الدولة العبرية تنوي شرعنة وحدات في مستوطنة عيلي زهاف التي بنيت جزئياً على أراض فلسطينية خاصة بواسطة آلية قانونية غير مسبوقة. هذا ما أبلغت عنه المحكمة المركزية في شهر كانون الأول الماضي. حسب هذه الآلية التي صادق عليها المستشار القانوني للحكومة مندلبليت يمكن الشرعنة بأثر رجعي لبناء غير قانوني على أراض فلسطينية إذا تم تخصيصه بعد اعتباره بالخطأ أراضي دولة. مصادر مطلعة على التفاصيل قالت إن الأمر يتعلق بتطبيق للمرة الأولى لعقيدة جديدة بمصادقة كبار رجال وزارة العدل.
الأراضي التي بنيت عليها الوحدات في عيلي زهاف إلى جانب أراض أخرى في الضفة اعتبرت أراضي دولة، حسب خرائط قديمة حددت بصورة غير دقيقة ومن خلال الاستناد إلى وسائل تكنولوجية قديمة. اليوم طاقم «خط أزرق» في الإدارة المدنية يفحص مجدداً قسائم أعلن عنها في السابق أراضي دولة ويقوم بتعديل الحدود. هكذا تبين أن جزءاً من الأراضي التي بنيت عليها المباني التي يدور الحديث عنها في عيلي زهاف هي بالفعل أراض خاصة فلسطينية. حسب التقديرات في وزارة العدل والإدارة المدنية فإن تطبيقاً كاملاً لهذه الآلية سيؤدي إلى شرعنة 2000 مبنى في المناطق التي تعتبر اليوم غير شرعية.
بعد أن اكتشف هذا الأمر في 2016، قدم عدد من سكان المستوطنة دعوى على شركة المقاولات «هاري زهاف» ووزارة الدفاع والهستدروت الصهيونية العالمية بأنهم اشتروا من الشركة أراضي، بحيث إن المبني الذي عليها غير قانوني. ولكن في كانون الأول أعلنت الدولة أنها ستحاول شرعنة هذه القسائم بواسطة هذه الآلية. المحكمة مكنت الدولة من البدء في إجراءات شرعنة الأراضي وجمدت في هذه الأثناء النقاش في دعوى سكان المستوطنة. الآلية القانونية التي يجري الحديث عنها تستند إلى المادة 5 من الأمر بشأن الأملاك الحكومية (يهودا والسامرة). أمر عسكري من العام 1967 ـ الآلية (التي تشكل آلية موازية للآلية الأكثر تشدداً، التي تسمى «تنظيم السوق» سارية المفعول داخل أراضي إسرائيل) تنص على أن «كل صفقة جرت بحسن نية بين المسؤول وشخص آخر في كل عقار اعتقد المسؤول في زمن الصفقة أنه من أملاك الحكومة لن يتم إلغاؤها وستبقى سارية المفعول حتى إذا تم الإثبات أن العقار لم يكن في ذلك الوقت من أملاك الحكومة». المعنى هو أنه إذا كان المسؤول، أي الإدارة المدنية، قد اعتقد بحسن نية أن الأمر يتعلق بأراضي دولة في وقت تخصيصه الأرض للمستوطنين، فإن الأرض تصبح شرعية للبناء عليها حتى لو تبين بعد ذلك أنها لم تكن في ذلك الوقت تحت سيطرة الإدارة.
هذه هي المرة الثانية التي تستخدم فيها الدولة هذه المادة، ففي السنة الماضية صادقت المحكمة المركزية في القدس على شرعنة بؤرة متسبيه كرميم بواسطة هذه الآلية. مع ذلك، حالة متسبيه كرميم كانت تختلف عن حالة عيلي زهاف، ضمن أمور أخرى، بسبب المشاركة العميقة جداً للسلطات في إقامة البؤرة الاستيطانية في موقعها الحالي. إن استخدام الآلية في قضية متسبيه كرميم موضوع الآن على باب المحكمة العليا في هذه الأثناء.
قبل أن تتمكن الدولة من السيطرة على الأرض ستنشر خطتها بشأن المنطقة وتفتحه لتقديم اعتراضات الفلسطينيين الذين يدعون ملكيتهم لها. مصدر قضائي مطلع على القضية أكد هذه التفاصيل وقال إن «قرار المحكمة يخلق تسوية متوازنة، حسبها من جهة يتم فحص توفر الشروط الواردة في المادة 5، ومن الجهة الأخرى يعطى لكل طرف يعتبر نفسه متضرراً من القرار إمكانية طرح موقفه أمام المحكمة قبل أن يُتخذ قرار بتنفيذ هذه المادة».
في المقابل، المحامي علاء محاجنة، الذي يمثل فلسطينيين يدعون ملكيتهم على الأرض في المنطقة، قال: «حتى بدون استخدام قانون التسوية البغيض، ما زالت الدولة تجد طريقها وتستعين بأساليب أخرى تحقق نفس الهدف. بذلك، تمنح مصادقتها القانونية على أعمال السلب ضد سكان محميين حسب القانون الدولي».
حسب أقواله، الدولة تتدخل فعلياً من أجل حل نزاع بين مشتري أراضي وشركة مقاولات بنت مباني على الأرض: «يبدو أن اليد كانت سهلة جداً على الزناد عندما تقرر التدخل في النزاع المالي بين المشترين والمقاول الذي قام بالبناء خلافاً لرخص البناء على حساب الفلسطينيين أصحاب الأراضي».
يوتم بيرغر
هآرتس