كل صباح نستيقظ على أصوات صفارات الإنذار. كلّ ليلة نأخذ أطفالنا من السرير ونهرول إلى الملاجئ. منذ تفاقم الأوضاع على الجبهة الشمالية، أصبح واقع سكان حيفا و”الكريوت” لا يحتمل. واقع حربي متواصل ومرعب، على أصوات صفارات الإنذار والاعتراضات وسقوط القذائف والشظايا.
مخطّط الجبهة الداخلية “أصفر”، هذا ما يسمونه في الحكومة، والمعنى أنه من الممكن القيام بنشاط تعليمي والذهاب إلى مكان العمل، طالما أن هناك مساحة محمية قريبة.
لكن الواقع الأصفر المفروض علينا أسود كالفحم. الإعلانات الروتينية حول جداول التعليم المقسمة، ورياض الأطفال التي تعمل بنصف سعتها والحاجة إلى أولياء أمور متطوعين في حالة ضرورة الذهاب إلى الملاجئ، هذا هو روتيننا الجديد.
حيفا، المدينة التي عانت بالفعل من ضربات قاسية في سنة 2006، مكشوفة. رئيس البلدية يونا ياهف قال إن 50% فقط من المدينة محصن. كيف يمكن أن تظل مدينة مركزية كهذه، وهي هدف واضح ورمزي لحزب الله، معرضة للخطر إلى هذا الحد؟ يضطر أطفال المدينة إلى مشاركة المساحات المحمية القليلة الموجودة، بينما نتنقل نحن الآباء بين مكان العمل والأطفال يوميًا.
تحوّل أسبوع كامل إلى سباق مرهق من الارتجال. يعمل المنزل كمأوى وفصل دراسي وقاعة اجتماعات، كلّ ذلك في نفس الوقت. يُطرح السؤال كلّ ليلة: ماذا سيحدث غدًا؟ هل ستكون روضة الأطفال مفتوحة؟ هل سيكون هناك تعليم في المدرسة؟ هل سأصبح اليوم أكثر استنفارًا؟ إذا كان الأمر كذلك، فربما سأحضر الكمبيوتر إلى غرفة الاستنفار وأتمكّن من “سرقة” بعض العمل، كما لو كان بالإمكان التركيز على شيء ما.
وضع الأطفال في سن ما قبل المدرسة أسوأ بكثير. وفي غياب المؤسسات التعليمية العامة المحمية، تعمل رياض الأطفال ودور الحضانة الخاصة بالأعمار حتّى ثلاث سنوات في مناطق تتمتع بحماية جزئية، أو لا تتمتع بأي حماية على الإطلاق. تقع مسؤولية سلامة الأطفال الصغار على عاتق الموظفين المستنزَفين والآباء المنهكين. وبشكل عام، من الذي يريد إرسال أطفاله الرقيقين والخائفين إلى روضة الأطفال أو الحضانة، مع العلم أنه من المحتمل أن يضطرّوا إلى الهروب إلى ملجأ؟
مع كلّ هذا مطلوب منا أن نعمل ونؤدي وظيفتنا ونكسب لقمة عيشنا. ولكن كيف يمكن ذلك؟ “المخطّط الأصفر” لا يعترف بالصعوبات التي نواجهها. لا يوجد تعويض ولا اعتراف بالوضع الطارئ ولا مخاوف وجودية نعيشها كلّ يوم. نحن نسقط بين الكراسي؛ غير قادرين على العمل، ولا يحق لنا الحصول على تعويض.
تحاول الحكومة منع العدوّ من تحقيق “صورة انتصار”، لكنّها تفعل ذلك على حساب كسر الجبهة الداخلية. وقريبًا جدًا سيتم تسريح موظفين وموظفات، وستنهار شركات وسترحل عائلات. فهل هذا هو النصر الذي نبحث عنه؟
الفجوة بين القدرات التكنولوجية المتقدمة لدولة “إسرائيل” والفشل في الدفاع عن الوطن تصرخ إلى السماء. ما هي قيمة التكنولوجيا المتقدمة عندما لا تكون هناك مساحة محمية أساسية لكل أسرة وكلّ مؤسسة تعليمية؟ فجوة صادمة أخرى كُشفت بين سكان الأحياء الأقوى وسكان الأحياء الأضعف في المدينة، حيث يعيش الأخيرون في مبانٍ قديمة مع بعض الملاجئ المهملة. إن فخر بلدية حيفا بوضع عدد قليل من غرف الحماية المتنقلة في جميع أنحاء المدينة هو بمثابة استهزاء بأولئك الذين يختبئون في غرف السلالم المتعفنة.
نحن، سكان حيفا و”الكريوت” وكلّ مستوطنات “المخطّط الأصفر”، نطالب بحلول فورية. نحن نطالب باعتراف حقيقي بالوضع. نحن بحاجة إلى دعم حقيقي ومالي وأمني، ودعم نفسي لتعزيز صمود أطفالنا ومجتمعاتنا. لقد حان الوقت لوقف الأكاذيب الصفراء.
“هآرتس” – ياعل وولفينزون (من سكان حيفا)