القائم بأعمال السفارة الإيرانية: الشرط للعودة إلى المفاوضات الوقف الكامل للعدوان
استقبل القائم بأعمال سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية توفيق صمدي وفدًا من لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية وتحالف القوى والفصائل الفلسطينية في مقر السفارة، حضر متضامنًا مع الجمهورية الإسلامية في مواجهة العدوان “الإسرائيلي” واستنكارًا “للغطرسة الأميركية الصهيونية على المنطقة”، وتأكيدًا على “حق شعوب المنطقة بالحرية وبالحياة العزيزة والكريمة”.
وقد أكد صمدي أن “العدوّ، باعتباره الطرف الوحيد الذي یمتلك الأسلحة النووية في المنطقة، ليس عضوًا في أيٍّ من معاهدات نزع السلاح الرئيسية الثلاث، أي معاهدة منع الانتشار النووي، اتفاقية الأسلحة الكيميائية، واتفاقية الأسلحة البيولوجية”. وقال: “هذا الکیان الذي يمتلك، خلافًا للقواعد الدولية كل أنواع أسلحة الدمار الشامل الثلاثة، يسعى بشكل منهجي إلى خداع وتبرير أفعاله العدوانية من خلال اتهام الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة، دون تقديم أي أدلة أو وثائق أو مستندات قانونیة”.
ورأى أن “العدوان الأخير من جانب الکیان على المنشآت النووية الإيرانية يشكل انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية”. ولفت إلى أنه “وفقًا للمادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة، يُحظر أي استخدام للقوة ضد سلامة أراضي أي دولة أو استقلالها السياسي، وما لم يُوقِف مجلس الأمن اعتداء الکیان، أو لم يُنهِ المعتدي نفسه عدوانَه وغزوَه، فإن أعمال إيران تُعتبر دفاعًا عن النفس ومسموحًا بها وفقًا للقانون الدولي، وما دام العدوان مستمرًا ولم يتوقّف، فإن أعمال الدفاع عن النفس مسموح بها بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة”.
وأشار إلى أن “ادّعاء الصهيوني المعتدي وزعمه بأنه تصرَّف “دفاعًا عن النفس” بعد عدوانه على إيران، لا أساس له من الصحة، فمن خلال انتهاكه للسيادة الإيرانية، بادر هذا العدوّ إلى العدوان بنفسه، ولا يمكنه الادعاء بأنه يدافع عن نفسه”.
وكشف أن “الجمهوریة الإسلامیة الإيرانیة تسعى إلى ردّ قائم على القانون الدولي، وليس إلى إجراءات انتقامية غير متناسبة وخارج السياق، لذلك، فإن أي عمل عسكري تتخذه إیران ردًا على ذلك يكون محدودًا ومُستهدِفًا ومتدرّجًا ومتناسبًا مع التهديد”.
وحمّل صمدي الولايات المتحدة مسؤولية دعمها الكامل للکیان المعتدي في جرائمه ضدها، لكنها لا تعتبرها حاليًا طرفًا مباشرًا في الاعتداء، وقال:”يتمثل ردّ إيران في استهداف الکیان الصهيوني فقط باعتباره المرتكب الرئيس للعدوان، ما لم تُبرَز أدلة جديدة على المشاركة الأميركية المباشرة”، مبيّنًا أنّ مجرد علم الولايات المتحدة بالهجمات وصمتها أو دعمها اللوجستي يُحمّلها مسؤولية قانونية دولية.
وأضاف: “وقد حذّرنا من أن استمرار الدعم الأميركي لأفعال الکیان الغاشم ستكون له عواقب إستراتيجية وقانونية. وقد سمعتم اليوم أن قناة CNN الأميركية نقلت عن مسؤول أميركي بارز بأنه نحو 30 طائرة أميركية تساعد “إسرائيل” حاليًا بعمليات التزود بالوقود، وأيضًا بالأسلحة والذخائر”.
وتابع: “إن ادعاء الولايات المتحدة بأنها مهدَّدة من قبلنا، رغم وجود عشرات القواعد العسكرية المنتشرة حول إيران، ادعاءٌ لا أساس له من الصحة وغير مقبول، فنظامٌ يمتلك أسلحة دمار شامل، بل هدد باستخدامها، لا يمكنه اتهام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالسعي لامتلاكها، إذ لم تشن الجمهورية الإسلامية الإيرانية أي حرب علی أحدٍ حتى الآن، وكانت دائمًا ضحيةً للعدوان الأجنبي في العقود الأخيرة، والغرب، بمعاييره المزدوجة وسردیاته الزائفة، يضغط على “الضحية” بدلًا من مواجهة “المعتدي”، وفي هذا الصدد، استُدعي سفراء عدة دول أوروبية (مثل ألمانيا وفرنسا) إلى وزارة الخارجية في طهران لعدم إدانتهم الصريحة للعدوان”.
وقال: “لقد أجرى وزير الخارجية اتصالات مكثفة مع نظرائه في مختلف الدول، وبخاصة دول الجوار والمنظمات الدولية، كالأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي؛ وطاقمنا الديبلوماسي بعث عشرات الرسائل لأصحاب القرار والنفوذ في العالم. وقد قمنا بواجبنا وتمّ شرح الوضع الراهن للجمیع والمطالبة بتنفيذ مسؤولیات الدول والمنظمات وفقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وطالبنا بتنفيذ بنود ميثاق الأمم المتحدة، وإدانة العدوان رسميًا، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقفه. وشددنا على أن واجب مجلس الأمن ليس مجرد إصدار بيان، بل إن وقف العدوان جزء من مسؤولياته الأساسية”.
وفي البعد القانوني والدولي، قال: “بمتابعة وطلب من الجمهورية الإسلامية، عُقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن في 13 من حزیران، وأدان معظم الأعضاء (وبخاصة روسيا والصين) هذا العدوان، كما أجرى الدكتور عراقجي اتصالًا بالأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الذي أصدر بيانًا أدان فيه بشدة هذا الإجراء، كما أشير إلى الاتصالات التي تلقّاها الرئيس الإيراني الدكتور مسعود بزشكيان من عدد من قادة الدول، والأمين العام لمنظمة “شنغهاي” للتعاون أدان، وأيضًا مجموعة “أصدقاء ميثاق” الأمم المتحدة أدانت بشدة هذا الإجراء الذي اتخذه الکیان المعتدي، وبناءً على طلب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عُقد اجتماع طارئ لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين 16 من حزيران دون التوصل إلى النتیجة المنشودة”.
وتابع صمدي: “على الرغم من استمرارنا بالتعاون مع الوكالة، فإنّ طهران ستحدّد ترتيبات جديدة ومحددة في تفاعلها مع الوكالة لحماية منشآتها وموظفيها”. وقال: “يرى بعض المراقبين أن المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة كانت -في الواقع- نوعًا من الخداع أو تمهيدًا للهجوم، وقد اطلعنا أيضًا على مثل هذه التحليلات؛ لكننا نعتقد أنه لو كانوا يسعون لغزو عسكري، لكان بإمكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحديد سياسته القائمة على الهجوم منذ البداية وعدم المشاركة في المفاوضات أساسًا”.
ورأى أن مفاوضات مسقط لم تتوقف، ولو وصلت المفاوضات إلى طريق مسدود، لاختلف التحليل والتقییم؛ لكن لم يُعلِن أيٌّ من الطرفين، رغم الخلافات القائمة، وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، وفي رأينا، كان تدخل الکیان الصهيوني في منتصف المفاوضات عملًا إجراميًا لتعطيل العملية الديبلوماسية. إذًا، نظرًا لتواطؤ الولايات المتحدة في العدوان الأخير، فقد توقفت المفاوضات، حتى الوقف الكامل للأعمال العدائية، وقد أكدت إيران، أن الحوار والديبلوماسية لا معنى لهما في ظروف استمرار الأعمال العدائية، وأن الشرط للعودة إلى المفاوضات هو توقف الکیان الصهيوني عن دعم الإرهاب الحكومي والوقف الكامل للعدوان”.
وختم صمدي قائلاً: “تعرفون، عادة ما توجد أساليب في الحروب من أجل إضعاف وضرب معنوية الطرف المقابل، ويمكن تسميتها “أراجيز”، فلذا نرجو من الجميع التنبّه والوعي وعدم التورط في فخ العدو، عندما يدعي بأنه قام ويقوم وتم ويتم بكذا وكذا”.