كشف الصحافي الصهيوني حاييم لفينسون، في تقرير لصحيفة “هآرتس”، أنّ رئيس أركان جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، إيال زمير يدلي بتصريحات مزدوجة عن عملية “عربات جدعون”؛ ففي النقاشات الداخلية مع “الكابينت” المصغّر، يقرّ بأنّ العملية استُنفدت بالكامل ويطالب بصفقة تبادل أسرى ووقف لإطلاق النار، بينما يروي رواية مغايرة تمامًا لجنوده ومقاتليه.
بحسب لفينسون، زمير يدرك تمامًا أنّ “عربات جدعون” لم تحقق حسمًا ضد حركة حماس، وأن استمرارها لا يخدم سوى تأخير صفقة الأسرى. و”إسرائيل”، وفقًا للتقرير، تتمسك بخطوط دفاعية سياسية جديدة تختلف عن تلك التي وافقت عليها على الانسحاب في آذار/مارس الماضي، وتتعامل معها كـ”خطوط مقدسة”، على الرغم من أن زمير نفسه يعلم أنها لا تمت للعملية العسكرية بصلة.
وأكد التقرير أنّ زمير أبلغ وزراء “الكابينت” بفشل ما سمّي “ثورة المساعدات الإنسانية” ضمن العملية، غير أن هؤلاء يرفضون الإصغاء أو الاعتراف بالواقع.
وفي ظل تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزّة، تواجه وزارة الخارجية “الإسرائيلية” موجة تحذيرات طارئة تُنقل إلى “الكابينت” السياسي–الأمني، محذّرة من التداعيات العالمية المتزايدة. الصور القاسية القادمة من غزّة لم تعد حكرًا على الإعلام المؤيد للفلسطينيين، بل أصبحت تُعرض على شبكات أميركية محافظة مثل “فوكس نيوز”، ما يجعل الدفاع عن الموقف “الإسرائيلي” شبه مستحيل دبلوماسيًا؛ يقول حاييم لفينسون ثمّ يتابع: “يُدرك وزير الخارجية جدعون ساعر حجم الضررين الإنساني والسياسي، ويدفع نحو إنهاء الحرب، لكن موقعه السياسي الضعيف وانعدام ثقته بنتنياهو يشلّ قدرته على الفعل. أما الوزير بن غفير؛ فيصرّ على تجويع الفلسطينيين حتى حدود “مجاعة بيافرا”، فيما سموتريتش يتنقل بين وعود خائبة ومشاريع وهمية مثل “المدينة الإنسانية” على أنقاض رفح، بينما صرّحت أوريت ستروك أنها لا تمانع إبادة القطاع “حتى على حساب حياة الأسرى”.
وأردف: “وزير “الأمن” (الحرب) يسرائيل كاتس يعيش في غيبوبة سياسية، هو مشغول بالملف السوري غير آبه بتحذيرات واشنطن من أنّ غارات “إسرائيل” في سورية تُقوّض الاستقرار الإقليمي.. الصورة العامة: انقسام، عجز دبلوماسي، قيادة سياسية تتعامل مع مجازر غزة كأنها تفاصيل ثانوية في معركة ضائعة”.
ورأى أن رئيس الحكومة “الإسرائيلية” بنيامين نتنياهو ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر يواصلان التلاعب بالجميع، مقدمين لكل طرف ما يريد سماعه. إذ بعد قصف الكنيسة في غزّة، سارع نتنياهو للاتصال بالبابا صباح يوم الجمعة، مطمئنًا إياه بأنّ صفقة الأسرى باتت وشيكة. وفي مساء اليوم ذاته، خرج غال هيرش المكلّف بملف الأسرى لينفي ذلك، ويؤكد أنّ الصفقة ما تزال بعيدة، لتتبع ذلك تصريحات من مكتب نتنياهو تسوّغ التناقض كونه “تكتيكًا تفاوضيًا”.
ووفقًا لــ”حاييم لفينسون”، تسير “إسرائيل” على حافة خداع استراتيجي جديد: تقليص وجودها في جنوب محور موراغ بشكل يسمح لنتنياهو بأن يدّعي أمام سموتريتش أنّ “إسرائيل ما تزال هناك”، في حين أنها انسحبت فعليًا. إنها حيلة من حيل نتنياهو المتكررة منذ أربعة عقود، وقائمة على المماطلة وتجنب اتخاذ قرارات واضحة.
حاييم لفينسون ختم قائلًا “بالنسبة إلى نتنياهو لا أهمية فعلية لملف الأسرى انتخابيًا، ولا عائق أمام استمرار المسرحية التفاوضية لأشهر. وحده ضغط أميركي–قطري حاسم أو خطوة صريحة من رئيس الأركان إيال زمير يمكن أن تُغيّر المشهد. لكن زمير، على الرغم ممّا يقوله في الغرف المغلقة، لا يبدو مستعدًا للمجاهرة بالحقيقة”.