على إثر عملية الباغوز عام 2019 التي هزمت فيها قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بدعم من المحتلّ الأميركي تنظيمَ “داعش”، سيقَ كثير من عناصر هذا التنظيم وعائلاتهم إلى المعتقلات. وقد اكتظت سجون شمال شرق سورية بعناصر التنظيم واكتظت المخيمات بالآلاف من أسَر هؤلاء العناصر.
أحد هذه المخيمات وأكبرها هو “مخيم الهول” ويقعُ على المشارف الجنوبية لمدينةِ الهول في محافظة الحسكة، بالقرب من الحدود السوريَّة العراقيَّة، ويضمُّ نازحين من المناطق التي احتلها تنظيم “داعش”، وآخرين من أُسَر التنظيم. وتُسيطر عليهِ قوات سورية الديمقراطية “قسد”.
أُنشئ المخيم في تسعينيات القرن الماضي لاستيعاب خمسة آلاف لاجئ عراقي في أعقاب حرب الخليج الأولى عام 1991 بجهود من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين. ويؤوي المخيم حاليًّا أكثر من 50 ألف شخص، بحسب الإحصائية الأخيرة لإدارة المخيم، أغلبيتهم الساحقة من عائلات تنظيم “داعش” الإرهابي. وقد كان يضمُ في ذروتهِ في عام 2019 أكثر من 70 ألف شخص، 90 في المائة منهم من النساءِ والأطفال، بمن فيهم 25 ألف عراقي، و18 ألف سوري، و7800 من رعايا بلدان أخرى. بحسب الإحصائيات، فإن 42 في المائة من السكان هم من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة وثمانية عشر عامًا. وهناك أيضًا مخيمات أصغر مثل “مخيم روج”، الذي يبعد حوالي ستين ميلًا عن “مخيم الهول”، وتبلغ مساحته خُمس مساحة مخيم الهول، ويضم ما يقرب من 2500 فرد، 2100 منهم هم رعايا بلدان أخرى.
ما إنْ تدخل إلى “مخيم الهول”، حتّى يتجمع حولك أطفال “داعش”، ويبدؤون بشتمكَ ورشقكَ بالحجارةِ، إضافة إلى الإشارةِ بأيديهم للعنق أي أنَّهم سيذبحونكَ! وهم يعتبرون أنَّ كلّ شخص لا ينتمي إلى “داعش” كافر ويجب قتلهُ، ويهدّدون بأنَّهم سينتقمون لمقتل ذويهم.
الأطفال يردّدون ترنيمة “معركة تنظيم الدولة الإسلامية” وهم ينشدون “أنَّهم ذات يوم سيصبحون هم أنفسهم جهاديين”.
المخيم هو عبارة عن مكان وحشي لينشؤوا فيه. إنَّهُ غارقٌ في الفكر المنحرف الإجرامي الموروث عن التنظيم والذي تحاول النسوة من التنظيم غرسه في عقولهم في سنٍ مبكرة.
بحسب تصريح لإحدى نساء “داعش” التي تخلت عن أيديولوجية التنظيم “يتم تهريب العديد من الأطفال إلى خارج المخيم وتسليمهم إلى “داعش” لتجنيدهم في التنظيم”.
مخيم الهول ليس مجرد مخيم، فهو أرض خصبة لجيل جديد من الإرهابيين، إنَّهُ غارقٌ في أيديولوجية “داعش” العنيفة، ومعروف بأنّهُ موطن لعدد كبير من أنصارها المتشددين، ويشتهر بأنَّهُ ملاذٌ للمتطرّفين والمتعصبين، وقد تحول إلى “أرض خلافة صغيرة”، ويتكون من ثلاثة أجزاء جزء عراقي وآخر سوري وآخر دولي. والأكثر تطرفًا هم الأجانب.
الجزء الذي تعيش فيه النسوة الأجنبيات وأطفالهن هو الأكثر رعبًا، وتشكّل النسوة الأجانب مجموعة متشددة للغاية، وهنّ يدّعن أنهنَّ يردن فقط تطبيق شريعة الله، وجميع أطفالهن هم جنود “داعش” الجدد، ومن الواضح أنَّ الأمور في “مخيم الهول” منظمة بشكل جيد وتُتلقى الأوامر من الخارج بمهاجمة وقتل الناس، ويشهد المخيم أيضًا تفشيًا للقتل بداخله.
يتم إعداد الأطفال ليصبحوا مقاتلين جددًا. والأشخاص المحتجزون في السجون والمعسكرات يضعون خططًا طويلة الأمد ولا يخفون هذه الحقيقة بقولهم: “سنعود وسنكون أقوى”، كما تكشف العديد من التقارير الإعلامية، فهناك تسجيل مصور يظهر علم ما يسمّى “دولة الخلافة” يرفرف في المعسكر والرسالة من وراء ذلك أنَّ “الدولة الإسلامية” ستبقى حيّة.
إلى جانب “مخيم الهول” و”مخيم روج” كثير من السجون التي تضم معتقلين ينتمون إلى تنظيم “داعش” منها سجن الصناعة في الحسكة، وهو يضمُّ الآلاف من عناصر التنظيم. يشكّل السجن أرضية خصبة لـ”داعش”، ومعظم السجناء بداخلهِ من الجهاديين الأجانب الذين جاؤوا إلى سورية عبر تركيا للانضمام إلى صفوف التنظيم. هناك جيل من عناصر “داعش” ينشأ داخل السجن، ويطلقون على أنفسهم مسمى “أشبال الخلافة”. وقد كانوا ما بين الثالثة عشرة والثامنة عشرة عندما زُجَ بهم في السجن.
ويقوم السجناء الأكبر سنًا بتلقين هؤلاء الأطفال الدروس وتحويلهم إلى مقاتلين ملتزمين في داعش. وبحسب إدارة السجن، فإنَّ محاولة الفرار شائعة وتم اكتشاف أنفاق حفرها السجناء لتنظيم عمليات فرار، وقد حصل ذلك مرات عدة.ويفا البدوي/العهد الاخباري