أفادت “القناة 12 الإسرائيلية” بأنّ الأميركيين عبّروا عن احتجاجهم إزاء التصرفات التي تقوم بها “إسرائيل” في سورية، وذلك نقلًا عن مسؤول أميركي، حيث أعربت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قلق بالغ إزاء السياسة “الإسرائيلية” تجاه سورية، والتي يقول مسؤولون أميركيون إنها تُزعزع استقرار حكومة الرئيس أحمد الشرع في دمشق، وتقوّض الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق أمني جديد.
بحسب المراسل السياسي للقناة في واشنطن، باراك رافيد، فإن الدعم للحكومة السورية الجديدة وفتح مسار “سلام” بين سورية و”إسرائيل” يشكّلان ركنًا أساسيًا في سياسة ترامب في الشرق الأوسط، وفق تعبيره، لافتًا إلى أن المعنيين في البيت الأبيض يخشون من أن تؤدي طريقة عمل “إسرائيل” داخل سورية إلى إضاعة الفرصة السياسية المتاحة حاليًا.
ورأى أن سورية تُعدّ الدولة الوحيدة في المنطقة التي دعمها ترامب مرارًا، حتى عندما تعارض ذلك مع رغبة حكومة بنيامين نتنياهو، بما في ذلك خلال العمليات العسكرية “الإسرائيلية”، وقد فوجئوا في “إسرائيل” بلقاء ترامب مع الشرع في أيار الماضي في السعودية، وازداد الذهول عندما ألغى العقوبات الأميركية، كما لم يرق لهم الدفء الذي ساد بين ترامب والرئيس السوري خلال لقائهما التاريخي في المكتب البيضاوي قبل أسابيع قليلة.
وقال رافيد إن الأخبار ذكرت أنه منذ انهيار نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024، تسيطر “إسرائيل” على مناطق واسعة داخل الأراضي السورية قرب الحدود، ويوم الجمعة الماضي (28 تشرين الثاني 2025)، خرجت قوة من الجيش “الإسرائيلي” في عملية اعتقال داخل قرية بيت جن، الواقعة على بُعد 10 كيلومترات داخل سورية. وادعى الجيش “الإسرائيلي” أن المشتبه بهم ينتمون إلى تنظيم الجماعة الإسلامية المرتبط بحماس وحزب الله. وبعد تنفيذ عملية الاعتقال، أطلق مسلحون مجهولون النار على القوة “الإسرائيلية”، ما أسفر عن إصابة ستة جنود. وخلال محاولة إخلاء القوة من القرية، نفّذ سلاح الجو “الإسرائيلي” ضربات أدّت إلى مقتل 13 سوريًا، كثير منهم مدنيون. وأثار الحادث غضب الحكومة السورية، وأطلقت دعوات داخل سورية لتنفيذ عملية انتقامية ضد “إسرائيل”.
خلف الكواليس
أما خلف الكواليس، بحسب رافيد، فقد قال مسؤولون أميركيون إنهم فوجئوا بالعملية التي نفذها الجيش “الإسرائيلي”، مؤكدين أن “إسرائيل” لم تُطلع إدارة ترامب عليها مسبقًا. وأضافوا أن “إسرائيل” لم تُخطر السوريين عبر قنوات التنسيق العسكري كما كان يحدث سابقًا، ولم تُمكّن قوات الأمن السورية من التعامل مع المشتبه بهم بنفسها. في المقابل، قال مسؤولون “إسرائيليون” إنهم أبلغوا السوريين عبر قنوات استخباراتية، وزعموا أن المشتبه بهم كانوا يخططون لتنفيذ هجمات ضد “إسرائيل”.
وتابع رافيد أنه “منذ يوم الجمعة، أجرى المبعوث الأميركي إلى سورية، توم برّاك، ومسؤولون آخرون في إدارة ترامب محادثات صعبة مع “نظرائهم الإسرائيليين”، محذرين من تبعات عمليات كهذه. وبالتوازي، أجرى الأميركيون محادثات مماثلة مع السوريين في محاولة لتهدئة الأوضاع ومنع مزيد من التصعيد. كما وصل برّاك إلى دمشق يوم الاثنين والتقى بالرئيس الشرع.
ونقل رافيد عن مسؤولين أميركيين قولهم إن حادثة يوم الجمعة أضرت بالتقدم الذي تحقق مؤخرًا في الجهود الرامية لجعل سورية و”إسرائيل” تتوصلان إلى ترتيبات أمنية جديدة، إذ تأمل الولايات المتحدة أن تكون هذه الترتيبات خطوة أولى نحو انضمام سورية لاتفاقات “أبراهام” مستقبلًا.
كما نقل عن مسؤول أميركي قوله إن: “سورية لا تريد مشاكل مع “إسرائيل”، لكن نتنياهو يرى أشباحًا في كل مكان، ونحن نحاول أن نقول لنتنياهو إنه يجب أن يتوقف، لأنه إذا استمر الأمر فسيكون تدميرًا ذاتيًا: نتنياهو سيُفوّت فرصة دبلوماسية هائلة، وسيحوّل الحكومة السورية الجديدة إلى عدو لـ “إسرائيل””.
ماذا يقول ترامب؟
ولفت رافيد إلى أن: “ترامب كان قد تطرق للموضوع علنًا، بعد أيام كانت خلالها الاحتجاجات الأميركية على السياسة “الإسرائيلية” تتم خلف الأبواب المغلقة”.
وفي منشور على “تروث سوشال”، شدد ترامب على أن الولايات المتحدة “راضية جدًا” عن عمل الحكومة السورية الجديدة، وقال إنه يفعل كل ما بوسعه لضمان نجاحها، مضيفًا: “من المهم جدًا أن تحافظ “إسرائيل” على حوار قوي وحقيقي مع سورية، وألّا يحدث شيء يعطل تطور سورية نحو دولة مزدهرة، أما رئيس سورية الجديد، أحمد الشرع، فيعمل بجد لضمان أن أمورًا جيدة ستحدث، وأن تكون لسورية و”إسرائيل” علاقة طويلة الأمد ومزدهرة، وهذه فرصة تاريخية” حسب قوله.
ووفق رافيد، بعد نشر المنشور بوقت قصير، تحدث ترامب هاتفيًا مع نتنياهو. وفي البيان الذي أصدره مكتب رئيس الحكومة عن المكالمة لم تُذكر سورية مطلقًا، واكتفي بالقول إن ترامب دعا نتنياهو إلى لقاء في البيت الأبيض قريبًا.
بين السطور
بين السطور، أشار رافيد إلى أن مسؤولين أميركيين يقولون إن إحدى المشاكل هي أنه ليس واضحًا من في “إسرائيل” يمسك بملف سورية بعد استقالة رون ديرمر، الذراع اليمنى السابقة لنتنياهو، من منصبه كوزير في الحكومة. وكان من المفترض أن يبقى ديرمر مبعوثًا خاصًا وأن يدير المفاوضات مع السوريين، لكن ليس واضحًا ما إذا سيسمح له بذلك من الناحية القانونية. في هذه الأثناء، يقول مسؤولون أميركيون إن أمورًا كثيرة “تسقط بين الكراسي” وتضيع في الفراغ.



