قال المحلل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إيتمار آيخنر إنّ انضمام الوزيرين عيديت سيلمان وشلومو كرعي إلى اللجنة المكلَّفة بتحديد ولاية لجنة التحقيق في أحداث 7 تشرين الأول/أكتوبر يرفع عدد الوزراء الممثلين للحكومة إلى عشرة، ورغم مرور أكثر من أسبوع على الإعلان عن تشكيلها، لم تعقد اللجنة بعد جلستها الأولى، وما يزال الغموض يكتنف شكل الولاية التي ستُمنح لها، وموعد بدء عملها، وهوية الشخصية التي سيختارها وزير القضاء يريف ليفين لرئاسة لجنة التحقيق.
وشدّد آيخنر على أنّ الحكومة تتصرف وكأنّ لديها فائضًا من الوقت، فالوزراء ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تناولوا على مدار العامين الأخيرين، مرارًا وتكرارًا وبأساليب مختلفة، مسألة التحقيق في إخفاق 7 تشرين الأول/أكتوبر، بينما أكد الوزراء غيلا غمالئيل، وآفي ديختر، وزئيف ألكين، منذ بداية الحرب أهمية تشكيل لجنة تحقيق رسمية.
وقالت غمالئيل في حزيران/يونيو الماضي بوضوح: “أنا أؤيد إقامة لجنة تحقيق رسمية بعد الحرب”. وفي كانون الثاني/يناير غيّرت نبرتها قليلًا، معلنة في الكنيست أنّه “ستُقام لجنة تُمثّل شعب “إسرائيل””. أما ديختر فكرر بنفس الإصرار: “في موضوع 7 تشرين الأول/أكتوبر قلت وسأكرر: للجنة تحقيق رسمية بعد انتهاء الحرب”، مشدّدًا في أيار/مايو الماضي على أنه “لا يُقيمون لجنة أثناء الحرب”.
وبحسب آيخنر، فقد عارضت وزيرة الاستيطان والمهام القومية أوريت ستروك تشكيل لجنة تحقيق رسمية خلال الحرب أيضًا، بل وطالبت بالتحقيق مع المحكمة العليا نفسها، وقالت في تشرين الثاني الماضي بحدّة: “لا يمكن دعم لجنة تحقيق رسمية. أعتقد أن للمحكمة العليا دورًا في الحدث. بعض الجهات الخاضعة للتحقيق ليست أقل مسؤولية مني، ولا أقل من رئيس الحكومة، ولا أقل من ضباط الجيش”.
أما نتنياهو، فاستمر في التهرّب من تشكيل لجنة تحقيق رسمية بذريعة استمرار الحرب، ورغم مرور أكثر من شهر على عودة الأسرى، فإنه يتجه نحو إقامة لجنة مصمّمة بحيث لا تفاجئه، وفقًا لآيخنر، ولتحقيق ذلك، يسعى إلى التحكّم الكامل في شروطها: الولاية، وتركيبة اللجنة، ورئيسها، وكذلك تأجيلها قدر الإمكان.
وأكد آيخنر أن أعضاء الحكومة يدركون جيدًا أن لجنة يرأسها قضاة مستقلون – من المحكمة العليا أو شخصيات رسمية غير خاضعة للسلطة – ستخلص حتمًا إلى أنّ لحكومة “إسرائيل”، وخاصة لرئيسها، مسؤولية كبيرة عن كارثة 7 تشرين الأول/أكتوبر. كما يعرفون أن أي استنتاج حقيقي وموضوعي سيقود بالضرورة إلى دفع نتنياهو نحو الخروج من المشهد السياسي، تمامًا كما رحل رئيس الأركان هرتسي هليفي وضباط كبار، ورئيس الشاباك السابق رونين بار، وكذلك وزير الحرب السابق يوآف غالنت.
وتابع: “حين يقرر رئيس الأركان إيال زمير اتخاذ إجراءات بحق الضباط الكبار الذين ثبتت مسؤوليتهم عن الإخفاق، ولو كان ذلك محدودًا ومتأخرًا، فإنّ الأنظار تتحول فورًا نحو مسؤولية الحكومة. ومع أن نتنياهو والوزراء وعدوا بدايةً بلجنة تحقيق متوازنة بين الائتلاف والمعارضة، يبدو بوضوح أنّ المعارضة لا تنوي المشاركة”، مردفًا: “وفي هذه المرحلة، لا أحد يعرف كم سيستغرق عمل لجنة الوزراء ولا متى ستبدأ اجتماعاتها، وقد يمتد الأمر طويلًا – خصوصًا أننا في سنة انتخابية – والتأجيل الإضافي قد يمنح نتنياهو فرصة خوض الانتخابات دون أن يلاحقه أي تقرير أو استنتاجات”.
وحذّر آيخنر في الختام من أنّ هذه الخطوات تُضعف مؤسسات القانون الديمقراطية وحُرّاس البوابة، وفي مقدمتهم المحكمة العليا، وهي الجهة المخوّلة بإقامة لجنة تحقيق رسمية في أحداث مفصلية من تاريخ “إسرائيل”، وبهذا السلوك، تصبح الحكومة التي تتحمّل أصلًا مسؤولية مجزرة 7 تشرين الأول/أكتوبر هي الجهة التي تقرر مَن سيحقق معها.



