قالت الكاتبة في مجلة “فورين أفيريز” داليا داسا كاي إن وسائل الإعلام الغربية سلطت الضوء في تغطيتها لاغتيال كل من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية والقيادي الكبير في حزب الله فؤاد شكر على قدرة “إسرائيل” على شنّ هجمات متطوّرة عسكريًا وتكنولوجيًا تطول عمق أراضي العدو، ورأت أنه وبعد الإحراج الذي تسبّب به طوفان الأقصى لـ”إسرائيل”، فإن تصوير الأمور على هذا النحو قد يعطي انطباعاً بأن الجيش “الإسرائيلي” أصبح مجددًا لا يقهر.
ونبّهت من أن تفسيراً مثل هذا يقدم قراءة مخطئة للحقائق التي تواجهها “إسرائيل”، وأضافت أن “الأخيرة ربما تصعد إقليميًا من موقع الضعف وليس القوة.
وبحسب الكاتبة، فإن عملية طوفان الأقصى شكّلت صفعة قوية جدًا للردع “الإسرائيلي”، بحيث تحاول “تل أبيب” استغلال فرص تكتيكية عندما تستطيع ذلك، في محاولة مسعورة لاستعادة الردع.
وكشفت الكاتبة أن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين “إسرائيليين” سابقين أبلغوها خلال زيارة قامت بها إلى “تل أبيب” أواخر شهر حزيران/يونيو الماضي أن أحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر غيّرت في المعتقدات “الإسرائيلية” على صعيد قوة الكيان، وتابعت “طوفان الأقصى حطّم الفرضيات الأساسية لدى “الإسرائيليين”، مثل تلك التي تقول إن التفوّق العسكري والتكنولوجي يمكن أن يردع الأعداء، وأنه بالإمكان العيش بأمان خلف الجدران والحدود المحصنة، وأنه يمكن تحقيق الازدهار الاقتصادي دون اتخاذ أية خطوات حقيقية تجاه السلام مع الفلسطينيين”.
وأكملت الكاتبة: “العديد في المؤسسة الأمنية يدرك أن “”إسرائيل” ليست بتلك القوة”، وأكدت أن مسؤولًا صهيونيًا سابقًا في الأمن القومي قال لها هذه العبارة.
هذا، وتحدثت الكاتبة عن قلق وغضب يعكسان التحديات الداخلية الملموسة للأمن القومي “الإسرائيلي”، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال يواجه ضغوطًا إذ يقاتل على جبهات متعددة، وإلى أن محاولة رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو لتغيير النظام القضائي كانت أصلًا خلقت فجوات حقيقية بين القادة المدنيين والمسؤولين العسكريين الكبار.
وأردفت “الجيش يواجه تحديات غير مسبوقة من المتطرفين المحليين، بما في ذلك من داخل صفوف الجيش نفسه ومن داخل الحكومة، وقد قام “ناشطون” وسياسيون يمينيون باقتحام إحدى القواعد العسكرية “الإسرائيلية” من أجل الاحتجاج على احتجاز جنود من قوات الاحتياط اتهموا بارتكاب انتهاكات بحق سجناء فلسطينيين، وحذّرت من أن “إسرائيل” تخسر الدعم الدولي بسبب حجم “الوفيات” والدمار الهائل في غزة.
وأضافت الكاتبة “الأثر الذي تركته عملية “الوعد الصادق” التي نفّذتها إيران ضد “إسرائيل” لا ينال التقدير الذي يستحقه، مشددة على أن “إسرائيل” أخطأت في الحسابات عندما استهدفت عناصر تابعين لقوات حرس الثورة في “منشأة” في دمشق، وقالت إن “إسرائيل” لم تكن تتوقع ردًا غير مسبوق وهائلًا ومباشرًا شمل مئات المُسيّرات والصواريخ التي أطلقت من الأراضي الإيرانية على “إسرائيل”.
وبحسب الكاتبة، ما حصل مسّ الإيمان بالقدرة الذاتية “الإسرائيلية”، ومجرد محاولة إيران شنّ هجوم والمخاوف من أن الهجوم التالي قد يكون أصعب طغت على أي شعور بالانتصار.
كما تحدثت عن مخاوف العديد من المحللين الأمنيين الصهاينة من تآكل موقع “إسرائيل” الإقليمي، حيث هناك خشية من أن إيران وحلفاءها يزدادون قوة.
ونقلت عن مسؤول صهيوني سابق في الأمن القومي أن هؤلاء يرون أن “إسرائيل” تتراجع إلى “الدرجة الثانية” بينما تسعى إيران للوصول إلى “دوري الأبطال”.
كذلك نقلت عن مسؤول صهيوني عسكري سابق آخر أن “إسرائيل” تخسر الردع بشكل غير مسبوق.
وأضافت: “المحللون “الإسرائيليون” المتزنون يعبرون الآن عن تهديد وجودي يصفونه بأنه مختلف عن أي شيء لمسوه منذ عام 1948. غير أنها نقلت عن مسؤول صهيوني رفيع سابق أنه وخلافاً لعام 1948، فإن “إسرائيل” لا تأخذ بعبَر ديفيد بن غوريون، مذكرة بأن الأخير قدم نصيحة بأن أفضل السبل للتعويض عن الضعف هي من خلال تعزيز التلاحم الاجتماعي وتعميق العلاقات الدبلوماسية والسعي وراء السلام.
ووفق الكاتبة، نظرًا إلى تراجع الثقة بالذات لدى “الإسرائيليين” والشعور بالضعف أمام التحديات والثقة بأن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم، فمن المرجح أن تواصل “إسرائيل” السياسات العدوانية في المنطقة حتى وإن زاد ذلك من خطر الحرب الإقليمية.
واستبعدت أن يؤدي استخدام القوة العسكرية الغاشمة والتصعيد ضدّ إيران وحلفائها من دون خطة سياسية أو إستراتيجية إلى تغيير الديناميكيات الإقليمية الناشئة التي تقلق المخططين “الإسرائيليين” العسكريين، وتوقّعت ألّا يتم ردع جبهة المقاومة التي قد تُصعّد بطرق غير متوقعة قد تفاجئ “إسرائيل”.
وفي الختام، قالت الكاتبة إن وقف الحرب في غزة لن يحل المعضلة الإستراتيجية الأكبر التي تواجها “إسرائيل”، ورأت أن النزاع مع الفلسطينيين يشكل التهديد الوجودي الأكبر.