أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية – حماس – أسامة حمدان، أن قضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الصهيوني تعدُّ من القضايا الوطنية المركزية للحركة وشعبنا في كلّ ساحات الوطن وخارجه، وأنها قضية إنسانية عادلة ولا يمكن القبول باستمرار معاناتهم وتصعيد الاحتلال الانتهاكات ضدّهم، وبين أن الموقف حول المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الذي أبلغته الحركة للوسطاء هو الموقف الوطني الذي يمثل كل الفصائل الفلسطينية وتؤكّد عليه.
وأوضح حمدان في مؤتمر صحفي اليوم الثلاثاء 4 حزيران/يونيو 2024، أن استمرار معاناة وتصعيد الاحتلال جرائمه المروِّعة وانتهاكاته المُمنهجة ضدّ الأسرى والأسيرات في سجونه كانت ولا تزال أحد الأسباب المفجّرة لكل الانتفاضات والثورات في وجه العدوّ الصهيوني، مؤكدًا أن “الانتصار لشعبنا والدفاع عن حقوقه، وفي مقدّمتهم أسرانا الأحرار وأسيراتنا الماجدات هو أحد عناوين معركة طوفان الأقصى البطولية”.
وشدد القيادي حمدان على أن الاحتلال الصهيوني يمارس جريمة الإخفاء القسري، واستمرار التعتيم المُمنهج حول حقيقة أوضاع الأسرى والمعتقلين والمختطفين والمحتجزين من قطاع غزَّة، في سجونه ومراكز ومعسكرات اعتقاله، منذ السَّابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م، وبدء العدوان الصهيوني وحرب الإبادة الجماعية على قطاع غزّة.
وقال: منع الاحتلال للمؤسسات الحقوقية والإنسانية المعنية، وعلى رأسها الصليب الأحمر، من الوصول إلى الأسرى، وتقييم أوضاعهم، خصوصًا الأسرى الذين اختطفهم من قطاع غزَّة، والمغيّبين تمامًا عن أيّ تواصل، ولا يُعرَف مصيرهم، إلاّ من خلال تسريبات تخرج من حين لآخر من مستشفيات السجون ومن مراكز الاعتقال، والتي تؤكّد واقعهم المأساوي، والانتهاكات البشعة بحقّهم.
وأضاف: يستمر الاحتلال في انتهاكاته وجرائمه ضدّ الأسرى وتصعيد كلّ أشكال الانتقام والتعذيب النفسي والجسدي، والقتل البطيء، والحرمان من العلاج والغذاء والدواء، ومن أبسط الحقوق الإنسانية، والإعدامات الميدانية للمختطفين من قطاع غزَّة في معسكرات الاحتجاز والاعتقال، مؤكدًا أن شهادات المُفرج عنهم في قطاع غزَّة مروعة ومفجعة، وتروي فظاعة الانتهاكات وبشاعة الجرائم التي ارتكبت ضدّهم خلال مدَّة الاعتقال والاحتجاز.
ونبَّه حمدان إلى أن أعداد الشهداء داخل السجون ارتفعت بشكل غير مبسوق، فمنذ 7 أكتوبر تمَّ الإعلان عن ارتقاء 18 أسيرًا داخل سجون الاحتلال في الضفّة الغربية والقدس المحتلة، وبتاريخ 28/5/2024م كشف جيش الاحتلال عن استشهاد 37 فلسطينيًا من قطاع غزَّة في مراكز الاحتجاز الصهيونية، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر حسب ما نقلت عنه وكالة أسوشيتد برس.
وبيَّن أن الانتهاكات الصهيونية بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م ارتفعت بشكل غير مسبوق، ليصل عدد الأسرى والمعتقلين منذ ذلك التاريخ إلى ما يقارب 9500 معتقل فلسطيني، يتعرَّضون لجحيم من التجويع والإذلال والتنكيل وتكسير عظامهم وأطرافهم، وصولًا إلى استشهاد العشرات منهـم نتيجة التعذيب في المعسكرات وأقبية التحقيق أو نتيجة الإهمال الطبي المتعمَّد أو الحرمان من الغذاء والدواء.
وأفاد أن دراسات الرصد والتوثيق كشفت أن سلطات الاحتلال اعتقلت أكثر من 16 ألف امرأة فلسطينية منذ العام 1967؛ كان من بينهن 4 أسيرات وضعت كلّ منهن مولودها داخل السجن في ظروف قاسية وصعبة.
وقال حمدان: منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تعرضت نساء قطاع غزّة وحرائره لأبشع صنوف الاعتداءات الجسدية غير المسبوقة والإهانة المتعمدة والإذلال والممارسات الانتقامية، وذلك في أثناء عمليات التوقيف أو الاعتقال أو التحقيق أو الاحتجاز في ظروف غير إنسانية.
وأشار إلى أن مراكز حقوقية فلسطينية ودولية وتقارير إعلامية غربية وثَّقت شهادات مروّعة لمعتقلات ومحتجزات من قطاع غزَّة، تمَّ اعتقالهن واحتجازهن من قبل جيش الاحتلال الصهيوني، تعرّضن للعنف الجنسي والتعذيب والإهانة.
ولفت حمدان إلى أن الاحتلال الصهيوني ما زال يعتقل في سجونه أكثر من 200 طفل فلسطيني، يواجهون بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي؛ ظروفاً قاسية ويتعرضون لكل أصناف التعذيب الجسدي والنفسي.
وقال القيادي حمدان: اعترف الاحتلال الصهيوني بوجود 865 معتقلًا في معسكراته وسجونه، وأطلق عليهم (مقاتلين غير شرعيين)، وهم المختفون قسريًا، فيما كشفت صحيفة هآرتس العبرية عن اعتقال أكثر من 4000 من قطاع غزَّة منذ بداية الحرب، كما صدر أمر اعتقال “دائم حسب وصفهم” بحق 2000 منهم، وهنا نشير إلى رفض الاحتلال إعطاء أية معلومات حول الأسرى المختطفين للجهات والمنظمات الدولية المعنية.
وأضاف: كشفت تقارير حقوقية أن جيش الاحتلال يستنسخ جرائم العصابات الصهيونية إبان نكبة تهجير الفلسطينيين عام 1948، في نهج وسياسة انتقامية تمعن في التنكيل والبطش وصلت لحد تحويلهم لممارسة سلوك حيواني في تصرفاتهم وحيواتهم وإجبارهم على ذلك تحت الضرب والتعذيب وممارسة كلّ أشكال البطش بحقهم.
وشدد على أنّ هذه الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحقّ الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجونه ومراكز احتجازه ومعسكرات الاعتقال النازية، تعدّ انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الدولية، ما يتطلّب تدخلًا عاجلًا من المجتمع الدولي لوقفها وإنهائها فورًا.
وأكد أن استمرار صمت المجتمع الدولي والمؤسسات الأممية أمام هذه الجرائم والانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين؛ يحمّلها جميعًا المسؤولية السياسية والأخلاقية والإنسانية عن تداعياتها ونتائجها الخطيرة ضدّ شعبنا الفلسطيني.
ودعا حمدان الأمم المتحدة وكلّ الدول والحكومات والمؤسسات الحقوقية والإنسانية في العالم إلى الضغط على الاحتلال للسماح بزيارة الأهالي للأسرى ودخول المنظمات الحقوقية والإنسانية للوقوف على أوضاعهم الإنسانية في السجون ومراكز ومعسكرات الاعتقال والاحتجاز.
كما دعا إلى تحرّك دولي عاجل وجاد يفضح جرائم وانتهاكات الاحتلال الصهيوني المتصاعدة والمستمرة ضدّ أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال، والعمل على تجريمها ووقفها، والضغط للإفراج عن جميع المعتقلين والمختطفين منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023م.
وفي ما يتعلق بملف المفاوضات قال القيادي حمدان إن الرَّدّ “الإسرائيلي” على المقترح الذي وافقنا عليه يوم 6 مايو، يتكلّم عن فتح باب المفاوضات في كلّ شيء، وبلا نهاية، وهذا لا يتفق مع الموقف الذي تحدَّث عنه الرَّئيس الأميركي بايدن في خطابه بخصوص وقف إطلاق النَّار الدَّائم والانسحاب الشامل والذي عبَّرنا عنه بالإيجابي.
وأضاف: ما قاله الرئيس الأميركي بالنص: إنَّ الوسطاء يضمنون بقاء المفاوضات إلى ما لا نهاية حتّى يتفق الطرفان، وهذا يؤكّد أن الاحتلال لا يريد إلا مرحلة واحدة، يأخذ فيها الأسرى، ثمَّ يستأنف عدوانه وحربه على شعبنا، فالاحتلال لا يريد وقف إطلاق النَّار، ولا يريد التوصّل إلى نتائج.
وتابع: أبلغنا موقفنا للوسطاء أنَّه ما لم يكن هناك موقف واضح من الاحتلال “الإسرائيلي” بالاستعداد لوقف إطلاق النَّار الدائم، والانسحاب الشامل من قطاع غزَّة –وهذا هو ما يمكن أن يفتح الباب واسعًا لإتمام الاتفاق –وإلاَّ فإنَّنا لا يمكن أن نوافق على اتفاق لا يؤمّن ولا يضمن ولا يؤكّد على وقف إطلاق النَّار الدَّائم والانسحاب الشَّامل من قطاع غزّة، وإنجاز صفقة تبادل جادة وحقيقية.
وأردف: الآن، نحن ننتظر الموقف “الإسرائيلي” الواضح من هذه المسألة التي تجد إجماعًا دوليًا عليها، ونطالب الوسطاء بالحصول على موقف واضح من الاحتلال “الإسرائيلي” بالتزامه بوقف إطلاق النَّار الدَّائم والانسحاب الشامل.
وأكد حمدان أن الموقف الذي أبلغته الحركة للوسطاء هو الموقف الوطني الذي يمثل الفصائل الفلسطينية وتؤكّد عليه، وأبلغته للفريق المفاوض الذي يمثلهم.