الشيخ الدكتور بلال شعبان في خطبة الأضحى “هل علاقتنا مع غزة علاقة أخوة وتناصر؟

أمّ الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان المؤمنين بصلاة الأضحى في مسجد التوبة بطرابلس، ثم ألقى خطبة العيد.

وقال فضيلته “الحمد لله الذي منّ علينا بالاسلام، الحمد لله الذي منّ علينا باتباع النبي العدنان، محمد عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام، الحمد لله الذي منّ علينا بالقرآن وجعله شفيعنا في الدنيا والاخرة، لنكون من أهل القرآن ومن اهل النجاة في الدنيا والاخرة، ليكون لنا دستورا في الدنيا وليكون لنا نورا في القبر، ليكون لنا هداية انه سميع مجيب”.

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه باحسان وخير الى يوم الدين أمّا بعد عباد الله…

إنّه العيد وسمي العيد عيدا لأنه يعود بالخير، والعيد هو لاهل الدين والايمان هو عبادة وطاعة يأتي بعد طاعة، فعيد الفطر يأتي بعد الصوم وعيد الاضحى يأتي بعد فريضة الحج، فنسأل الله سبحانه وتعالى ان يعيننا على أداء فرائضنا… ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “زيّنوا أعيادكم بالتكبير” بتكبير الله عز وجل، والتكبير ليس بسبسة باللسان، ولا طقطقة بالمسبحة، تكبير الله عزّ وجلّ هو مشروع الحياة، فعندما تكون الله اكبر الله اكبر، الله اكبر من كل كبير، الله اكبر من أهوائنا من مصالحنا من خصوصياتنا من زعاماتنا، الله اكبر من كل الطغاة الموجودين على وجه هذه الارض، يجب ان تتعاطى على هذا الأساس، في كل سكنة في كل ركعة في كل قيام، قبل كل سجود بعد كل سجود لله عز وجل، تُكبّر الله لتدرك أنّ كل ما تراه تحت عين السماء من أكاسرة وقياصرة وأباطرة، هم صغار امام عظمة الله تبارك في علاه، فيجب علينا ان نترجم تكبير الله عز وجل واقعا في حياتنا.

 ايها الاخوة المسلمون، يأتي عيد الاضحى وسمّي بالاضحى وبالقربان، لأن الله عز وجل قدّم لنبي الله ابراهيم عليه الصلاة والسلام، قدّم له قربانا بدل اسماعيل، الله عزّ وجلّ قال “وفديناه بذبح عظيم” وهذه الاضحية وهذا الذبح العظيم استبدل فيه دم الإنسان بدم الأنعام، فلا يجوز لمسلم أن يريق دم أخيه المسلم “كلّ المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله” وإن ذلك ليؤكّده رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عندما ضحّى بكبشين أقرنين أملحين، فقال “هذا عن آل محمد وهذا عن من لم يضحِّ من أمة محمد صلى الله عليه وسلم” فالاضحية هي لحفظ الانسان وحفظ الانسان بالضروريات الخمس: في ماله في عقله في دمه في نفسه في دينه في معتقده. هي اساس الدين، خلق الله تبارك وتعالى الخلق من اجل توحيده، ومن اجل حفظ الانسان، ليحاسبه الله عزّ وجلّ بعد ذلك. فهل يحفظ الإنسان في حياتنا؟

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه” هل حرمة دم الانسان المسلم المؤمن في كل أصقاع الارض وخاصة في غزة، قد حقن؟ وهل ترجم مشروع الاسلام في حياتنا في صلاتنا في كل سكناتنا على مستوى الواقع وعلى مستوى الارض لكي نكون قد قدّمنا وقد طبّقنا ديننا حقّ التطبيق؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجّة الوداع وقف مخاطباً صحابته الكرام قائلاً: أيّ يوم هذا وأيّ شهر هذا وأيّ بلد هذا؟  فقالوا إنّه يوم حرام في بلد حرام في شهر حرام، قال فإنّ دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى أن تلقوا ربّكم… ثمّ أشار إليهم قال اللهمّ فاشهد اللهمّ فاشهد اللهمّ فاشهد… قال هل بلغت؟ قالوا نعم قال اللهمّ فاشهد… أشهد أكثر من مائة وأربعة وعشرين ألف صحابي على هذه القوانين الثلاث.. ثم بعد ذلك أوصى بالنساء، قال استوصوا بالنساء خيرا ما أكرم النساء إلا كريم وما أهانهنّ إلا لئيم.. ثم أوصى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالصلاة، قال الله الله في صلاتكم.. العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر.. والصلاة هي أول ما يحاسب عليه المرء يوم القيامة، لذلك يجب أن نكون من اهل الاسلام ومن اهل الشهادة وأصحاباً لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.. إن أردنا كل ذلك اقرأوا قول الله عزّ وجلّ “محمّد رسول الله والّذين معه اشدّاء على الكفار رحماء بينهم” من بدّل هذه المعادلة فأصبح شديداً على المؤمنين ليناً مع الكافرين يفقد معيته وصحبته لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.

 اللهمّ اجعلنا على دربه اللهمّ اجعلنا على سيرته وسنته.

الله اكبر الله اكبر الله اكبر الله اكبر كثيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة واصيلا، يقول ربنا تبارك في علاه “ربّنا إنّي أسكنت من ذرّيّتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرّم ربّنا ليقيموا الصّلاة فاجعل أفئدة من النّاس تهوي إليهم وارزقهم من الثّمرات لعلّهم يشكرون” هو وادٍ غيرُ ذي زرع يحجّ الناس اليه طاعة لله تبارك في علاه، هو بيت حرام بنته الملائكة ليكون بيتا لله عزّ وجلّ، وأعلى عمرانه ابراهيم واسماعيل عليهما الصلاة والسلام.

 ايها الاخوة الكرام، كل ذلك من اجل عبادة الله وتوحيد الله عزّ وجلّ، حجيج الله اليوم هناك على تلك الارض البقعة الطيبة الطاهرة، يقومون بالمناسك وبالشعائر هناك، من طواف ومن إحرام ومن سعي ومن وقوف ومن رجم ثم من أضحية، وعندما يُحرِم الانسان يخلع كل الفروقات الفردية التي تمتاز بها الشخصيات والقوميات، فهذا يخلع لباسه الغربي وهذا يخلع لباسه الشرقي، ثم بعد ذلك تصبح البشرية بكليتها متميزة فقط بالالوان، يلبسون ثوبين اثنين، رداء وإزار وما يشبه الكفن. لم كل ذلك؟ لكي يؤكد لك ربنا تبارك في علاه أننا امة واحدة، تمتاز هناك عندما تحج الى بيت الله العتيق الشخصيات بالخلق باللون، فهذا الابيض وذاك الاسمر والاصفر والاحمر، هذا أجعد الشعر، هذا طويل وهذا قصير، وهذا من ايات الله عزّ وجلّ التي قال الله تبارك وتعالى فيها “ومن آياته خلق السّموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم” اختلاف الالسن والالوان، والله عزّ وجلّ يقول وهو يتحدث بعد ذلك عن خلقه عز وجل وعن غاية من هذا التنوع “يا أيّها النّاس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم” فلا يجوز الاختلاف فيما بين القوميات، ولا ما بين الاعراق ولا ما بين الالوان، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل من امته ومن اركان صحابته، روميا اسمه صهيب وحبشيا اسمه بلال وفارسيا اسمه سلمان، وعربيا اسمه ابو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم اجمعين، جمعهم تحت لا اله الا الله محمد رسول الله، وقال الله تبارك وتعالى فيهم “كنتم خير أمّة أخرجت للنّاس” ثم بعد ذلك اكد رسول الله صلى الله عليه وسلم انه يجب ان نتكامل فيما بيننا “المسلم اخو المسلم أحبّ أم كره” كيف يكون التكامل يا رسول الله؟ قال “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يظلمه” فهل علاقتنا اليوم مع غزة بعد اكثر من ستمئة يوم بعد قرابة السنتين من المذبحة الكبرى، هل العلاقة علاقة أخوة وتناصر؟ هل العلاقة هي علاقة تكامل؟

ما يجري اليوم ايها الاخوة الكرام هناك مذبحة كبرى، اكثر من المذبحة التي تضحّى فيها الاضاحي هناك في صعيد عرفات، هي اكبر مذبحة في العصر الحديث هي مذبحة غزة وجميعنا من امة محمد وندرك ان “سباب المسلم فسوق وقتاله كفر وحرمة جماله كحرمة دمه” هذا الدم اهم من الكعبة هذا الدم الطاهر اهم من الدنيا وما فيها، مصداقاً لحديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال “لهدم الكعبة حجرا حجرا اهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم بغير حق” وفي رواية “لزوال الدّنيا أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم بغير حقّ” غدا سنقف امام الله عزّ وجلّ، فماذا سنقول له؟ عندما يشتكي الى الله عز وجل كل تلك الحرائر والنساء والاطفال والشيوخ، وقالوا نادينا يا للمسلمين فلم يلبّوا يا للعرب فلم يلبّوا يا فلسطين فلم يلبّوا لم تلبّي الدّنيا بكلّيتها، لذلك كان شعارهم وما يزال وسيبقى “حسبنا الله ونعم الوكيل” لذلك سنُسأل عن كل ذلك حدّثوا انفسكم بكيفية مواجهة الكيان الغاصب، لأنّ ما يجري هو مكلف جدًّا، هناك من يقارن فيما بين المواجهة والموادعة، فيدّعي أنّ الموادعة أفضل يقول لك انظر إلى ما حصل في غزة “فترى الّذين في قلوبهم مرض يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده ويصبحوا على ما أسرّوا في أنفسهم نادمين” يقول لك الناس تموت فلنسع صوب السَّّلم لأنّه ورد في القرآن الكريم “إن جنحوا للسَّلم فاجنح لها وتوكّل على الله” وكلّهم يتحدث عن صلح الحديبية، بدون فهم بدون وعي ينزلون الاحداث في غير موضعها، فلم يجنح اليهود الى السَّلم في لحظة من اللحظات، والله عزّ وجلّ قال فيهم “لتجدنّ اشدّ النّاس عداوة للّذين آمنوا اليهود والّذين أشركوا” ثم بعد ذلك يقول لك الحديبية، أيّ صلح وهي معركة ومذبحة وملحمة كبرى؟ وتكلفة الصلح والسكوت والصمت على الصفع اليومي لكل عواصمنا كل رؤوسنا كل رؤسائنا وملوكنا وأمرائنا، وقد وصلت الى مرحلة ان نعطي الجزية عن يد ونحن صابرون، خمسة مليون دولار تكفي لكل البشرية، لا يبقى فقير لا يبقى مستضعف ان وزعت على المسلمين، كل مسلم في على وجه الكرة الارضية سيخرج بخمسة آلاف دولار، ثم بعد ذلك بعدها خمسة ترليون هل أمنت غزة هل أمنت عواصمنا؟ هل أمنت كل تلك البلدان والمدن لم يأمن شيء، لذلك الجأوا الى كتاب الله عز وجل وهو القائل في محكم تنزيله “وقاتلوا في سبيل الله الّذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحبّ المعتدين”

 نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيد العيد علينا وقد توحّدت امتنا وعادت لنا سطوتنا وقوتنا، من اجل ان نقيم دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة تعمّ الارض، يحكمها خليفة وإمام لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، عنوانها لا إله إلا الله محمد رسول الله، تحكم بالعدل فيما بين الناس، حتى لا يظلم احد، حتى لا يقتل احد، حتى لا يجوع احد، حتى لا يقهر احد، حتى يقيم الله تبارك وتعالى فينا العدل على وجه هذه الارض.

************

الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي تبادل التهاني بالعيد مع المصلين عقب خطبة عيد الأضحى المبارك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *