ثنائيّة السّيف والقرآن موضوع خطبة للشّيخ د.بلال سعيد شعبان في بطرماز الضنيّة شمال لبنان

ألقى الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان خطبة الجمعة من على منبر مسجد المصطفى في بطرماز الضنية 23 / أيار / 2025

وبدأ فضيلته الخطبة بقوله تعالى في سورة الإسراء “إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا وأنَّ الَّذِينَ لَا يَؤُمِنُونَ بِالآخِرَةِ أعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً ألِيمَا” صدق الله العظيم

وتابع “القرآن هو مشروع هداية للبشرية جمعاء، وهو رسالة الله تبارك في علاه لأهل الارض والسماء، وهو دستور للبشرية، يتحدث فيه القرآن عن كل ما يخصّ الانسان من سعادة ومن فلاح في الدنيا والآخرة يدله على طرق الخير ويحذره من سبل الشر،  لذلك قال الله تبارك وتعالى “إنّ هذا القرآن يهدي للّتي هي أقوم” والقرآن الكريم كما ورد في الحديث الشريف يقول “خيركم من تعلّم القرآن وعلمه” لم؟ لم خيركم من تعلّم القرآن؟ وليس خيركم من تعلّم الفيزياء وعلمه، خيركم من تعلّم اللغة وعلّمها خيركم من تعلّم الرياضيات وعلمه، لأن القرآن الكريم فيه مفاتيح كل شيء، فيه مفاتيح السعادة والعلوم والرياضيات والهندسة والتجارة والعلاقات الداخلية والعلاقات الخارجية.

في القرآن الكريم يوجد قواعد كل شيء، تقرأ في القرآن الكريم قول الله عز وجل “ما فرّطنا في الكتاب من شيء” وفي آية أخرى من سورة الانسان “هل أتى على الإنسان حين مّن الدّهر لم يكن شيئا مذكورا إنّا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا” ” إنّا هديناه السّبيل” دللناه على السّبيل “إمّا شاكرا وإمّا كفورا” “وهديناه النّجدين” هدي طريق الحق وسبل الغواية، لذلك يجب على الانسان أن يقرأ القرآن قراءة تدبّر وتفكّر.  كثير من الناس على المستوى العلمي، كثير من الناس يعتبر العلم الشرعي هو علوم الفقه أو التفسير أو الأصول ونقطة على أول السطر. حقيقة لا… كل علم موجود في هذه الدنيا سواء كان علم جبر او هندسة او كيمياء او فضاء او فلك هو علم شرعي، لم؟ لأنه علم وتطلع وتأمل بما خلقه الله عز وجل، وليس من درس الشريعة هو دارس للعلم الشرعي ومن درس الطب دارس للعلم الدنيوي، كلا… اقرأ في القرآن الكريم قول الله عز وجل “أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السّماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت” ما هذه الآيات؟ انا عندما انظر انظر نظرة تأمل وتدبر وتطبيق، ما معنى “أفلا ينظرون الى الإبل كيف خلقت” بعض العلماء يقولون هذا علم البيطرة، وإلى السماء كيف رفعت هي علم الأفلاك وعلم الكون، والى الجبال كيف نصبت هي علم العلم الجيولوجيا، عندما تتحدث وتقرأ قول الله عز وجل وفي أنفسكم أفلا تبصرون” ماذا ينظر الانسان في داخل نفسه؟ عندما يتأمل الانسان في صنع الله عز وجل في داخل الإنسان يجد العجب العجاب، وكل ذلك يدفعه الى الإيمان بالله تبارك في علاه، لأن الله عز وجل يقول “إنّما يخشى الله من عباده العلماء”  لذلك اليوم عندما تنظر في الجسد الانساني تجد محركا مولدا، “وفي أنفسكم أفلا تبصرون” حركة غير إرادية،  تسرع في المشي تزيد ضربات القلب تزيد الحركة الدموية يزيد الأيض، يزيد الهضم يزيد عمل الكلى، ما هذا؟ في النهار حركة الرئتين ارادية وغير ارادية، تنفس حركة ارادية في الليل تنام لا تحتاج إلى مولد يحرك الهواء ليدخل الأوكسجين إلى الدم، الكلى تصفي مئات الليترات من الدم يوميا، من الذي خلقها؟ ربنا تبارك في علاه. المعدة حركة غير ارادية دائمة تطحن كل شيء، هي عضلة لحمية تطحن حتى اللحوم، من الذي خلقها؟ ربنا تبارك في علاه؟ لذلك الله عز وجل يقول “إنّما يخشى الله من عباده العلماء” لذلك دائما كل العلوم هي عناوين للقرب من الله تبارك في علاه وليست علم الفقه، اليوم علم فقه الوضوء، ما رأيكم أن تكون الخطبة عن الوضوء؟ تقول لي يا شيخ أنت تضيع لنا وقتنا توضأنا والآن نصلي! أو أن أحدثكم عن السنة القبلية… صلينا السنّة وقعدنا… ولكن العلوم الاخرى هي العلوم التي ترتقي بالناس، لذلك الرسول يقول “خيركم من تعلم القرآن وعلمه” لأنك تنهض على السبيل العلمي… ما رأيك أن نذهب إلى السياسة؟ هناك الكثير من الناس يقولون لك يا أخي خلينا بالدين واترك السياسة… كلا، الدين هو سياسة واقتصاد وفكر وفقه ودنيا وآخرة وعائلة واقتصاد وبيع وشراء… القرآن الكريم حدّد لك العلاقات السياسية الداخلية والخارجية مع المسلمين ومع غير المسلمين، يقول لك في العلاقة مع غير المسلمين ممّن لا يحاربونك يقول لك “لا ينهاكم الله عن الّذين لم يقاتلوكم في الدّين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم” تريد دعوتهم إلى الدين “ادعُ إلى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة” يقاتلوننا، يقول لك القرآن “وقاتلوا في سبيل الله الّذين يقاتلونكم ولا تعتدوا” أخرجني من القدس “وأخرجوهم من حيث أخرجوكم” ما الذي صار عندك؟ صار عندك خارطة طريق للعلاقات الداخلية والخارجية… العلاقة فيما بيننا محددة بالقرآن الكريم وليست على هواك أو هواي يقول لك “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم” إذا لم تتعاط بالرحمة “الرّاحمون يرحمهم الرّحمن” ستفقد المعيّة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول لك “أشدّاء على الكفّار رحماء بينهم” يحدّد لك طريقة الخصومة كيف تحلّ الأمر. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الدين العظيم، يحدّد لك الولاء والعداء والبراء وحتّى الخصومة، وكيف تفضّ الخصومة، يقول لك “لا يحلّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الّذي يبدأ بالسّلام” وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. تصل بعد ذلك الى التحالفات الدولية وبعض الناس يعتبر أن التحالف او البحث عن التحالف هو مثل سباق يعني رهان يعني قمار، يعني تراهن من الذي سيسبق؟ انا أقف مع الذي يسبق ومع الأقوى هذا غير صحيح، أنت يجب أن تكون مع المستضعفين في وجه المستكبرين ومع المؤمنين في وجه الظالمين. الله عز وجل يقول “إنّما وليّكم الله ورسوله والّذين آمنوا الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون” أنا أريد أن أكون مع الأقوى والأقوى اليوم الكيان الغاصب وأمريكا وأنا مع الكيان الغاصب وامريكا، لم؟ لأنهم سيقتلونني سيقطعون رزقي.. أنت لم تفهم القرآن الكريم، الله هو المحيي والمميت والمعز والمذل والرازق والضار والنافع، لذلك يجب ان تكون مع المسلمين من المستضعفين في حال ضعفهم وفي حال قوتهم لانه الولاء يكون إنّما المؤمنون إخوة” من هم المؤمنون “الّذين يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون” كل من يصلّي ويدفع الزكاة ويقوم ويصلّي ويتّجه الى قبلة تتجه اليها أنت هو مؤمن وهو أخ لك، وحقه عليك وحقك عليه، لذلك المسلم أخو المسلم أحبّ أم كره، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا ولا يخذله ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه… الأخوة ليس لعقاً على الألسن كلمتين ثلاث وانتهى، يصبح لديه حق الأخوّة عليك، هل هذه هي الأخوّة الوطنية او القومية؟ لا، الأخوّة الايمانية العابرة للأوطان وللأقوام.. لذلك أخوّتك إلى جانب غزة هي عنوان من عناوين صحة دينك وعقيدتك “من بات ولم يهتمّ” من لم يحمل الهم ويسعى إلى الدفاع عن اخوانه من بات ولم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم” فليس منهم “مثل المسلمين في توادّهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسّهر” تتوجع من ضرسك لن تنام، تتوجع في أطرافك لا تستطيع أن تنام تتحول إلى كتلة من اللهب حرارة في كل الجسد لم؟ لأنه جسد واحد… عندما لا يستشعر عضو بآلام المسلمين في لبنان او في غزة او في فلسطين او في اليمن يكون مبتورا عن جسد الامة، وهذا ما ينظر له مشروع الكفر العالمي عندما جزأ بلادنا الى دويلات قطرية حتى لا نتكامل حتى لا نصبح اقوياء… مشروع القرآن الكريم هو مشروع يدلّك على كيفية التكامل وحلّ النزاعات، يصير إشكال بين رجل وزوجته او زوجة مع زوجها، يدخل الشيطان فيما بينهم يقول لها لن أطلقك ليوم القيامة، تقول له والله سأوكّل محاميا لا يعرف الله حتى تدفع ما فوقك وما تحتك، لمَ كل هذ؟ اذهب إلى القرآن الكريم يحل لك المشكلة بكلمتين، تعرفونها “إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” انتهت القصة، الدنيا كلّها ستون سنة سبعون سنة، أعمار أمتي بين الستين والسبعين، أو أن يختلف الناس على الميراث، عشرات السنين اختلافات على الميراث وهذا له شرح في القرآن القرآن حدد لك شكل الميراث، “للذّكر مثل حظّ الأنثيين” أما من له لسان ويقلب الحق باطلا والباطل حق هنا يقول لك سيدنا النبي “إنكم لتختصمون إلي وإنما أنا بشر” بشر يعني لا أرى لا أعلم الغيب، “إنّما أنا بشر وإنّكم لتختصمون إليّ وربّما يكون أحدكم ألحن بحجته من أخيه فأقضي له” أحكم له “فمن قضيت له بشيء من حقّ أخيه فإنّما قضيت له بقطعة من نار فليأخذها او ليدعها” يقول له الرسول قضيت لك وبرأت ذمتي لأني حكمت بما لدي من شواهد ومن أدلة، فلو قضى لك القاضي يجب أن تبرأ أمام قاضي الأرض وقاضي السماء حيث هناك جمرة من نار تكتوي بها، صار عندك للذكر مثل حظ الأنثيين، وعند إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، وعندك العلاقات الدولية، عندما يأتي ترامب فيزور الدول العربية والاسلامية ويزورهم نتنياهو، تقول لي ولي الأمر، أما الله فقال “وأطيعوا الله ورسوله وأولي الامر منكم” وليس منهم، لذلك مسؤوليتك ان تبقى مع أمتك في كل لحظة في كل وقت وفي كل حين، ويجب ان تكون شريكا بالمغنم والمغرم، الله عز وجل بيقول “إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة” اسأل نفسك ما الذي قدمته لله عز وجل في العقد الذي بيننا وبين الله، النفس هي لله عز وجل الكثير منا في الانتخابات يقول له للزعيم بالروح بالدم نفديك يا زعيم، انتبه أنت الروح عاطيها لله عز وجل والدم أعطيته لله، كيف تعطيها لمرتين لله وللزعيم،  العقد الأساسي عقد مع الله عز وجل، ثم في المال ما الذي قدمت؟ رحم الله الحاج مصطفى رستم الذي ساعد في بناء هذا المسجد “من بنى لله بيتا بنى الله له بيتا في الجنة” بارك الله عز وجل لمن قدّم الارض وبارك الله في أهل هذه القرية الطيبة الطاهرة، هناك شيء يجب أن تقدمه ما الذي قدمنا لغزة؟ يقول لك والله لا نملك لهم الا الدعاء، هناك غشّ، لدينا الغاز والنفط والمال والأرض، بعض الناس لا يدعو فقط بل يقول اللهم إنهم هناك في غزة اللهم انهم فقراء فأغنهم جرحى جوعى قتلى شهداء يعطي الله والعياذ بالله الموقع الجغرافي، لم ألا يعلم الله ذلك؟ الله يقول “قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف قوم المؤمنين” لذلك “ما فرّطنا في الكتاب من شيء” ثم يأتي من يقول لك دع السياسة جانبا وتكلم في الدين، فالدين غير السياسة والسياسة غير الدين، كلا… نحن قوم سياستنا عبادة وديانتنا سياسة، ألا تقرأ في الفاتحة “اهدنا الصراط المستقيم غير المغضوب عليهم ولا الضالين” هو اصطفاف سياسي “أولئك مع الّذين أنعم الله عليهم من النّبيّين والصّديقين والشّهداء والصّالحين وحسن أولئك رفيقا” هذا هو معسكرنا، أما المعسكر الآخر فاسمه “لا تتّخذوا اليهود والنّصارى أولياء بعضهم أولياء بعض” من هو العدوّ؟ “لتجدنّ أشدّ النّاس عداوة للّذين آمنوا اليهود والّذين أشركوا” لذلك إياكم والمقامرة في المواقف يجب ان تكون مع محمد صلى الله عليه وسلم في حال ضعفه وقوته، يجب ان تكون مع موسى مع ابراهيم، مع كل الرسل والرسل والانبياء والدعاة والشعوب والمؤمنين في حال ضعفهم وقوتهم، محمد صلى الله عليه وسلم عندما كان في مكة المكرمة كان ساحرا كاهنا مجنونا يعلمه بشر، كل من آمنوا معه لا يتجاوز عددهم الأربعين، عندما ذهب إلى المدينة المنورة وأصبح قوياً وعاد الى مكة المكرمة على رأس جيش من عشرة آلاف انتهى السحر والكهانة والجنون، صار أخ كريم وابن أخ كريم، ما هذا السحر الذي تغيّر؟ كان ضعيفاً وصار قوياً، مكة هي مكة المدينة هي المدينة قريش هي قريش، محمد رسول الله بدعوته هو محمد رسول الله بدعوته في مكة والمدينة، ما الّذي تغير الآن؟ اذهبوا فأنتم الطلقاء لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. لا تستطيع أن تكون مع رسول الله في المدينة وتكون مع غيره في الغار، تكون معه في المدينة ومع غيره في مكة المكرمة وهو يعذب هو وصحابته في مكة، يجب ان تكون مع الحق في جميع الظروف ويجب ان تكون مع المستضعف ومع موسى ومع ابراهيم ومع محمد بحال ضعفه وقوته، وضد الكفر ولو اعجبك وارغبك وارهبك واتعبك، يجب ان تكون في هذا الاصطفاف وهذا له ثمن؟ طبعا له ثمن. من قال أنك أتيت إلى هذه الدنيا للراحة؟ في هذه الدنيا يوجد ثمن “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بانّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون” وفي آية أخرى “أم حسبتم أن تدخلوا الجنّة ولمّا يأتكم مثل الّذين خلوا من قبلكم مسّتهم البأساء والضّرّاء وزلزلوا حتّى يقول الرّسول والّذين آمنوا معه متى نصر الله” فيأتي جواب الرباني الرائع “ألا إنّ نصر الله قريب” اللهم نصرك لعبادك المؤمنين، اللهم اجعلنا شركاء بهذا الانتصار العظيم بدمائنا واموالنا، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.

 الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه…

 عندما تقرأ القرآن الكريم تعرف قيمتك قيمة إنسانيتك، قيمة هذا المخلوق الذي خلقه الله عز وجل، وأسجد له ملائكة قدسه لذلك لا يجوز ان يريق الانسان قيمته ولا كرامته بحالة من الاحوال، قيمة الانسان المؤمن ودم الانسان المؤمن “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا” في حديث رسول الله “لزوال الدنيا أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم بغير حقّ” في حديث آخر لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من سفك دم امرئ مسلم، لذلك هذه هي قيمتك، اليوم عندما تتعاطى مع القيمة الانسانية الاسلامية في معسكر او في دنيا لا يحكمها الاسلام تكون كل هذه الدماء لا قيمة لها، تراق شرق الارض وغربها ولا يقام لها أيّ اعتبار، لذلك نحن اليوم امام مذبحة كبرى لها أكثر من سنتين، أكثر، قرابة الخمسين او ستين ألف شهيد قرابة المئتي ألف مفقود وجريح، مليوني مشرد في غزة، الدنيا كلها لا تتحرك ولا تسأل، يعملون اجتماعا طارئا لجامعة الدول العربية بعد حوالي الثلاث سنوات من طوفان الأقصى… يقتل اثنان دبلوماسيان للكيان الصهيوني الغاصب بنيويورك، تقوم الدنيا ولا تقعد عاجل مات اثنان، وعندنا مات سبعون ألفا.. عاجل نبحث عن خلفية الذي قتلهم يبدو انه يمتلك ملامح شرق أوسطية، هذه هي القيمة الموجودة اليوم، لأن الميزان ليس ميزاناً قرآنياً، القرآن الكريم يقيم العدل فيما بين الناس، القاتل يقتل “من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا” هذه في القرآن الكريم عندما يحكم، هذه بقانون الإسلام عندما يحكم، ولكن عندما يحكم مشروع الكفر العالمي يصير لا قيمة لك… في مرة من المرات إبان احتلال امريكا لافغانستان أغار الطيران على قبيلة من القبائل الكبيرة في حالة عرس فقتلوا العشرات، فأحدث ذلك انقلابا في موازين القوى ضد امريكا في افغانستان، فقررت امريكا ان تدفع تعويضا لكل الذين قتلوا، كم دفعوا دية كل قتيل؟ دفعوا 50 دولارا… في ليبيا اتهمت بإسقاط طائرة لوكربي الأمريكية فوق بريطانيا، ولم يثبت ذلك ولكن رغم كل شيء دفعت، أجبرت امريكا ليبيا على ان تدفع مقابل كل واحد موجود في الطائرة دية عشرة مليون دولار، للفقير ديته خمسين دولارا، وهناك عشرة ملايين دولاراً، ترامب كان ليتمنى لو أنه كان في داخل الطائرة… ياتي اليوم كل هذا الجبروت فرعون العصر ليأخذ قرابة خمسة تريليونات دولار من اموال المسلمين، أخد منا جزية من وقت ابي جهل وابي لهب، كل شي كل نفط استخرج من وقت قريش للآن، أخذ الحيلة والفتيلة، أخد الديك وحق الديك، وفي المقابل ما الذي ندفعه من أجل غزة؟ ندفع بيانات، يأتيك مرة ثانية فوق كل ذلك يقول لك يجب أن تسلّم السلاح، وأن تسليم السلاح ضروري جدا… كيف يكون ذلك ضروريا؟ هل ستأخذ سلاح الكيان الغاصب؟ يقول لا… كيف يستقيم المنطق في ذلك، هذا هو قانونهم، هذا العالم يحكم بالظلم، ويجب ان يحكم بعدل الاسلام بعدل رسول الاسلام بعدل الصحابة الكرام، بعدل الخلفاء ابو بكر وعمر وعثمان وعلي، يجب ان يحكم بهذا العدل، إذا لم يحكم بهذا العدل نحن نحكم بالظلم الذي يقوم على يذبح أبناءهم ويستحيي نسائهم، لذلك مسؤوليتك ان تقرأ القرآن قراءة تفكّر وتدبّر حتّى تعلم قيمتك ومكانك، ومهما قدمت ستذبح، أحد الشعراء يتحدث عن أبيات جميلة يقول فيها عن لسان كل أولئك المنبطحين:

نحن لا نهوى الكرامة، نحن عشاق المهانة، نحن نهوى الانبطاح سلموا كل السلاح، نحن رواد المقاهي قهرنا في كل نادي، لا نبالي بالصلاح سلموا كل السلاح ليس تعنينا الكرامة، ليس يعنينا الانتصار، الله عز وجل يقول وأعدوا كيف يحق له وهو حمل السلاح انا لا يحق لي؟ ثنائية بالقرآن الكريم بسورة الحديد الله عز وجل يقول “لقد أرسلنا رسلنا بالبيّنات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط” انتبه ما بعدها “وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للنّاس وليعلم الله من يّنصره ورسله بالغيب” لا بد للقرآن من سيف يحميه، ولا بد للسيف من قرآن يوجهه، القوة دون قرآن تكون قوة غاشمة، والحق دون قوة يكون حقا مضيعا، اليوم كل العالم تقول لك فلسطين عربية من المية للمية، وآخر يقول المقررات الدولي تقر بأنها أرض عربية، الزيتون يشهد بأنها عربية، أقدم زيتونة عمرها أكبر من عمر الكيان الغاصب، ما تقوله صحيح وليس له قيمة إن لم يكن معك سيف، لذلك عندما تصبح قويا كرسول الله، عندما دخل مكة المكرمة يقول لك أخ كريم وابن أخ كريم، لذلك عندما يطلب منك تسليم السلاح وحصرية السلاح بيد الدولة ولكن كل الجيوش العربية لا تستطيع ان تقف في وجه الكيان، لانه لا لا يسمح بتسليح الجيوش العربية، كل الدول العربية مجتمعة لا تستطيع ان تقف في وجه الكيان، ولكن شعوبنا مئة وعشرة مليونا في مصر خمسة مليون لبناني، خمسة وعشرين مليون سوري، خمسة وثلاثين مليون عراقي، خمسة وأربعين مليون يمني، نستطيع ان ينقض على الكيان لنزيل هذا الظلم الذي نقف على مدى اكثر من مائة سنة، ثم نترجى امام الامم المتحدة وعصبة الامم وهيئة الامم من اجل ان نستعيد حقنا… اقرأ القرآن لترجع إلى فلسطين بكل بساطة، تقدم الدم والروح والنفس تعد تستعد نتحول الى اخوة متحابين فيما بيننا، نلفظ كل العداوات والاختلافات، الاختلافات فيما بيننا على المستوى اللبناني والسوري والفلسطيني والاردني والمصري والسوداني والعربي والعجمي، عندما نتحد فيما بيننا نصبح سيلا عرما، نجتث هذا الكيان من جذوره، من أجل أن نعود بعد ذلك أمة متكاملة لا يظلم فيها احد لا يقتل فيها احد لا تنتهك فيها مقدسات، يعود الامن والامان لنا ولسوانا، لأن مشروع الاسلام هو مشروع إنساني عالمي يقيم العدل فيما بين الناس.

 اللهم احقن دماء المسلمين، اللهم كن لاهلنا في غزة يا رب، اللهم كن معهم ولا تكن عليهم، اللهم سدد رميهم وارحم شهداءهم واشف جرحاهم، وفك اسر معتقليهم يا رب العالمين، اللهم من نصرهم فانصره ومن خذلهم فاخذله، اللهم اكتب لنا سبيلا للجهاد في سبيلك يا رب العالمين، لنكون شركاء في تحرير مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، لنكون من الفاتحين لكي نحوز على الحسنيين يا رب العالمين، نصر وشهادة، نصر نراه بأم أعيننا عندما ترفع راية إله إلا الله محمد رسول الله،  عالية خفاقة في سماء القدس بل في قبة الكون، لنستشهد بعد ذلك وقد قرّت أعيننا برؤية مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم محررا، ما ذلك على الله بعزيز إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، إنّ الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكرون.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *