في مقال نشره في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أقر المختص بالشؤون العربية آفي يسسخروف بسلسلة اعترافات، أهمها أن الجيش الصهيوني حوّل قطاع غزة إلى أحد أكبر مواقع هدم العقارات في العالم، حيث التدمير أصبح هدفًا بحد ذاته، ما يكشف تخبط الجيش “الإسرائيلي” وفشله، فتارة يقر بحسم لواء خان يونس التابع لحماس، ثم يعود للتدمير بحجة القضاء على اللواء نفسه، بينما حماس لن ترفع علمًا أبيض، ولن تستلم، والأسرى لن يعودوا.
قال المختص بالشؤون العربية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” آفي يسسخروف إن قطاع غزة تحول إلى أحد أكبر مواقع هدم العقارات في العالم، والجيش “الإسرائيلي” هو المقاول المنفذ، مردفًا: “في كل صورة تصل من القطاع، وفي كل تقرير تلفزيوني، تتكشف أبعاد هذا الحدث: دمار كارثي بأبعاد توراتية تقريبًا، يُفسّر لنا في كل مرة بطريقة مختلفة، مرة يكون الهدف هو “حسم لواء خان يونس”، وأحيانًا بداعي الحاجة إلى حماية “محور مقطّع”، وأحيانًا يكون السبب المفهوم هو حماية قوات الجيش، إلا أن جنود الجيش وكذلك المقاولين المنفذين (مشغلو المعدات الهندسية الثقيلة) يتعرضون للأذى خلال تنفيذ أعمال الهدم”.
وأضاف يسسخروف: “الأسبوع الماضي على سبيل المثال، أفادت العديد من مواقع الأخبار في “إسرائيل” بأن “التطور الدراماتيكي” الأخير في الحرب على قطاع غزة: الجيش شق محورًا جديدًا يقسم خان يونس إلى نصفين، وسيسمى محور “ماغن عوز”. ووفقًا للتقارير، فإن المحور الجديد الذي يصل حتى محور “موراغ” القديم – الجديد، من المفترض أن يؤدي إلى حسم لواء خان يونس التابع لحماس، وهو لواء تم حسمه سابقًا وقد تم تصفية معظم قادته. وأُفيد بالأمس بأن القوات تهدم مئات المباني على طول المحور لحمايته”.
وتابع الكاتب “الاسرائيلي: “في الحقيقة هذا هو جوهر القتال كما نراه ميدانيًا في هذه الأيام، فالمعارك تجري غالبًا من دون وجود عدو أمام البنادق، وأحيانًا حتى من دون وجود سكان مدنيين في المناطق، وهو مجرد دمار هائل لعقارات، من المشكوك فيه أن يساعد في القضاء على حماس، بل يبدو وكأنه انتقام”، لافتًا إلى أن التدمير أصبح هدفًا بحد ذاته، لا هدف واضح له، إلا إذا كان أحدهم يسعى لمنع أي عودة للفلسطينيين للعيش في القطاع.
وخلص يسسخروف الى أن: “هذا النشاط الهندسي المكثف لن يُسرّع إطلاق سراح الأسرى، ولن يُقربنا من حل لغزة من نوع “إسقاط حماس”، بينما المؤيدون المتحمسون لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ما يزالون يبيعون القصص والاختراعات وكأننا على وشك “النصر الكامل”. وأضاف: “للمرة التي لا تُعد ولا تُحصى، حي غزي آخر في الخراب، ومدينة أخرى مدمّرة، قصف آخر، وتقارير عن استهداف قادة كبار في حماس والجهاد، بأسماء لا يعرفها إلا القليل في “إسرائيل”، وربما حتى قيادة حماس في الخارج لا تعرفهم”، مقرًا في الوقت نفسه، بمقتل المزيد من جنود جيش الاحتلال، قائلاً:”هناك جنود آخرون ينهون حياتهم بسبب الفظائع التي شاهدوها، وبسبب التجارب التي مروا بها. معظم المواطنين (المستوطنين) ينظرون إلى ما يحدث في غزة ويسألون أنفسهم: من أجل ماذا؟ لماذا ترفض هذه الحكومة ورئيسها التوصل إلى صفقة شاملة لتحرير الأسرى؟ مزيد من الأمهات والآباء الذين يخدم أولادهم في غزة يجدون صعوبة في تصديق أن الابن أو الابنة يدخلون القطاع مرة أخرى، لجولة أخرى بلا هدف سوى تدمير المنازل والأحياء”.
وسأل الكاتب في “يديعوت أحرونوت”: “هل يعتقد أحد فعلًا أن القادة القلائل الباقين على قيد الحياة من حماس سيرفعون قريبًا الأعلام البيضاء ويخرجون من الأنفاق رافعين أيديهم؟”، ثم أجاب بالقول:”حماس لن ترفع علمًا أبيض، ولن تفعل ذلك، فما العمل؟”، مردفًا: “عندما سمحت حكومة نتنياهو لحماس بالنمو والبناء، كانوا يجهزون لمجزرة 7 تشرين الأول/أكتوبر. والآن ماذا؟ إذا أوقفنا الحرب على حماس، فإنهم سيبدؤون في التحضير لـ”7 أكتوبر القادم”. ولكن هنا كان ينبغي على هذه الحكومة إعداد خطة لـ”اليوم التالي”. لكن هذا الائتلاف كان مشغولًا بتمرير قوانين انقلاب على النظام، وقوانين إعفاء من الخدمة العسكرية. في الوقت الذي يقاتل فيه أفضل شبابنا، يُصابون، يُقتلون، ينهون حياتهم، كانت هذه الحكومة مشغولة بمناورات لمنع انتخابات مبكرة والبقاء في الحكم إلى الأبد”.
وانتهى يسسخروف الى أنه: “إذا أرادت “إسرائيل” يومًا ما إنهاء هذه الحرب، سيتعين عليها السعي إلى تسوية مع الدول العربية والسلطة الفلسطينية تؤدي إلى إزالة حماس من الحكم في غزة وتجريدها من سلاحها، يمكن أن تكون هناك تسوية كهذه على الطاولة إذا ضغطت “إسرائيل” لتحقيقها، لكن من المشكوك فيه أن هذه الحكومة ترغب في ذلك، هي فقط تواصل لوم الجيش، الإعلام، والمعارضة، الكل مذنب في الغرق في مستنقع غزة، ما عدا السياسة الفاشلة لهذه الحكومة”.
وختم: “في نهاية المطاف، حتى حكومة نتنياهو ستكون مضطرة إلى القيام بذلك، لأن الجمهور لن يصمد طويلًا، ولن يوافق على استمرار هذه الحرب إلى الأبد”.
المصدر : محرر شؤون العدو في موقع العهد