وضوح الدعوة والمحافظة على الثوابت.. موضوع خطبة جمعة للشيخ د.بلال سعيد شعبان في مسجد التوبة 20 12 2024

تحت عنوان “وضوح الدعوة والمحافظة على الثوابت” ألقى الأمين العام لحركة التوحيد الإسلامي فضيلة الشيخ الدكتور بلال سعيد شعبان خطبة الجمعة من على منبر مسجد التوبة 20 12 2024.
وقال فضيلته “يقول ربنا تبارك في علاه “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا”، ويقول سبحانه “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”، يخبر الله تبارك في علاه أنّ الغاية من إرساء قواعد الدين وإرسال الرسل وإنزال الكتب وبعث الأنبياء هو أن يعمّ العدل والأخوة والبركة والإخاء بين الناس، وأن تكون الغاية هي ظهور الدين على كل الشرائع الوضعية.
“هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله”، ليظهره على كل الطروحات، “وكفى بالله شهيدا”، سبيل ذلك “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم”، فعادة عندما تنطلق الدعوة الإسلامية عندما انطلقت دعوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وضع عنوانا واضحا لدعوته لا لبس فيه لا تمويه فيه، عنوان واضح من أجل أن يصطف الناس حوله، قال لهم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، دعاهم وكان على جبل الصفا نادى قريشاً فاجتمعت فناداهم رسول الله وقال لهم ماذا تقولون لو أني قلت لكم أن عيرا جاءت لغزوكم قالوا ما جربنا عليك كذبا. قال فإني رسول بين يدي عذاب أليم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا” فأبو لهب قال له تباً لك ألهذا دعوتنا؟ ظننا أن هناك أمراً عظيماً أو غارة… ما طرحه رسول الله فهمه أبو لهب، فقال له تباً لك لم؟ “أجعل الآلهة إلها واحداً إنّ هذا لشيء عجاب”، يعني هناك نسف لكل الفكرة الموجودة في مكة المكرمة، الدعوة الأساس غايتي لا إله إلا الله قال لهم “ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ الليل النهار” ليظهره على الدين كله.
الكرة الأرضية كلها سيصلها أمر الدعوة والتوحيد ويجب أن تزال كل تلك الأصنام وكل ذلك الظلم، وكل ذلك الشرك الذي يعيش فيه الخلق والبشر والناس هذا العنوان الأساس الواضح هو الذي يستجلب الناس، أما إن كان هناك عناوين متداخلة متقاربة لا يدرك الإنسان فيها الكنه من الدعوة فذلك يحول الموضوع إلى موضوع يؤدي إلى الملل وإلى التداخل لا يستطيع الإنسان أن يفهمه، لذلك القرآن الكريم يقول فيه الله “والذين كفروا بعضهم أولياء بعض” اصطفاف، الكفار بعضهم أولياء بعض “إلّا تفعلوه” إذا اقتطعت أنا قطعة من الكفار وأنت أخذت قطعة من الكفار “إلّا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” لم؟ لأن فلان مع الروس وفلان مع الأمريكان ثم تخاطبني أنا والشيخ الفلاني مع الفرنسيين وفلان يدعو إلى انتخاب رئيس يدور في الفلك الأمريكي، هل توقف عليّ الأمر الآن؟… هذا التقسيم وهذه التجزئة يجب أن ينتبه إليها الإنسان، يجب أن لا يكون هناك تداخل، يصير عندك “والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير” وعندك “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم” صار عندك “والذين كفروا بعضهم أولياء بعض”، وكذلك “والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض”… يعملون في مشروع مشترك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطاعة الله.
ما يجري أحياناً يكون هناك حالة من حالات التداخل أو حتى حالة من حالات المداهنة المراآة النفاق الكذب وما إلى ذلك، يعني مثلا الله تعالى يقول لرسوله “ودّوا لو تدهن فيدهنون” قليلا من المداهنة على سبيل المثال اجتمع الصليب مع الهلال واجتمعت ديمقراطيتنا مع ديمقراطيتهم مع الشورى التي نحملها وما جاء به كارل ماركس مع ما جاء به هنتنغتون وما جاء به فلان وفلان، تراه يجتمع مع مشروع الإسلام. هنا كل المنافقين يصفّقون لك ولكن عند أهل الدين والإيمان يكون لديهم شيء في النفس، صار كل هذه العناوين التي تتداخل تتحوّل عند جميع الناس إلى رؤية ضبابية يستطيع من خلالها أن يقف أينما يقف، لم؟ لأنني أريد أخذ الرضى. والله تعالى يقول “ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار” يقول لك “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم” صار عندك دعوة واضحة إقامة العدل والعدل سيعمّ الأرض ويجب أن يكون هناك اصطفاف، الكفر في جهة والإيمان في جهة ثم بعد ذلك تبتدئ الملحمة من أجل إقامة مشروع إسلامي إنساني عالمي تحنّ فيه على المستضعفين من أيّ عرق ودين، ولكن لا يكون كل ذلك عنوانا من العناوين الكبرى التي تنطلق بها في مشارق الأرض ومغاربها هذا لا يعود دينا، لذلك الموضوع الأساس هو أن تنطلق في دعوتك وقد وضعت اليافطة الكبرى واللافتة الكبرى التي تقول: أنا مسلم مؤمن أدعو إلى توحيد الله وأدعو إلى وحدة إنسانية عنوانها كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى والعمل الصالح ثم إني سأقف إلى جانب المستضعفين كائنا من كان المستضعف وأقف إلى جانبه لأن الله عز وجل أمر بذلك وأقف في وجه المستكبرين والظلمة سواء كانوا أبو جهل وأبو لهب العربي أو فرعون موسى أو طغاة الغرب أو الغرب.
عندما تطرح مثل هذا العنوان تستطيع أن تنطلق على المحجّة البيضاء، ليلها كنهارها أما عندما تطرح عناوين ملونة مدغدغة لمشاريع الغرب، تظن أنك تضحك عليهم وأنك تسغلهم وتريد أن تنطلق من أجل أن ترفع راية الإسلام ولكن قليلا قليلا حتى لا ينتبهوا، لأتسلل من هنا أو من ها هنا ولأدخل البرلمان من هنا ليعطيني دولة إسلامية هنا لا في أفغانستان صارت ولا في سوريا صارت ولا في ليبيا صارت، وعندما وصلنا إلى مصر عند اللحظة الأولى تحول كل شيء إلى انقلاب تحول كل شيء نسف بشكل كلي فلم يعد هناك لا ديمقراطية ولا اشتراكية ولا شورى هناك عاد النظام الجبري الذي هو يؤمن عناوينهم الثلاثاء عندك توحيد الله وعندك إقامة العدل وعندك نصرة المستضعفين ومواجهة الظالمين، هو عنده مصالح الغرب وأمريكا وبقاء دولة الكيان الغاصب واستمرار تدفق النفط ووضع يده على كل الثروات.
اليوم ما الذي جرى؟ اليوم عندما التففت من هنا أو من هناك استفاد منك بدل أن تستفيد، ثم بعد ذلك أرسى نظاما جبريا في مصر يمنع حتى دخول كوب ماء واحد إلى غزة، كم عندهم نهر النيل كم هو مقدار التدفق رغم ذلك لم يقدموا كوب ماء واحد لماذا؟ لأنهم إنما وضعوا هناك من أجل حماية مشروعهم لا حماية مشروعك، من هنا يجب أن يكون هناك وضوع في كل حركاتنا في كل ثوراتنا في لبنان في سوريا في العراق في باكستان في إيران في تركيا في ماليزيا في أندونيسيا، تخيلوا هناك دول إسلامية عضو في حلف شمال الأطلسي وتدعو لإقامة دين الله وشرع الله، هذا أحدث حالة من حالات التلبك الفكري عند جميع الناس، ما المطلوب؟ المطلوب “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله” ما المطلوب ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث عن أن يعم الدين البشرية بكليتها وهو يقول “ليبلغن أمر هذا الدين ما بلغ الليل والنهار” عندما تنطلق بهذا الطرح هناك “وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر” لذلك المطلوب أيها الإخوة الكرام أن يكون هناك موضوع وضوح في الدين بالاصطفاف بالولاء بالفكر بعيدا عن الاختلافات بين قبائلنا بين مذاهبنا هناك حرب كبرى اليوم وهناك عدوان وهناك قهر هناك حرب كبرى يخوضها مشروع الكفر العالمي في غزة، لا زالت الحرب مستمرة في غزة ولم تتوقف ورغم ذلك لا تسمع تصريحا رغم المذابح الكبرى عشرات الشهداء يوميا ما الذي يجري؟ وكأن الجميع لا يسمعون. وكأنهم موتى.
هناك مثلا اجتياح لسوريا هناك إزالة نظام الظلم والقهر والجبرية هناك، وهذا شيء ممتاز، ولكن في نفس الوقت هناك اجتياح للجنوب السوري وصلوا لحدود درعا، أين الجامعة العربية صمتاً أين منظمة المؤتمر الإسلامي لا ثالث ولا أسبوع في المقبرة، أين الدول أين الحركات أين الجمعيات حتى أهل البلد أين هم؟ هناك لا يوجد أدنى تعليق حول ذلك لأن المشروع بكل أسف هو أن نعود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما حذرنا “لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض” اليوم عادت الأوسية والخزرجية، عاد الصراع بكل أسف اليوم ليتحول في ما بيننا وكل ما يجري بدل أن يكون في وجه الطغاة والمحتلين وفي وجه الوكيل والأصيل، الوكيل من؟ حكام الظلم العربي الموجودون في بلادنا، الأصيل الأمريكي. أنا أحارب الوكيل وأطلب من الأصيل الذي وضع الوكيل أن يعيننا على أن ينتزع ابن … الذي وضعه هو، هذا اسمه رؤية ضبابية عدم فهم للدين وعدم فهم للقرآن لذلك مشروعنا سيتحقق ولكننا في الغربلة الأخيرة التي يغربل ويهز الناس فيها هزة من أجل أن يدرك الإنسان وأن يعرف مقامه ومكانته.
لو طغى كل الكفر عم الكفر بكليته، يجب أن يبقى الشعار لا إله إلا الله محمد رسول الله مهما اشتدت المجازر ومهما اشتد القتل يجب أن تبقى مع المستضعفين مع الفقراء، وأن تقف في وجه المستكبرين، مهما بلغ جبروتهم وعتوّهم يجب أن تبقى في موقعك، في موقعك في الدفاع عن القدس وعن الأقصى وعن فلسطين، في رفض كل مشاريع الظالمين في بلادنا، كل أشكال حكم سايكس بيكو يجب أن تستأصل يجب أن تفرغ كل السجون ويجب أن تهد كل العروش، ليبقى منبر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم يصدح قائلاً “إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا”.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه فيا فوز المستغفرين.
الحمد لله والصلاة على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أيها الإخوة الكرام، دعوة القرآن والإسلام هي دعوة عالمية “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” “وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا” إياك أن تعتقد أن مشروع الإسلام هو مشروع اقتصاص واجتثاث للإنسانية، مشروع الإسلام هو المشروع الإنساني، لأن دعوته صلى الله عليه وسلم هي دعوة عالمية “وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا” يبشرهم بجنة عرضها السموات والأرض وبرضى ورضوان، وينذرهم من كل ذلك الظلم والجبروت والطغيان لذلك والدعوة هي دعوة للناس “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا” وليس لتعاركوا “لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” لذلك الله يقول لك “يا أيها الذين آمنوا” ويقول “يا أيها الناس” فيجب أن تفضي يا أيها الذين آمنوا إلى هداية الناس، وعندما يكون هناك حالة من حالات التضاد الإسلامي مع المشروع الإنساني فاعرف إذاك أن هناك خللا في فهم الدين، مشروع الإسلام مشروع يا أيها الذين آمنوا، هو اصطفاف في وجه المستكبرين الظالمين ولكنه دعوة للبشرية وللناس أجمعين، لأنّ الله عزّ وجلّ أرسل رسوله لم؟ أرسل رسوله لهداية الإنسان لهداية البشرية فالإنسان لا يستأصل ولكن يستخرج من الظلمات إلى النور، فبمقدار ما تحسن رفع العنوان والراية والدعوة بمقدار ما تكون قد دعوت إلى الله عز وجل، اليوم غزة تدعو لله عز وجل من 445 يوماً. كيف تدعو لله؟ بدمها الطاهر بالقرب من الله، بالتعلق بالله. يتخاذل جميع الناس من حولها واستطاعت غزة بدمها الطاهر أن تدعو إلى الله عز وجل، فكل الناس باتوا يبحثون عن الدين باتوا يبحثون عن الإسلام، ما الذي يدفع امرأة لأن تصبر ولطفلة من أن تصبر، ولولد ليخرج ليقول حسبنا الله ونعم الوكيل دون أن ينهار، يفقد عائلته بكليتها ذلك دفع الناس إلام؟ للإسلام لقراءة الدين لقراءة الإسلام. الصمود الأسطوري رفض كل مشاريع الكفر التي تجري والتجزير الذي يجري في غزة دفع كل الشعوب وكل الطبقة السياسية المثقفة الجامعية في الغرب إلى الاصطفاف إلى جانب قضيتنا لم؟ لأنك طرحت إسلاماً بعيدا كل البعد عن الاصطفافات السياسية وعن المحاور. إسلام يريد حريته يريد كرامته يصبر ولا ينكسر، اليوم الكثير من الصراعات دول كبرى تستسلم. في الخامس من حزيران 1967 ستة جيوش عربية انهارت بشكل كلي غزة حتى اليوم 400 يوم وستصل إلى 600 يوم كل يوم يخرجون ليضربوا ليؤكدوا على حقهم دون أن يكون هناك انكسار، تماما كبلال في الرمضاء تحت الصخرة يصرخ أحد أحد دون أن تنكسر إرادته أو أن يهتز إيمانه ويقينه هذا ما يجب أن نبقى عليه وإلى جانبه.
إياك أن تعتاد المشهد، إياك أن تعتبر أن ما يجري في غزة صار من الماضي ويجب أن تنتهي هذه القضية، لا، هي الوتد الأساس الذي ضرب أركان الكيان الصهيوني الغاصب وعلينا بعد ذلك أن نتابع الطريق من أجل أن نحقق ما وعد الله تبارك وتعالى به في سورة الإسراء وهو يتحدث عن وعد الآخرة ووعد الأولى “فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار” بعثنا عليكم عبادا لنا ليس لهم توصيف مذهبي ولا قبلي ولا قومي ولا عرقي، نسبهم الله عز وجل لذاته العلية، اليوم نحن هكذا يجب أن نكون. رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس الكلام يقول وهو يتحدث حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم يا عبد الله. هل قال يا مسلم اللبناني، هل قال يا مسلم العربي؟ قال يا مسلم التركي؟ قال يا مسلم يا عبد الله، هو عنوان أساس تجرد من كل المضاف إليه ليؤكد أنك تستطيع بقربك من الله عز وجل وبتجردك من كل المضافات أن تكون عبداً لله تستطيع أن تواجه وأنت تتّكل على الله عزّ وجلّ، إياك أن تظن للحظة أن وعد الله لن يتحقق، وعد الله سيتحقق وهو القائل “وكان حقا علينا نصر المؤمنين” هناك يجب أن يكون هناك فرز بين المسلمين، اتقوا الله حق تقاته هناك تقوى وهناك حق التقوى حق التقوى أن تؤمن بالله عز وجل وأن ترى النهار من وسط الظلمة وأن ترى الانتصار من وسط الضعف والتشتت والهزيمة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *