أكد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس 19/12/2024، أن “قدرات القوات المسلحة الروسية آخذة في الازدياد، والجيش الروسي يتّجه نحو تحقيق المهام الأساسية المحدّدة في بداية العملية الخاصة في أوكرانيا”.
وقال بوتين، خلال اللقاء السنوي الخاص “الخط المباشر”: “الوضع في المنطقة العسكرية يتغيّر بشكل كبير، ويجري التقدم على طول خط المواجهة بأكمله، وتستعيد القوات الروسية كيلومترات مربعة من الأراضي كلّ يوم”.
لا فرصة لإسقاط صاروخ “أوريشنيك”
وفيما أوضح أن صاروخ “أوريشنيك” هو “سلاح حديث ومتقدم للغاية ويعتمد على التطورات السابقة، لكنّه يمثل خطوة للأمام”،
قال: “نحن قادرون على تشتيت الرؤوس الحربية خلال ثوانٍ”، وأكد ألاّ “فرصة لإسقاط صاروخ “أوريشنيك””، وأضاف: “دعونا نحدد نقطة لتوجيه ضربة في كييف أو أي مكان أخرى، وليركزوا كلّ دفاعاتهم الصاروخية هناك ولنرَ ما يحدث، وسيكون هذا مفيدًا لنا وللأميركيين”.
وشدد بوتين على أن “أيّ تهديدات لبيلاروس هي تهديدات لروسيا نفسها، وسنفعل كلّ ما بوسعنا لحماية بيلاروس بالتعاون مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو”.
لم ألتقِ الرئيس الأسد
وعرض بوتين للوضع في سورية وحيثيات انهيار الجيش السوري وسقوط النظام، كاشفًا عن أنّه “لم يلتقِ الرئيس السوري السابق بشار الأسد بعد مجيئه إلى موسكو”. وقال: “يمكنني الحديث مع بشار الأسد بشأن الصحفي أوستن تايس المفقود في سورية منذ 12 عامًا. يمكن أن نوجه السؤال أيضًا إلى المسؤولين عن السلطة في سورية اليوم”.
ولفت إلى أن “ما يحدث في سورية لا يمثل “هزيمة” لروسيا”، وقال: “كنا نسعى لعدم تشكيل بؤرة للإرهاب مثل أفغانستان، وقد حققنا أهدافنا بشكل ما. والجماعات التي حاربت الجيش العربي السوري تغيّرت”، وأضاف “إذا كانت الدول الغربية تسعى اليوم إلى الحوار مع هذه الجماعات، فإن ذلك يعني أن هناك تغييرات طرأت على هذه الجماعات بالفعل”.
وتابع بوتين “الغالبية العظمى من دول الشرق الأوسط تؤيد بقاء قواعد عسكرية روسية في سورية.. نعوّل على أن يعمّ السلام والهدوء في سورية، ونبني علاقاتنا مع جميع المجموعات التي تسيطر على السلطة هناك، ومع دول المنطقة”، وأضاف: “سنفكر في بقاء قواعدنا في سورية، وسنقرر ما إذا كنا سنبني علاقات مع القوى السياسية التي تسيطر أو سوف تسيطر على مقاليد الحكم في سورية. هذا يتطلب البحث من قبل الطرفين عن أرضية مشتركة”.
وكشف بوتين قائلًا: “لقد اقترحنا على شركائنا بمن فيهم الموجودون على الأراضي السورية باستخدام القاعدة الدولية في حميميم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية. وهذا الأمر مرتبط أيضًا بالقاعدة في طرطوس”.
وتطرّق بوتين إلى النوايا “الإسرائيلية” والتركية والوضع في الشرق الأوسط، وقال: “نحن على تواصل دائم مع الرئيس رجب طيب أردوغان، وناقشنا الوضع في الشرق الأوسط وموقف الرئيس التركي، وموقفنا معروف ولا يعتمد على تغير الظروف السياسية”.
وأضاف: “دائمًا نعتقد أنه لا يمكن حل القضية الفلسطينية سوى من خلال إزالة الأسباب الجذرية لها، بإقامة دولتين، تمت إقامة دولة “إسرائيل”، ولم يتم إقامة دولة فلسطين بعد”، لافتًا إلى أن روسيا أدانت جرائم الكيان الصهيوني في قطاع غزة على جميع المستويات والمنصات بما في ذلك في الأمم المتحدة.
ورأى أن “تركيا تقوم بكلّ ما في وسعها لضمان أمن حدودها الجنوبية وضمان عودة اللاجئين إلى سورية، وربما إبعاد المجموعات الكردية عن الحدود. كلّ ذلك قد يكون ممكنًا ويمكن تنفيذه”.
“إسرائيل” المستفيدة من التطورات في سورية
ولفت إلى أن المستفيد الأساسي من التطورات في سورية هو “إسرائيل”، وقال: “روسيا ندّدت بأيّ احتلال للأراضي السورية من جانب “إسرائيل”، وموقفنا لا يتغيّر بهذا الخصوص”، وأضاف “”إسرائيل” تقدّمت 25 كيلومتراً ودخلت إلى التحصينات التي أقامها الاتحاد السوفيتي سابقًا في سورية.. نأمل أن تنسحب “إسرائيل” من المناطق التي احتلتها، لكننا نرى أنها ترسل مزيدًا من القوات، ولا يبدو أن لديها نيّة في الانسحاب، بل في توسيع توغلها، وضم بعض الأراضي إلى “إسرائيل”، وهذا يعقد الموقف أكثر”.
وشدد بوتين على ضرورة حل القضية الكردية، مشيرًا إلى أن بعض المسؤولين الأوروبيين سابقًا وعدوا الأكراد بإقامة دولة مستقلة، و”تم خداعهم”..، وقال: “هذه قضية معقّدة للغاية، الأكراد مقاتلون مثابرون، ويجب حل القضية الكردية في إطار التغيّرات الجديدة، يجب أن تحل تركيا القضايا المتعلّقة بأمنها، ويجب احترام سيادة كلّ الدول وسلامة أراضيها، مع الأخذ في الاعتبار السلطة الحالية في سورية”، وأضاف “نحن على تواصل مع كافة المجموعات التي تسيطر على الوضع في سورية حاليًّا”.
اغتيال الجنرال إيغور كيريلوف
وفي سياق آخر، وصف بوتين عملية اغتيال الفريق إيغور كيريلوف بأنها “عملية إرهابية”. وقال: “كان هناك الكثير من الأعمال الإرهابية في روسيا من قبل النظام في كييف في عدد من المناطق. لم نسمع من الصحافة الغربية إدانة واحدة لهذه العمليات”.
وأضاف: “عملية اغتيال الفريق إيغور كيريلوف، لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، كان هناك اغتيالات من قبل لشخصيات عسكرية وعامة وصحفيين. لنذكر داريا دوغينا. إنها طبيعة النظام في كييف، وهذا يعني أنه يجب العمل أكثر على الإجراءات الأمنية وعدم السماح بمثل هذه الفجوات”.
سبل حل المسألة الأوكرانية
وأعلن بوتين أن روسيا مستعدة دائمًا للمفاوضات والحلول الوسط في المسألة الأوكرانية، “لكن الخصم (أوكرانيا) هو من يرفض المفاوضات”، وأضاف: “نتائج المفاوضات يجب أن تكون الحلول الوسطية، وقد تم التوصل إلى مثل هذه الحلول في إسطنبول في مطلع 2022، وتم التصديق على الوثيقة المبدئية، ولكن بعد مجيء رئيس الوزراء بوريس جونسون، تم التنازل عن هذه الحلول. نحن مستعدون للمفاوضات وللحلول الوسط”.
وتابع: “روسيا ستتحدث مع زيلينسكي إذا قرر خوض الانتخابات وحصل على الشرعية، مستعدون لتوقيع اتفاق سلام مع أي سلطة شرعية، لكن السلطة الحالية بما في ذلك فلاديمير زيلينسكي فقدت شرعيتها”.
وأكد أن “مبادرات الصين والبرازيل وجنوب إفريقيا تهمنا لأنها محاولات حقيقية للبحث عن حلول حقيقية ومتوازنة ولا تلزم أي طرف سواء الأوكراني أو الروسي وتأتي من الدول المحايدة التي لم تتدخل في الأزمة كما يجري مع الدول الغربية”.
وأضاف: “الأمر يتعلق بما يجري على الأرض، يجري القضاء على المعدات العسكرية والأفراد في القوات المسلحة الأوكرانية. جيشنا يتقدّم إلى الأمام، والعدو لا يستطيع التمركز في المناطق التي يتراجع إليها، فيتراجع بشكل منظّم، لكنّه يعجز عن تثبيت أقدامه في المواقع الجديدة”.
ورأى أن “تجميد الصراع يعني منح العدوّ الفرصة للاستعداد عن طريق التجنيد بالتقاط المجندين إلى مواقع التدريب كعلف للمدافع دون تدريبهم”، وقال: “النظام الأوكراني ورعاته أنفسهم لا يعرفون فنون الحرب، لذلك فترة التهدئة ستسمح للعدو بأن يعزز قدراته البشرية. فالوحدات موجودة، لكنْ هناك نقص كبير في القدرات البشرية. نحن لسنا بحاجة إلى وقف إطلاق النار، وإنما بحاجة إلى سلام دائم وعادل يضمن الأمن للدولة والشعب الروسي”.
وأعلن أن رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان كان تقدّم بعرض لوقف إطلاق النار بمناسبة عيد الميلاد، وقال: “قد وافقنا ثلاث مرات على مثل هذه المبادرات، سواء بالنسبة للنقل في البحر الأسود أو بالنسبة لمنشآت الطاقة، والرئيس أردوغان كان وسيطًا”. وأضاف: “بعد أن وافقت، وصلني أن الرئيس الأوكراني نفسه لم يوافق، وبعد اقتراح السيد أوربان، ومقترح آخر بتبادل الأسرى، جاءنا الرد: لن يكون هناك أي هدنة، وأي تبادل للأسرى”.