ألقى الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان خطبة الجمعة، من على منبر مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، في مخيم البداوي طرابلس – لبنان
*حقيقة التقوى والخوف من الله: عبادة الصيام شعائرية وتطبيقية
وقال فضيلته “على بعد أيام من شهر الرحمة والغفران شهر صوم رمضان، وعلى بعد أيام من شهر المغفرة ننطلق صوب قول الله تبارك في علاه “يا أيّها الّذين آمنوا كتب عليكم الصّيام كما كتب على الّذين من قبلكم لعلّكم تتّقون” شهر الصوم شرع من أجل التقوى والتقوى هي المخيفة من الله عزّ وجلّ في كل شيء، فرمضان يزرع في داخل قلب الإنسان الرقابة واستشعار وجود الله عز وجل لتكون العبادة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية تستشعر رقابة الله عز وجل وتنطلق من الإحسان. الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك. لذلك يفسر حقيقة التقوى والخوف من الله عز وجل آيات كتابه، والله تبارك في علاه يقول “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” التقوى لا تتعلق بالعبادات الشعائرية فقط، التقوى هي في هذا السرد القرآني العظيم الذي قسم الخوف من الله عزّ وجلّ إلى عبادات وإلى شعائر وإلى تقوى شعائرية تطبيقية تعاملية صبر على الأذى جهاد في سبيل الله، كل ذلك يختزن حقيقة التقوى التي يأتي بها شهر رمضان “كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” قد تسأل العامة من هو الإنسان التقي؟ سيقول الشيخ والعالم بمظهره وفق السنة وكان الله يحب المحسنين، أن يكون ملتزماً بصفات مظهرية لديه لحية، حتى غير المسلمين لديهم اللحى الهندوس مثالاً، لذلك هي علامات في السنن المظهرية فقط…
*حقيقة التقوى وفق كتاب الله
التقوى الحقيقية تقرأونها في سورة البقرة “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ” البر ليس دعاء فقط، هي أركان الإيمان بشكل كلي “وآتى المال” عبادة تعاملية تبدأ بدفع المال”إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة”، فإن صدقت في بيعتك مع الله عزّ وجل تقدّم الروح والمال “إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة… هناك من يحلف اليمين ويكون عليها كفارتها وكفارتها إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، يسأل الشيخ عن كفارة يمينه فيفصل له فيختار أن يصوم ثلاثة أيام، لم؟ لأنه لا يريد أن يدفع المال. لذلك عليك أن تعمل حساباً شخصيّاً لنفسك لذاتك، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول “حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا” كم دفعت في حياتك؟ هل أنت تدفع المال الذي اشترطه الله عز وجل عليك والنفس جزاء للجنة؟ “إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة” أم هو الإيمان اللعق على الأنفس، الإيمان الشعائري الذي يتصف بحركات وسكنات دون أن يكون له تطبيق عملي؟ ترى كثيرا من الناس قولهم بالروح والدم نفديك يا فلان يا زعيم يا فلان لك المنة والفضل طول العمر… أما في العلاقة مع الله عز وجل يكون هناك أحياناً شكّ. لذلك أنت يجب أن تصدق عقدك مع الله عزّ وجلّ وأن تمهره بمهر الدم والمال “إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنة” كيف يكون الإنفاق؟ “يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون” إذاً “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ” تنطلق إلى القسم الثالث “وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ” هناك صلاة وهناك إقامة للصلاة، الصلاة هي سكنات وحركات تبتدئ بالتكبير وتنتهي بالتسليم، ولكن إقامة الصلاة هي أن تجعل الصلاة قائمة في حياتك مقومة لسلوكك مقومة لسلوكك، “أقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر” ومن لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر ما هو مكانه يا رسول الله؟ يقول لك “من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا” والفحشاء والمنكر تكون بالتجارة بالزراعة بالاقتصاد بالسياسة بالعلاقات مع الكفر بعلاقاتنا في ما بيننا في العلاقات الأسرية بالعلاقات البينية، يجب أن يكون هناك أمر بالمعروف ونهي عن المنكر حقيقي في الصلاة “وأقام الصلاة وآتى الزكاة”، القسم الرابع الذي يدل على من هو الملتزم ومن هو المتقي ومن هم أهل البرّ، نحن نعرّف هؤلاء الذين يصقل شخصيتهم شهر رمضان المبارك “وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ” هو الإيفاء بالعهد مع الله ومع عباد الله “وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ” هم أهل الصبر في ميدان المواجهة والنزال الجهاد، هم الذين يصبرون على ما أصابهم من الله عزّ وجلّ، هم الذين يؤدّون حقّ الله عزّ وجلّ في زكاة الدم تماما كما في زكاة المال، هم الذين يدافعون عن أمتهم عن أهلهم عن عرضهم عن دينهم عن مقدساتهم “والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس” يعني حين النزال حين المواجهة. سيدنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كان أشد الناس بأساً والصحابة الكرام كانوا يقولون “كنا إذا حمي الوطيس نحتمي برسول الله وكان أقرب ما يكون إلى عدوه” كان في الليل يقف مصليا قائماً حتى تتورم قدماه، وحتى تبتل الأرض وتخضل لحيته وتبتل الأرض من دموعه، تقف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لتقول له يا رسول الله لم وقد غفر الله تبارك وتعالى لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال أفلا أكون عبداً شكوراً، هذا النبي العربي الأمي الذي يقيم الليل طاعة لله عز وجل وشكراً لله، كان في ميدان المواجهة يقف ليدافع ويستلّ سيفه من أجل أن يدافع عن دينه عن المستضعفين، تماماً كما يحدث اليوم على أرض غزة وعلى أرض فلسطين وعلى أرض لبنان، أمام كل هذا الهول، أما كل هذا المعنى أمام كل هذا التفسير الله تعالى يقول “أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” شهادة من أروع ما يكون، نعيد الآية حتى تعلق في الأذهان “لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” اللهم اجعلنا من أهل الصبر اللهم اجعلنا من أهل التقوى اللهم اجعلنا من أهل الصدق.
*رمضان البذل والعطاء: تكافل وشعور بالآخر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة الكرام، شهر رمضان هو شهر الخير هو شهر البركة هو شهر الجهاد هو شهر التكامل. الله عزّ وجلّ يذيقك لسعة الجوع في رمضان من أجل أن تشعر بجوع الثكلى والأيتام، الله سبحانه يذيقك مرارة العطش في رمضان لتشعر أن هناك من لا يجد جرعة ماء ليسدّ بها عطشه في رمضان لذلك يدفعك بعد ذلك إلى التكامل الفعلي الحقيقي مع كل أولئك المحرومين، من عظيم التقوى في رمضان حديث رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم بحاله” أو كما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، عد إلى أول الحديث “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم بحاله” ما معنى ذلك؟ العلماء قالوا ما آمن إيماناً حقيقياً أما في اللغة العربية هو نفي للإيمان عمن أفطر وشبع وجاره جائع وهو يعلم بحاله، اليوم نحن نعيش هذا الألم وهذا الجوع على امتداد عالمنا العربي والإسلامي لأننا نعيش رمضانين اثنين، رمضان تحول من شهر الصيام لشهر الطعام، وله مراسم خاصة، فهو شهر عظيم جميل نعفّر فيه جباهنا لله عزّ وجلّ… نأكل فيه أطيب الطعام ثم ننطلق بعد ذلك في صلوة القيام ولكن بين قوسين هناك معنى آخر للصيام ينفي كل ذلك عندما قال النبي العدنان عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم بحاله” اليوم نحن أمام ما جرى ويجري في غزة وفلسطين ولبنان، نحن أمام صيام جديد، رمضان هذه السنة يجب أن يكون له نكهة أخرى وطعم مختلف بشكل كلي حتى لا نحرم أجر رمضان. اليوم هناك أناس لا يجدون ما يفطرون عليه ولا يجدون ماء ليفطروا عليه ونحن ههنا نتحدّث عن سنّة رمضان التي يقول بها عليه الصلاة والسلام “من أفطر فليفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإنه طهور” أتعمق بمعنى التمر فهناك من يقول تمر وهناك من يقول رطب، أغوص في السنة النبوية الشريفة ليتحدث الحديث عن التثليث عن التمرات الثلاث، ثم بعد ذلك عن الماء وعن كيفية شربة الماء وتجرع الماء لتتناول كأسك فلا تغب غباً ولكن تشرب على دفعات ثلاث.. يا بشر يا عالم يا ناس… هناك من لا يجد تمراً ومن لا يجد الماء! مُنع عنه ماء النيل ومنع عنه الطعام والشراب فهل يعتبر ذلك الذي صام وأفطر على الحشائش وعلى الأعشاب مخالفا لسنّة رسول الله محمد؟! تحتاج إلى تفسير… صار هناك تفسير جديد هناك فقه جديد لأن هناك واقعاً جديداً. نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم الوصال يعني تصوم يومين دون إفطار… يا رسول الله نهيت عن ذلك وهناك البعض يتحدث عن نهي تحريمي حتى لا يتلف الإنسان نفسه.. ولكن يا رسول الله هناك من أمتك اليوم من لا يجد ما يأكله فيصوم على مدى خمسمئة يوم ولا يستطيع أن يفطر على ما يريح معدته وما يخفف جوعه وما يزيل عطشه… فهل يعتبر ذلك مرتكباً للمعاصي والآثام لمخالفته سنّة النبي العدنان عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام؟… يأتي الجواب أن هذا لا إثم عليه ولكن الإثم كما ورد في حديث رسول الله على كل أولئك الذين تركوه في جوعه، وتركوه ليقاوم منفرداً لأن الرسول يقول “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع” لذلك إثم الوصال في الصوم لا يكون على من لا يجد ما يأكله وما يفطر عليه ولكن الإثم على كل دولنا العربية والإسلامية، وخاصة دول الطوق التي لم تمتشق سيف العزة والكرام، ليكون الإثم في عنقهم وفي رقبتهم، لأن الشعب الفلسطيني والشعب اللبناني هو الذي يدافع عن الأمة بكليّتها عن 2 مليار مسلم، وإن سقطت لا سمح الله غزة وإن ركعت غزة لا سمح الله ولن تركع إلا لله لن تبقى هناك عواصم ولا حواضر، لذلك رمضان هذا العام له طعم آخر… هنا تنطلق إلى سنة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يوم الهجرة عام الهجرة عندما آخى بين المهاجرين والأنصار، كلنا نعرف بعضنا، بين المخميات وبين لبنان هناك علاقة أخوية وحتى وطنية وحتى إنسانية مع العوائل هنا، يجب أن تكون هناك توأمة، الرسول آخى بين المهاجرين والأنصار، في لجان المساجد في اللجان الشعبية بالفصائل بالأسر بالعوائل بكل مخيمات لبنان بكل فلسطيني الانتشار… تعمل إحصاء لدينا 10000 عائلة أو مئة ألف عائلة، لدينا مليونان ونصف في غزة يكون هناك توأمة بين الأسر والعوائل، أنا أكفل عائلة وأنت عائلة وهو عائلة، ويتكفل بإفطارهم على مدى شهر كامل، وهذا واجب حتى نكون من أهل الإيمان، حتى لا ينفي عنّا رسول الله صلى الله عليه وسلم حقيقة الإيمان، حتى لا نكون من جماعة “ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع” هي مسؤولية الجميع، وطعام الواحد يكفي الإثنين، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وهذا حقيقة الإخوة الإيمانية والإنسانية وإخوة العروبة.
*العروبة اليوم عروبتان
بعض أعراب الجاهلية ينفي العروبة عن غزة لأنها خرجت عن المألوف، نقول لهم ويجب أن تعود بلادنا إلى الحضن العربي من جديد… نقول لهؤلاء هناك عروبتان عروبة رسول الله محمد وعروبة أبي جهل، أنت عن أي عروبة تتحدث؟ إذا كنت تتحدث عن عروبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فتمثلها غزة، ويمثلها كل أهل الشرف والعزة والفداء والكرامة الذين قدموا دمهم بنيانهم بيوتهم أرواحهم أطفالهم دفاعا عن دين الله وعن خلق الله وعن المقدسات، وكان شعارهم حسبنا الله ونعم الوكيل. أما الآخرون الذين يتمثلون بزي أبي جهل وبزي أبي لهب ويشمخون بمالهم ويتحدثون عن العروبة، هؤلاء ليسوا بعرب لأن العروبة حتى في الجاهلية، العروبة تعني نخوة كرم جود إباء أنفة مروءة… ولكن حين يغيب كل ذلك في التعاطي ويترك شعبنا الفلسطيني نهباً لسيوف الشرق والغرب ثم لا يتحركون بل بالعكس يتحركون بقوافل حقدهم وبقوافل الغذاء عبر البر ليصل كل ذلك إلى الكيان، لأن يمن العزة والكرامة الذي دعا له رسول الله بالبركة قطع البحر الأحمر… هؤلاء جماعة أبي جهل وأبي لهب ينطبق عليهم قول الله عز وجل “فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين” يقول لك سيغضب علينا ترامب، فرعون العصر اليوم بقروشه يريد أن يشتري غرينلاند ونيوزلاندا وقناة بناما وكندا، ثم يريد أن يشتري غزة، من سيبيعه غزة؟ يقول سيخرجون وحدهم.. كيف؟ أليسوا وهم بدمائهم بفقدهم لأحبتهم لم يخرجوا، هناك من فقد 100 من أسرته وعائلته ثم بعد ذلك عندما كسر الحصار وكسر محور نتساريم ذهب إلى الشمال ليجلس فوق الأنقاض…
*أبطال غزة مستقلون بقرارهم وإرادتهم ليست للبيع
هؤلاء الأبطال الذين نشرف في الوقوف في ما بينهم ههنا هؤلاء قال الله تبارك وتعالى فيهم “فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباداً لنا أولي بأس شديد” هؤلاء جماعة أولي بأس شديد، فهل تظن أنك تتعامل مع الملك الفلاني أو مع الأمير فلان وتطلب منه مليارا وترليونا، كلا هذا لا يعطيك إعطاء الذليل ويقف بكل عزة وإباء وعنفوان وكرامة وسيرى العالم بكليته أن الانتصار سينطلق من ههنا، لا يخدعنكم حديث الاستقلال في دولنا في لبناننا في كل تلك الدول، الاستقلال الحقيقي أن تستطيع أن تتخذ قرار المواجهة أمام الدنيا بكليتها ولا تخضع إلا لله وحده دون سواه، هذا هو الدين، هذا هو الإسلام هذا هو الإيمان، كثير من دولنا العربية اليوم بعد انتخابات لبنان يتحدثون عن عودة لبنان إلى الحضن العربي، أي عروبة هذه؟ اليوم هناك عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر وسائل الإعلام وعبر الأرضيات والفضائيات هناك من يحاول أن يسفّه وقوف لبنان إلى جانب غزة في جبهة الإسناد ليخرب كل شيء، ثم يطلب من العرب أن يساعد بالإنماء والإعمار…. لا، لا نريد من العرب أن يساعدونا في الإعمار، ولا أن يقدم كسرة خبز، لا نريد شيئاً من جماعة أبي لهب وأبي جهل، ولن يؤثر عليّ كل ذلك الإعلام وكل ذلك التخويف لأننا نلجأ إلى الله وحده دون سواه وهو ناصرنا وهو معزنا بحوله وقوته.
*لن تفلح محاولات تشويه المقاومة
أيها الإخوة الكرام، حقيقة الصيام وحقيقة رمضان تتجلى بفتح مكة، بحطين، ببدر، باليرموك… رمضان شهر الجهاد وشهر المقاومة وهذا الشهر بفضل الله وبحول الله سيكون بهذا المعنى دون أن تلتفت إلى كل تلك الترهات والتفاهات والإشاعات… “لا مقام لكم فارجعوا، أنت تستطيع أن تواجه أمريكا؟ هل تستطيع مواجهة الدنيا بكليتها؟ ما هذه المغامرة؟ ما هؤلاء المغامرون؟… المغامرة غير المحسوبة التي تصرف بها الإنسان بغير وعي.. لولا لجأت إلى ولي الأمر!” أي ولي أمر هذا؟! الله يقول “وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم” من أهل الإيمان، فليس هناك من اخترناه كله يأتي من الخارج، واحد أمريكي والآخر بريطاني والثالث فرنسي.. ثم بعد ذلك يبدأ الترويج وتشعر أنك في بيئة معادية، في بيئة بعيدة كل البعد عن التكامل في ما بيننا… كلا، بيئتنا واحدة ونحن قريبون من الله عز وجل ولا تلتفوا لكل أولئك الذئاب أو الضباع أو الكلاب، الذين يحاولون تشويه صورتنا وتشويه شهدائنا ووسمهم بوسم لا ينطبق على أحد، لأننا نحن عندما نقدم دماءنا فإنما نقدم دماءنا كما قدمها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، عندما قدمها كل أولئك الكبار… أحد الشعراء وأختم بذلك، يقول “قد جئتك يدفعني الحبّ، لأقيم ببابك يا ربّ، الأرض على سعة ضاقت، واشتد علي بها الكرب، في الشارع يتبعني كلب، والبيت يحوم به ذئب، يا رب أتيتك ملتجئا في زمن ليس له قلب، أمسيت أفتش في وطني عن شبر ليس به كلب”…
يا ربّ ينتشر فكر المقاومة الفلسطينية الشعبية اللبنانية في مشارق الأرض ومغاربها حتى نصوم صياما واحداً وحتى نقيم عدل الله حتى لا يجوع أحد، حتى لا يقتل أحد حتى لا يظلم أحد حتى لا يسجن أحد، حتى لا تبقى أرض محتلة، يا ربّ هيئ لنا قياما في شهر رمضان في مسرى رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم عما عريب، يا ربّ العالمين، كثير من الناس ينظر إلى أن هناك انهيارا كليا، والله هناك قول الله عز وجل “إن تكونوا تألمون فإنّهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون” بحر الدم شلال الدم الذي قدّم في فلسطين ولبنان الذي قدّم في غزة، لن يكون عوضه زوال الكيان الصهيوني الغاصب، ولكن زوال الكيان الصهيوني والهيمنة الغربية والأمريكية عن كل المنطقة لتذهب بعد ذلك من أرضنا مع جميع كلابها، حتى يبقى عباد الله المخلصين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون”.