أكد الكاتب الأميركي ستيفن والت أن انهيار الرصيف البحري الذي بنته الولايات المتحدة من أجل إدخال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة يعكس مقاربة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حيال الحرب في القطاع، كما قال المنتقدون على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي مقالة، نُشرت في مجلة “فورين بوليسي”، أوضح الكاتب أن بناء الرصيف كان بشكل أساسي حيلة في سياق حملة العلاقات العامة، والتي جاءت لأنّ المسؤولين الأميركيين لم يكونوا مستعدين لإجبار “إسرائيل” على فتح المعابر الحدودية والسماح بإيصال المساعدات إلى المدنيين.
وقال الكاتب إن انهيار الرصيف يطرح تساؤلات أكبر حول الطموحات والمزاعم الأميركية، لافتًا إلى أن هناك ما يدعو إلى التساؤل عمّا إذا كانت المؤسسات التي تدير السياسة الخارجية الأميركية قادرة على تولّي الدور العالمي الذي اعتمده القادة الأميركيون. وتابع أن هناك لائحة طويلة من الأداء السيء، مثل: “عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث قيل إن تلك العملية ستؤدي إلى حل الدولتين”، إلّا أن ما حصل أسفر عن “واقع الدولة الواحدة””، بحسب تعبيره.
كذلك تحدث الكاتب، في السياق نفسه، عن الأخطاء السياسية والاخفاقات الاستخباراتية التي قال إنها مكّنت من حدوث هجمات الحادي عشر من أيلول، فضلًا عن قرار غزو العراق في العام 2003، والأزمة المالية في العام 2008. وتابع أنه حصل إخفاق على صعيد توقّع ما يمكن أن يحدث إثر توسيع حلف الناتو، والاعتقاد أن العقوبات الاقتصادية على روسيا ستسحق اقتصادها، بالإضافة إلى تجاهل المؤشرات الواضحة من أن العملية الهجومية الأوكرانية، الصيف الماضي، مصيرها الفشل، إلى جانب التدخّل الفاشل في أفغانستان وليبيا.
عقب ذلك، قال الكاتب إن السجل العام مخيب للآمال، مضيفًا أن الرؤساء يثمنون الولاء أكثر من الكفاءة، والمؤسسة التي تدير السياسة الخارجية لا تقوم بمحاسبة من يرتكب الأخطاء، مردفًا أن: “النتيجة هي وجود خبراء فشلوا في مناصب رفيعة، وتقدموا باقتراحات مفلسة، ودائمًا ما يجدون لأنفسهم مكانًا في مراكز الدراسات أو وسائل إعلام مستعدة لإعادة إنتاج مقترحاتهم”. كذلك قال إن المسؤولين الكبار نادرًا ما يقدمون استقالتهم انطلاقًا من موقف مبدئي، فالقيام بذلك يقلّص فرصهم للتعيين في إدارة مستقبلية.
كما استبعد الكاتب أن يحقق إعادة انتخاب ترامب حلًا للمشكلة، مضيفًا أن ولاية ترامب الأولى كانت عبارة عن سلسلة غير منتهية من الخطوات الخاطئة على صعيد السياسة الخارجية، والتي لم تجعل الولايات المتحدة أكثر أمنًا أو ازدهارًا. وقال إن الحروب التجارية التي شنها ترامب كلّفت الولايات المتحدة آلاف الوظائف، وفشلت على صعيد تحقيق الهدف المنشود وهو خفض العجز التجاري، فترامب مزق اتفاقيات لم يكن يفهمها.
كما أردف ستيفن والت بأن: “مواقف ترامب، على صعيد السياسة الخارجية، ربما كانت مغايرة للسياسة التقليدية، إلّا أن الخطوات الأكبر التي قام بها، مثل الانسحاب من اتفاقية باريس للتغير المناخي وتمزيق الاتفاق النووي مع إيران والانسحاب من اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الهادئ، ألحقت ضررًا دائمًا بمصالح أميركية مهمة”، مضيفًا: “من يعتقد أن ولاية ثانية لترامب ستنتج سياسة خارجية أكثر ناجحة، إما إنه لا ينتبه إلى الأحداث أو أنه نسي كم كان ترامب زعيمًا غير كفؤ”.
ورأى الكاتب أن تصحيح السياسة الخارجية الأميركية سيستغرق وقتًا، وإذا كان ذلك ممكنًا حتى، وأشار إلى أن ذلك هو أحد أسباب تأييده لسياسة خارجية منضبطة أكثر وتحافظ على الانخراط الأميركي في العالم، ولكن تقلل من عدد الملفات والمشكلات والالتزامات التي تشعر واشنطن بأنها مضطرة إلى معالجتها.
خلص الكاتب إلى أنه لو حاولت الولايات المتحدة تقليل الملفات، يستطيع جهاز السياسة الخارجية تولّي المهمة، وستكون وتيرة الإخفاقات أقلّ ممّا هي اليوم، ولكان لديها موارد أكثر للتعاطي مع المشكلات في الداخل.