أطلقت وزارة الصحة العامة، الاثنين 30 حزيران/يونيو 2025، البرنامج الوطني لليقظة الدوائية: “دليل الممارسات الجيدة لليقظة الدوائية في لبنان”؛ وذلك برعاية وحضور وزير الصحة العامة ركان ناصر الدين، مما يشكل محطة مفصلية في مسار تطوير نظام اليقظة الدوائية في لبنان، بما يتماشى مع المعايير الدولية ويُسهم في تعزيز سلامة المرضى ضمن النظام الصحي الوطني، خصوصًا أن قيمة اليقظة الدوائية تكمن في أنها تشكل ضمانة بأن العلاجات التي يتلقاها المرضى ليست فقط مفيدة، بل خالية من المخاطر التي يمكن تفاديها.
والبرنامج يُعد أول دليل وطني لليقظة الدوائية في لبنان، مُنظَّم على شكل وحدات، ومبني على أطر مرجعية دولية وإقليمية رائدة، بما في ذلك دليل الاتحاد الأوروبي ودليل الدول العربية للممارسات الجيدة لليقظة الدوائية.
وفي كلمة له، أكّد الوزير ناصر الدين أنّ “إطلاق الدليل اللبناني للممارسات الجيدة لليقظة الدوائية، يعكس الالتزام المشترك بحماية صحة اللبنانيين”.
وأوضح أنّ “وزارة الصحة العامة تضطلع بمسؤولية كبيرة لتأمين الدواء وتنظيم القطاع وضمان جودته”. وقال إنّ “المرحلة الأخيرة حفلت بأخبار عن دواء مزور ومهرّب وغير مضمون الجودة، وفي مرحلة سابقة كان الكلام حول نقص في سوق الدواء”، مضيفًا “بقدر ما يجب أن تكون مسؤولية الوزارة تأمين الدواء للجميع، يجب العمل على تأمين جودته وفعاليته. وهنا تكمن أهمية الدليل الوطني للممارسات الجيدة لليقظة الدوائية”.
وأشار وزير الصحة إلى أنّه “منذ تبوئه الوزارة أخذ على عاتقه عنوانين أساسيين: الاستشفاء والدواء. وهما عنوانان إستراتيجيان يجب ألا يقتصرا على وزارة الصحة العامة فحسب، بل أن يكونا من ضمن الاهتمامات الوطنية، ولذلك تأتي الشراكة بين وزارة الصحة العامة والجامعات والنقابات ومنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي. فهذه الشراكة بين الجهات الفاعلة تؤدي إلى تظهير نتائج جيدة وما نراه اليوم من دليل وطني هو نتاج الشراكات والعمل الدؤوب في السنوات القليلة الماضية”.
وقال: “إن إطلاق الدليل اليوم يؤكد التزام الوزارة أمام المواطنين، بأنها لن تكتفي فقط بتأمين الدواء وعدم انقطاعه من السوق، كما لن تكتفي بتوسيع البروتوكولات العلاجية، إنما تسعى لأن تؤمن لهم الحماية من أي سلبيات للدواء؛ وذلك من خلال ضمان الجودة. وأكد أن وزارة الصحة العامة ستقوم بالدور الواجب عليها في هذا المجال بالشراكة الشفافة والواضحة”.
وتناول ناصر الدين موضوع الوكالة الوطنية للدواء، مشيرًا إلى أنّ “مجلس شورى الدولة يدرس المشروع من الناحية القانونية قبل إعادته إلى وزارة الصحة العامة لتقوم بإحالته إلى مجلس الوزراء في خلال أسبوعين تقريبًا، وذلك بالموازاة مع موضوع المختبر المركزي الذي سيعود له فحص الدواء والتأكد من جودته، والذي تعدّ له الوزارة”.
كما لفت إلى “التحضير لحملة إعلامية لتوعية المواطن حول جودة الدواء مع عدد من الشركاء المحليين، بحيث يتم تسليط الضوء على عدم استخدام الدواء جزافًا ودون تدقيق بجودته ومرجعيته التي يجب أن تكون وزارة الصحة العامة حصرًا”، مؤكدًا أنّ “كل الجهود تصب في إطار هدف واحد هو تأمين حماية اللبنانيين بالدواء العالي الجودة”.
وكانت رئيسة برنامج اليقظة الدوائية في وزارة الصحة العامة ريتا كرم ألقت كلمة تناولت فيها أهمية “الدليل الوطني للممارسات الجيدة لليقظة الدوائية، فأكدت أنه يُشكّلُ نقطةَ تحوُّلٍ في مقاربةِ لبنان لقضايا سلامةِ الأدويةِ والالتزامِ بالأنظمةِ الرقابيّة، لا سيما وأنه قد تم تطويرُهُ وفقًا للمعاييرِ الدوليّة، مع مراعاةِ خصوصيّةِ النظامِ الصحّيِّ اللبنانيّ، ليضعَ معاييرَ واضحةً، ويُلزِمَ جميعَ المعنيّين، من الجهاتِ المسؤولةِ عن المستحضراتِ الصيدلانيّة إلى مقدّمي الرعايةِ الصحيّة، بضمانِ الاستخدامِ الآمنِ والفعّالِ للأدوية. كما تكمن أهميّةُ هذا الدليلِ في تعزيزِ سلامةِ المرضى، وتدعيمِ الرقابةِ التنظيميّة”.
وقالت: “إنّ هذا الدليلَ ليسَ مجرّدَ وثيقةٍ تنظيميّة، بل هو أداةٌ إستراتيجيّةٌ للتغيير. وإطلاقُهُ اليوم يُجسّدُ التزامَنا بجعلِ سلامةِ المرضى في صميمِ السياساتِ الصحيّةِ العامّة”.
ولفتت إلى أنّه “رغم التحدّياتِ العديدة، من شُحِّ المواردِ البشريّةِ والماليّة، إلى عدمِ الاستقرارِ الوطنيّ، ونقصِ التقاريرِ، وضعفِ الإبلاغِ عن الآثارِ الجانبيّة، لم نتراجع، بل حوّلنا التحدّياتِ إلى فرصٍ للنموِّ والتطوّر”. وقالت كرم، إنّ هذا الدليل يعدّ حجرَ الأساسِ في النظامِ الوطنيِّ لليقظةِ الدوائيّة”.
وأكّد رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران أنّ “الدليل الوطني يحدد التزامات وتوقعات واضحة لجميع الجهات الفاعلة في قطاع الأدوية. ومن خلال تبني وتنفيذ هذه الإرشادات، يضع لبنان نفسه في مصاف الدول التي تعتمد أفضل الممارسات العالمية، ويؤكّد أن سلامة الأدوية لا تُترك للصدفة، بل تُدمَج بشكل منهجي ضمن العمليات اليومية للمؤسسات الصحية والصيدلانية”.
وأضاف: “إنّ هذا إنجاز يمثل دليلاً على الالتزام الجاد للفريق الوطني لليقظة الدوائية. وهو خطوة تأسيسية لبناء نظام يقظة دوائية قوي ومستدام وفعّال في لبنان، يلتزم بأعلى معايير الجودة ويضع سلامة المرضى في قلب أولوياته”.
كما كانت كلمة لممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان عبد الناصر أبو بكر، حيث شدد فيها على “تميّز لبنان خلال مواجهة جائحة كوفيد من بين البلدان الأخرى لناحية إعداد برنامج اليقظة الدوائية تقارير دورية عن الأحداث الجانبية التي تم تسجيلها بعد الحصول على لقاح كوفيد، وكذلك في خلال فترة انتشار الكوليرا”. وأكد أنّ “البرنامج تطور بسرعة كبيرة وأثبت جدواه مهنئًا وزارة الصحة العامة والقيمين عليه لما يظهره من كفاءة وجدية”.