الغربية على علم بالضغوط التي تقوم بها الحكومة على العائلات الثرية في المملكة والتي قال أحد الأشخاص العالمين بالأمر إنها جاءت من الحكومة السعودية وليس من الشركة نفسها.
وتم الإبطاء في عملية الطرح بعدما قدر ولي العهد قيمة الشركة بتريليوني دولار خشية إحراجه عندما لا يتم تحقيق الهدف المنشود. وقالت بعض المصارف التي منحت دورا في عملية الاكتتاب هذا الشهر إنها أخبرت المسؤولين السعوديين أن قيمة تريليوني دولار يمكن تحقيقها.
ويرى محللون أن تريليون أو تريليون ونصف هو رقم واقعي، فالشركة هي أكبر منتج للنفط الخام في العالم والأكثر ربحا، إلا أن المستثمرين يخشون من مخاطر سياسية. ولهذا فالعائلات الثرية بمن فيها 300 رجل أعمال وأمير سجنوا في ريتز كارلتون، يعتبرون عنصرا أساسيا في نجاح الاكتتاب من خلال عروض اكتتاب زائدة. وقال آخر: “سيجد آخرون أنه من الصعوبة قول لا” واصفا نهج الحكومة بأنه قائم على “المداهنة والبلطجة”.
وقالت عائلة سعودية تم الاتصال بها عبر مدير قريب لها، إنه أخبرها بأن الأرصدة المجمدة خلال عملية الريتز ستحول إلى أسهم أرامكو. وقال مصرفي آخر: “لمَ لا؟ فهي لا تستطيع الحصول عليها في أي حال”.
وتخطط أرامكو لاكتتاب نسبة 3% في سوق تداول المالي بالرياض، بما في ذلك الحصة المخصصة للعائلات الثرية. مما يعني زيادة الحصة الخاصة بالمملكة إلى 60 مليار دولار. وقد يظل الطرح محدودا بنسبة 1% من أسهم الشركة. ومن المتوقع التواصل مع المستثمرين الإقليميين مثل أبو ظبي والكويت والآسيويين.
وقال مصدر آخر إن العائلات الثرية في لبنان ومصر ومن هي على علاقة جيدة مع العائلة المالكة قد يتم الاتصال بها. وكان موقع “بلومبيرغ” قد تحدث في الأسبوع الماضي عن خطة الاعتماد على العائلات الثرية السعودية، لكنه لم يفصّل الضغوط التي تعرضت لها للمشاركة في عملية الاكتتاب.