رأى الدبلوماسي الأميركي الصهيوني السابق المعروف دينيس روس Dennis Ross أنّ “النهج الذي تسلكه “إسرائيل” حاليًّا على ما يبدو يخدم إيران”.
وفي مقالة نُشرت بمجلة Foreign Policy لفت الكاتب إلى أنّ (آية الله العظمى الإمام السيد) علي الخامنئي طالما افترض أنّ “الإسرائيليين” سيغادرون البلاد إذا ما شعروا بأنهم تحت ضغط مستمر بسبب التهديدات العسكرية. كما أردف أنّ ما يسمّيه بعض المراقبين بـ”حلقة النار” حول “إسرائيل” تستند إلى هذه الفرضية.
كذلك تابع الكاتب أنّ (الإمام) الخامنئي و(أمين عام حزب الله السيد) حسن نصر الله يعدّان إستراتيجيتهما العسكرية على هذا الأساس، محذرًا من أنّ الحكومة “الإسرائيلية” تقع في الفخ.
وقال إنّ “كلّاّ من (الإمام) الخامنئي والسيد نصر الله يريان أنّ الإستراتيجية المناسبة على الأمد الطويل هي إجبار “إسرائيل” على خوض القتال على الجبهات كافة”. كما اعتبر أنّ سياسات “إسرائيل” الراهنة تخدم الإستراتيجية الإيرانية، إذ “إنّ “إسرائيل” تخوض حروب استنزاف في كلّ من غزّة والحدود الشمالية، بينما تصعّد العمليات في الضفّة الغربية”.
وأكد الكاتب أنّ “إسرائيل” بحاجة إلى إستراتيجية جديدة، مضيفًا “في نفس الوقت أنّ فعل ذلك ليس سهلًا حيث يتطلب اتّخاذ كلّ من رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو وإدارة بايدن عددًا من القرارات الصعبة، ولكن في نفس الوقت الضرورية”. كذلك تحدث عن ضرورة أن يكون الرئيس الأميركي المقبل “مستعد لاتّخاذ خطوات تسهّل من تبرير بعض هذه الخيارات الصعبة”.
كما تابع الكاتب أنّه وبالنسبة إلى “إسرائيل”، فإن “مثل هذه الإستراتيجية يجب أن تبدأ بوقف الحرب في غزّة”. وتحدث عن ضرورة أن تكون هناك خطة “ب” بحيث يكون التركيز على وقف الحرب من أجل إطلاق سراح “الرهائن” بدلًا من التوصل إلى صفقة تبادل من أجل وقف الحرب. وأردف أنّ “نتنياهو ومن أجل ذلك يحتاج إلى إعلان نصر حقيقي يستند إلى تفكيك حماس عسكريًا وتدمير الجزء الأكبر من بنيتها العسكرية التحتية، وضمان وقف التهريب من أجل منع حماس من أن تعيد تشكيل نفسها”، وفق تعبيره.
وقال الكاتب إنّ “تركيز نتنياهو على رفح ومحور فيلادلفيا ليس خطأ، إذ إنّ التهريب يجب أن يتوقف فوق الأرض وتحته هناك (على حدّ وصفه)، إلا أنّ الحل الذي يقدمه نتنياهو بإبقاء القوات “الإسرائيلية” هناك هو خطأ”، محذرًا من أنّ “مثل هذا التمركز سيكلفه”، و”هو بديل عن حكم حماس في غزّة الذي سيكون إثباتًا حقيقيًا” لما وصفه “نصر إسرائيلي”.
وزعم الكاتب أنّ “مصر والمغرب ودولة الإمارات ودولاً أخرى مستعدّة لإدارة غزّة مؤقتًا إلى جانب فلسطينيين من غير حماس وتوفير الأمن، ولكن ليس في حال بقيت “إسرائيل” في غزّة”.
وتحدث عن مساهمة يمكن أن تقدمها إدارة بايدن لمنع التهريب عبر توفير تكنولوجيات مسح جديدة والالتزام بمساعدة تمويل حاجز تحت الأرض يعترض الأنفاق وإجراء الترتيبات من أجل نشر قوات إماراتية إلى جانب مقاولين أمنيّين مدربين ومجهزين للعب دور الشرطي في المحور، وفق تعبيره.
وقال روس إنّ “إسرائيل” تستطيع حينها أن تعالج الوضع عند الحدود الشمالية”، مشيرًا إلى أنّ السيد نصر الله أكد أنّه سيوقف الهجمات ضد “إسرائيل” في حال جرى التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزّة. كذلك أضاف أنّ هذا بدوره سيفتح المجال للتوصل إلى صفقة تسمح لـ “المواطنين الإسرائيليين” واللبنانيين بالعودة إلى منازلهم على طرفي الحدود.
وفي نفس الوقت شدّد الكاتب على أنّ “الإسرائيليين” المهجرين البالغ عددهم 60,000 لن يعودوا إلى منازلهم إلا في حال كانوا مطمئنين من عدم عودة قوات وسلاح حزب الله إلى الحدود، حيث طرح أن تقوم الولايات المتحدة بردع حزب الله من خلال الالتزام بدعم “إسرائيل” كلاميًا وأيضًا من خلال إعادة تزويدها بينما تتحرك، بما في ذلك التحرك على الأرض إذا ما نقل حزب الله القوات باتّجاه الحدود، والكلام بحسب الكاتب.
أما حول الضفّة الغربية التي قال عنها الكاتب إنّها تتحول إلى “جبهة ثالثة”، فشدّد على أنّ “إسرائيل” لا تستطيع مجرّد اتباع “سياسة عقابية”. وبينما زعم أنّ عمليات الجيش “الإسرائيلي” ستنجح في تدمير “المختبرات التي تصنع العبوات” و”قتل واعتقال الإرهابيين المطلوبين”، على حد زعمه، نبّه إلى أنّ “إسرائيل” ستضطر إلى تكرار هذه العمليات.
كذلك تابع الكاتب أنّه طالما يستطيع من أسماهم “القوميين المسيانيين” مثل بن غفير وسموتريتش رسم السياسات “الإسرائيلية” في الضفّة الغربية، لن يتغير الكثير. وأضاف أنّ هذه الشخصيات تريد للسلطة الفلسطينية أن تنهار، محذرًا من أنّ ذلك سيترك فراغًا في الضفّة الغربية ستكون إيران على أتمّ الاستعداد لملئه، وفق تعبيره.
هذا، وتحدث الكاتب عن دور يمكن أن يلعبه السعوديون في المساعدة على توفير رؤية سياسية للفلسطينيين، مشيرًا إلى أنّ السعوديين في المقابل يطالبون بمعاهدة دفاعية مع الولايات المتحدة وما يسمونه مساراً حقيقياً يؤدي إلى نشوء دولة فلسطينية. كما قال إنّ إدارة بايدن مستعدّة لوضع اللمسات الأخيرة على المعاهدة الدفاعية وعرضها على مجلس الشيوخ بعد الانتخابات، لكنّه نبّه من أنّ المسار الحقيقي المؤدّي إلى دولة فلسطينية يتطلب تعديل السياسة “الإسرائيلية”.
كذلك أردف الكاتب أنّ مساراً كهذا مستحيل إذا ما واصلت “إسرائيل” العمل على الأرض بما يجعل إنشاء الدولة الفلسطينية مستحيلًا.
كما قال الكاتب، إنّ بايدن قد يجعل الموضوع أسهل من خلال الذهاب أبعد من مجرد عرض المعاهدة الدفاعية على السعوديين ضمن إطار اتفاقية التطبيع، وأنه ربّما حان الوقت لمعاهدة دفاعية بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” أيضًا.
وختم الكاتب بأنّ ما يطرحه سيشكّل أجندة شاقة على أي حكومة “إسرائيلية”، إلا أنّ حكومة نتنياهو بنهجها الحالي تخدم مقاربة إيران ولا تقوّضها.