في ندوة بتونس: التطبيع من منظور القانون الدولي

عقد مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء ندوة فكرية في تونس تحت عنوان ” التطبيع من منظور القانون الدولي” شارك فيها مجموعة من الناشطين والباحثين من تونس وفلسطين وموريتانيا ومالي وذلك في مكتبة النورس.

وأدارت الندوة المحامية والباحثة في مركز دراسات أرض فلسطين سميحة خلفي، حيث قدمت خلال الندوة ثلاث مداخلات.

وتحت عنوان “التطبيع جريمة تواطؤ في حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني” تناول د. عابد الزريعي مدير مركز دراسات أرض فلسطين التطبيع كجريمة تواطؤ مما يستدعي التوقف أمام أربع قضايا ومصطلحات أساسية، أوّلها معنى مصطلح التواطؤ في القانون الدولي، وثانيها معنى مصطلح جريمة الإبادة، وثالثها تكييف مصطلح التطبيع ارتباطًا بالتعريفين المشار إليهما، ورابعها تحديد المترتبات والخطوات الناجمة عن عملية التكييف سلبًا كانت أو إيجابًا.

التطبيع والتواطؤ
وأشار الزريعي إلى أن القانون الدولي يعرّف مصطلح التواطؤ بأنه “تقديم المساعدة العملية في ارتكاب جريمة أو التشجيع المؤثر تأثيرًا كبيرًا على ارتكابها عن سابق علم”، ويشار إليه في القانون الدولي العرفي بوصفه الأفعال غير المشروعة دوليًا التي اعتمدتها لجنة القانون الدولي لعام 2001، وتكون الدولة التي تساعد أو تُعين دولة أخرى في ارتكاب فعل غير مشروع دوليًا هي مسؤولة دوليًا عن ذلك وينطبق ذلك على كلّ أشكال الدعم المادية والمعنوية التي تساهم بشكل كبير في الأعمال غير القانونية.

أما عن مصطلح الإبادة، فتعرّف اتفاقية منع الإبادة الجماعية التي عرضت للتوقيع بقرار من الجمعية العامة المؤرخ في 6 كانون الأول/ديسمبر 1948، بأنّها تعني أيًّا من الأفعال الآتية المرتكبة عن قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه.

وفي ما يتعلق بالتطبيع كجريمة تواطؤ، أكّد الزريعي بأنه يمكن تحديد مخرجات عمليّة تكييف التطبيع كجريمة تواطؤ في ست قضايا أساسية تترتب على كلّ فعل تطبيع مع الكيان الصهيوني سواء كان هذا الفعل فرديًا أو جماعيًا، رسميًّا أو من قبل جهات غير رسمية. وتتمثل القضايا الست التي توفّر البيئة الإقليمية المساعدة لجريمة الإبادة بالآتي؛ أولًا الإضفاء أي إضفاء الشرعية على ما لا شرعية له، بمعنى إضفاء صفة الطبيعية على واقع سابق لم يكن طبيعيًا، ومناقض لمبدأ العدالة. ويقرّ بأن وجود “إسرائيل” طبيعي وشرعي، ويتجاهل جرائمها. ثانيًا الإنكار أي إنكار حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، ويقود الإضفاء إلى إنكار ما حل بالشعب الفلسطيني، جراء الوجود غير الشرعي لـ “إسرائيل”. وإنكار الحق في مقاومة الاحتلال.

ثالثًا المخالفة أي مخالفة أسس القانون الدولي، وخاصة مخالفة ما نص عليه بما يتعلق بحق تقرير المصير. رابعًا الدعم أي دعم “إسرائيل وتغطية جرائمها. ويشار إلى أنه نتيجة الإقرار والإنكار والمخالفة، يؤدي ذلك إلى توفّر قاعدة دعم لـ”إسرائيل” على أربعة مستويات: ارتكاب الجرائم، تراجع الموقف التضامني، تحقيق المكتسبات الإيديولوجية، توفير محاصرة حركة المقاطعة.

خامسًا التعطيل أي تعطيل وإرباك قوى محور المقاومة، وهذا ما يمكنها من إقامة الأحلاف التي تعمل لمصلحتها، وتسقط القضية الفلسطينية من أجندتها، إضافة إلى إجبار محور المقاومة على التحوّل من القتال إلى واقع الدفاع.

سادسًا المصادرة أي مصادرة حق الأجيال القادمة في التحرر.

أما د. الحسين محمد الأمين القاسم وهو باحث في وحدة الدراسات الدولية بجامعة نواكشوط العصرية، فأكد في مداخلته أنه رغم تعدد اتفاقيات التطبيع التي شملت بلدان عديدة في الوطن العربي متّخذة شكل معاهدات لـ “السلام”، فإن تلك الدول ظلّت موسومة بالخيانة والعمالة والارتماء في أحضان الإمبريالية وقوى الاستكبار العالمي، بل زادت تلك الخطوات الهوة بين الشعوب وحكامها الذين لم يدركوا أن “السلام” ليس اتفاقيات أوسلو أو مدريد أو وادي عربة أو كامب ديفيد، أو حتّى مبادرة “السلام” العربية، بل هو الحق الفلسطيني المشروع في إقامة دولته على أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين والمهجرين والأسرى والمفقودين، وهو حق لا يقبل التجزئة ولا التنازل مهما كانت الواجهة السياسية للفلسطينيين والنظام الرسمي العربي.

وأشار إلى أن التطبيع هو تبييض لجرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي ترتكبها “إسرائيل” في حق الشعب الفلسطيني ومحاولة منها لتخفيف عزلتها الإقليمية والدولية من بوابة المطبّع، وهذا ما يجعله شريكًا في الجناية الدولية بحق الشعب الفلسطيني مما يرتب المسؤولية الجنائية الدولية على المطبّع.

وشدّد على أن التطبيع، هو كذلك، اعتراف بحق “إسرائيل” في الوجود واعتراف بشرعيّة الاحتلال ومستوطناته بل بعقليّة الكيان التوسعيّة في مخالفة صريحة لقرارات المجتمع الدولي ذات الصلة.

ورأى أنّه من الضروري إعداد قواعد وطنيّة لمنع التطبيع مع الاحتلال تتجاوز التجريم الأفقي إلى مسؤولية الأفراد المباشرة عن العلاقات التي ينسجونها مع العدوّ الصهيوني، ولن يتم ذلك دون الاعتماد أولًا على الفتوى الشرعية، وتكثيف الحراك الجماهيري والتوعية حول خطورة التطبيع مع “إسرائيل” وأنّه تفريط في الحق الفلسطيني والمقدسات الإسلامية.

أحمد بن مصطفى، دبلوماسي وسفير تونس سابقًا، تحدث عن التطبيع كمعنى ومصطلح، وتحدث أيضًا عن الأهداف الكامنة خلفه والمتمثلة في محاولة الولايات المتحدة الأميركية حماية حليفها الرئيس من خلال بناء علاقات اقتصادية وسياسيّة مع الدول العربية.عبير قاسم / العهد الاخباري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *