قال قائد الشرطة في نيوزيلندا مايك بوش، اليوم السبت، إن عدد قتلى الهجوم على المسجدين ارتفع إلى 50 بعد عثور المحققين على جثة أخرى بأحد المسجدين في كرايست تشيرش.
وأضاف بوش في مؤتمر صحافي: “بكل الحزن أقول إن عدد الأشخاص الذين ماتوا في هذا الحادث ارتفع الآن إلى 50. حتى ليلة الأمس تمكنا من نقل جميع الضحايا من الموقعين. أثناء قيامنا بذلك تمكنا من العثور على ضحية أخرى”.
وتابع أن عدد المصابين في الهجوم بلغ أيضا 50 مصابا.
والسبت، مثُل الأسترالي برينتون تارنت (28 عاماً) منفّذ الاعتداء على المسجدين، أمام محكمة بالمدينة وجهت اليه تهمة القتل غداة تنفيذه المجزرة.
واستمع مدرّب اللياقة البدنيّة السابق والناشط اليميني وهو مكبّل اليدين ويرتدي قميصاً أبيض يلبسه المعتقلون، إلى التهمة الموجّهة إليه. وهو لم يتقدّم بطلب للإفراج عنه بكفالة وسيظلّ في السجن حتى مثوله مجدداً أمام المحكمة في 5 أبريل/ نيسان.
وأشار تارنت باصابعه بعلامة “تمام” بشكل مقلوب وهي إشارة تستخدمها جماعات المتطرفين البيض حول العالم.
وخارج مقر المحكمة، يحاول سكان كرايست تشيرش تجاوز الصدمة التي نتجت عما يعتقد أنه أسوأ عمل إرهابي يستهدف المسلمين في الغرب.
وفي مستشفيات المنطقة، يعمل الأطباء على مدار الساعة لمعالجة جروح أشخاص مصابين بطلقات نارية وجروح أخرى طفيفة.
وتتضمن قائمة الجرحى طفل عمره عامين وطفلة عمرها أربعة اعوام في حالة حرجة.
وأثار الاعتداء على مسجدي لينوود والنور حزنا وصدمة غير مسبوقتين في هذا البلد المسالم، الذي يتباهي بالترحيب بالمهاجرين الفارين من العنف والاضطهاد.
والسبت، توافد أشخاص من كافة القطاعات في نيوزيلندا إلى الحواجز التي أقامتها الشرطة في محيط مسجد النور، حيث سقط اكبر عدد من الضحايا، للتعبير عن احترامهم وإظهار تضامنهم مع الطائفة المسلمة البالغ عددها نحو 50 ألف شخص وتشكل نحو 1 في المئة من سكان الجزيرة.
ورافقت باقات الزهور رسائل مكتوبة تعبر عن الصدمة والتعاطف من سكان مدينة وصفها سائق محلي بأنها “مدينة الحزن”.
وجاء في احدى الرسائل الموضوعة وسط الزهور “آسف انكم لم تكونوا آمنين هنا. قلوبنا حزينة لخسارتكم”.
ومع إزالة الشرطة الطوق الأمني، مساء السبت، انضم المارة بشكل عفوي للشرطيين في إزالة كميات الزهور قرب المسجد.
بدوره، أعلن الإمام الذي كان يؤم المصلّين في مسجد لينوود لحظة اطلاق المسلّح النار على من كانوا بداخله الجمعة، أنّ هذا الاعتداء لن يغيّر من الحب الذي يكنّه المسلمون لنيوزيلندا.
وقال إبراهيم عبد الحليم “لقد كان يوما بشعا للغاية، ليس لنا وحدنا، لكل نيوزيلندا”، لكنّه تابع “ما زلنا نحبّ هذا البلد”، واعدًا بأنّ المتطرّفين “لن يقوضوا أبدًا ثقتنا”.
وفي أرجاء الجزيرة الهادئة، تفاعل المواطنون مع دعوات التضامن العابرة للديانات، إذ تم جمع ملايين الدولارات، والتبرع بالطعام الحلال، بل وحتى تطوع البعض بمرافقة المسلمين الخائفين الآن من السير بمفردهم في الشوارع.
“أنا معكم”
ووصلت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن السبت مرتدية غطاء للرأس أسود اللون إلى المدينة حيث التقت الناجين وذوي الضحايا.
وقالت إن الضحايا يتحدرون من ارجاء العالم الإسلامي: أربعة مصريين وسعودي وإندونيسي وأربعة أردنيين وستة باكستانيين.
وقالت ساهرة أحمد وهي نيوزيلندية من أصل صومالي إنها تأثرت بزيارة رئيسة الوزراء.
وقالت أحمد “إنها تعني الكثير … إنها إشارة لتقول أنا معكم”.
وتحاول الشرطة الآن جمع شهادات وتفاصيل عن ملابسات الحادث للإجابة عن التساؤل المهم وهو لماذا وكيف حدث ذلك.
وترغب السلطات في معرفة كيف لم تتمكن أجهزة الاستخبارات من مراقبة القاتل رغم نشره آراء متطرفة.
وقالت أرديرن خلال مؤتمر صحافي في ولنغتون قبل توجهها إلى مدينة كرايست تشيرش إن “المهاجم كانت لديه رخصة حمل أسلحة حصل عليها في تشرين الثاني/نوفمبر 2017”.
وأشارت إلى أن الرجل كان قد اشترى بندقيتين نصف آليتين وبندقيتي صيد وسلاحا آخر.
وأضافت “مجرّد أنّ هذا الشخص حصل على ترخيص وحاز أسلحة من هذا النوع، يدفعني الى القول إن الناس يريدون أن يتغير ذلك، وسأعمل على” هذا التغيير.
وتابعت أرديرن “يمكنني أن أخبركم شيئا واحدا، قوانيننا حول الأسلحة ستتغير”.
ونشر منفذ الهجوم بياناً عنصرياً على مواقع التواصل الاجتماعي قبل تنفيذ الهجوم. وبدا أنه استوحى نظريات منتشرة في أوساط اليمين المتطرف تقول إن “الشعوب الأوروبية” تُستبدل بمهاجرين غير أوروبيين.
وأعلن في بيانه أنه قرر تنفيذ اعتدائه في نيوزيلندا لكي يُبيّن أن “ما من منطقة في العالم بمنأى، الغزاة منتشرون على أراضينا، لا مكان آمنا، حتى أكثر الأماكن النائية”.
ونقل المهاجم مباشرةً على الإنترنت مقاطع من الاعتداء، حيث ظهر يتنقل داخل المسجد ويطلق النار بشكل عشوائي على المصلين ولا يتردد بالعودة للاجهاز على من بقي حيا.
“شجاعة مطلقة”
وبعد 36 دقيقة من تلقيها أول مكالمة طوارئ، كان ترانت في قبضة الشرطة.
وأشاد مفوض الشرطة مايك بوش بـ”الشجاعة المطلقة” لرجال الشرطة والمواطنين “الذين وضعوا أنفسهم في خطر” لايقاف منفذ الهجوم بعد 36 دقيقة من ورود أوائل اتصالات الاستغاثة.
ووجّهت الشرطة تهمة التحريض الى شاب يبلغ من العمر 18 عاما في حين ما يزال اثنان قيد الاحتجاز. ولم تقدم تفاصيل اضافية.
وقالت الشرطة الأسترالية إنها زارت بلدة غرافتون في شمال سيدني حيث نشأ ترانت، وتحدثوا مع افراد من اسرته كجزء من التحقيقات.
وأثار الاعتداء تساؤلات بشأن مدى جدية تعامل الحكومات الغربية مع اليمين المتطرف.