أقرَّ مجلس النواب في الجلسة التي خصَّصت لمناقشة الهبة الأوروبية وقضية النازحين السوريين توصية بحضور الحكومة ورئيسها نجيب ميقاتي حول آلية معالجة أزمة وتداعياتها.
وقرَّر المجلس النيابي المنعقد بهيئته العامة بتاريخ 15 أيار/مايو 2024 بعد الاستماع إلى دولة رئيس الحكومة وأخذ العلم بما طرحه النواب حول موضوع حزمة المساعدات الأوروبية وملف النزوح السوري التوصية الآتية:
- يعاني لبنان منذ أكثر من 13 سنة من مشكلة النزوح السوري حيث فاقت أعداد الذين دخلوا إليه المليوني نازح، وباتوا يشكلون 44% من عدد السكان دون أن تنظم قيود دقيقة وكاملة لهم لدى السلطات الرسميةالمعنية وبالتالي تعذر ضبط حركتهم وتنظيمها نتيجة عدم تعاون مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وتحت أعذار مختلفة لجهة تسليم اللوائح الموجودة بحوزتها حولهم، وفي ظل حماية معنوية من بعض الدول والهيئات وهي نفسها التي شجعت بقاءهم في لبنان لأهداف إما سياسية أو لعدم استعدادها لاستيعاب جزء منهم.
- لقد أثر النزوح السوري في لبنان اقتصاديًا وماليًا واجتماعيًا وأمنيًا وبيئيًا وصحيًا وفي الاستقرار العام فيه مع تنامي الشعور بالقلق لدى عموم اللبنانيين من التغيير الديموغرافي والمجتمعي، وبالمقابل فإن هذه القضية الأكثر تعقيداً وخطورة هي في الواقع أكثر الملفات التي توحَّد اللبنانيون حولها من منطلق وطني ورفض مقاربتها بخلفيات عنصرية أو استهدافات خارج الأطر القانونية.
- إن لبنان ولكثير من الاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية ولكونه ليس بلد لجوء هو غير مهيئ ليكون كذلك دستوريًا وقانونيًا وواقعيًا وهذا ما أكدت عليه مذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة اللبنانية ممثلة بالمديرية العامة للأمن العام والمكتب الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتاريخ 9/9/2003 والمنشورة في الجريدة الرسمية العدد 52 في 13/11/2003 والتي ما زالت سارية المفعول ومنظمة للعلاقة بين الدولة والمفوضية وهي التي تؤكد إعادة النازحين إلى موطنهم الأصلي أو إعادة توطينهم في بلد ثالث.
وانطلاقًا من المقدِّمة ومن دور المجلس النيابي الرقابي والتزامًا بالدستور والقوانين والمذكرة المذكورة أعلاه وبهدف إعادة الداخلين والمقيمين السوريين غير الشرعيين في لبنان إلى بلدهم وخلال مدة أقصاها سنة من تاريخه، أوصى المجلس الحكومة بـ: “تفعيل اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الحكومة والوزراء المختصين وقيادة الجيش والأمن العام والأمن الداخلي وأمن الدولة للتواصل والمتابعة المباشرة والحثيثة مع الجهات الدولية والإقليمية والهيئات المختلفة لا سيَّما مع الحكومة السورية ووضع برنامج زمني وتفصيلي لإعادة النازحين باستثناء الحالات الخاصة المحمية بالقوانين اللبنانية والتي تحددها اللجنة”.
وشدَّد على ضرورة تأكيد “التزام لبنان مضمون المذكِّرة المشار إليها في المقدمة كأساس للمعالجة وإلزام مفوضية اللاجئين بتطبيق بنودها كاملة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ وتقديم الإحصاءات والملفّات الخاصة بالنازحين الموجودة لديها والطلب منها التنسيق مع مكتبها في سورية لتسهيل عملية إعادتهم إلى بلدهم”.
وأضاف المجلس النيابي: “التزام واضح بتطبيق القوانين النافذة التي تنظِّم عمليات الدخول إلى لبنان والإقامة فيه والخروج منه لا سيما القانون الصادر بتاريخ 10/7/1962 والمراسيم التطبيقية ذات الصلة ولا سيما المرسوم رقم 10188 تاريخ 28/7/1962 وبقانون العمل اللبناني والقوانين الضريبية والرسوم البلدية وغيرها”.
وأشار إلى ضرورة “القيام بالإجراءات القانونية اللازمة لتسليم السجناء من النازحين إلى السلطات السورية وفق القوانين والأصول المرعية”.
ولفت إلى ضرورة “دعوة المجتمع الدولي والهيئات المانحة لمساعدة الحكومة في تخصيص الإمكانيات اللازمة للأجهزة العسكرية والأمنية من أجل ضبط الحدود البرية والتنسيق مع الجانب السوري للمساعدة من الجهة المقابلة وحصر حركة الدخول والخروج عبر المعابر الشرعية بين البلدين”.
وتابع: “الطلب من أجهزة الأمم المتحدة كافة لا سيَّما مفوضية اللاجئين والجهات الدولية والأوروبية المانحة اعتماد دفع الحوافز والمساعدات المالية والإنسانية للتشجيع على إعادة النازحين إلى بلدهم ومن خلال الدولة اللبنانية ومؤسساتها أو بموافقتها وعدم السماح باستغلال هذا الأمر للإيحاء بالموافقة على بقائهم في لبنان وتشجيع هذه الجهات على تأمين مثل هذه التقديمات داخل سورية”.
وأردف: “الاستفادة من القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومنها قرارها حول خطة التعافي المبكر الصادر عام 2021 حيث يمكن أن يشكِّل المدخل لتسريع العودة إلى الداخل السوري عن طريق المساعدات لتأهيل البنى التحتية من دون تعرض الدول المانحة لعقوبات قانون قيصر”.
وشدَّد مجلس النواب على ضرورة التزام الحكومة بالموقف الذي أعلنه رئيسها في الجلسة ونقله للدول والهيئات العاملة بملف النزوح بأنَّ لبنان لم يعد يحتمل عبء بقاء النازحين وبكل الأحوال لا يستطيع أن يكون شرطيًا حدوديًا لأي دولة، وأنَّ المطلوب تعاون كل الدول لحل هذه المعضلة وتحويل الدعم نحو تعزيز انتقال النازحين وتأمين استقرارهم في بلدهم مع ما يتطلب ذلك من تأمين مقومات حياتهم.
وأكَّد ضرورة التزام الحكومة بهذه التوصية وتقديم تقرير كل ثلاثة أشهر للمجلس النيابي حول مراحل تنفيذ ما تضمنته.