استخدمت الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي، الخميس، حقّ النقض “الفيتو” لمنع صدور قرار يفتح الباب أمام منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
مشروع القرار الذي قدّمته الجزائر، حظي بتأييد 12 عضوًا من أصل 15، وامتناع كلٍ من بريطانيا وسويسرا عن التصويت، بينما عارضته الولايات المتّحدة، حيث استغلت امتلاكها حق “الفيتو” كونها إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، لتمنع صدور القرار.
ويُوصي القرار الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة بـ”قبول دولة فلسطين عضوًا في الأمم المتحدة”، ليتحدث مندوب الجزائر في الأمم المتحدة، عمار بن جامع، بعد “الفيتو” الأميركي، مؤكّدًا أنّ “فشل مشروع القرار سيلحق عارًا دائمًا على الأمم المتحدة”، مُضيفًا أنّ عدم التصويت على القرار “عار أبدي وخطأ جسيم لا يُغتفر”.
يُشار إلى أنّ الوفد الجزائري برئاسة وزير خارجية البلاد، أحمد عطّاف، انسحب رفقة مندوبين عرب، خلال بداية كلمة ممثل كيان الاحتلال في مجلس الأمن.
رئاسة السلطة الفلسطينية: سياسة واشنطن تشجع حرب الإبادة علينا
من جهتها، أدانت رئاسة السلطة الفلسطينية استخدام الولايات المتحدة حقها في النقض لمنع حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، واصفةً السلوك بأنّه “اعتداءٌ يدفع الشرق الأوسط نحو الهاوية”.
وقال مكتب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، في بيان، إنّ السياسة الأميركية “تمثّل اعتداءً صارخًا على القانون الدولي، وتشجيعًا لمواصلة حرب الإبادة الجماعية ضدّ الشعب الفلسطيني، ممّا يدفع المنطقة أكثر من أي وقتٍ مضى إلى حافة الهاوية”.
وأضاف البيان أنّ “الفيتو” في مجلس الأمن “يكشف تناقضات السياسة الأميركية”، مُشيرًا إلى أنّها تدّعي “دعم حلّ الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني”، لكنّها في الوقت نفسه “تمنع تنفيذ هذا الحلّ”.
وشدّد بيان رئاسة السلطة الفلسطينية على أنّ “العالم متحدٌ خلف قيم الحق والعدالة والحرية والسلام التي تمثلها القضية الفلسطينية”.
روسيا: محاولة يائسة لتغيير مسار التاريخ
وفي كلمته، بعد التصويت على القرار، قال مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، إنّ الولايات المتحدة استخدمت حق النقض “الفيتو” ضدّ القرار المقترح بشأن العضوية الكاملة لفلسطين في المنظمة، “في محاولةٍ يائسة لتغيير المسار الحتمي للتاريخ”.
وأكّد نيبينزيا، أنّ نتائج التصويت في المجلس، “تتحدث عن نفسها، حيث كانت واشنطن في عزلةٍ تامّة عمليًا”، معتبرًا أنّ التاريخ “لن يغفر للولايات المتحدة أفعالها”، ومُشدّدًا على أنّه “من المعيب على الولايات المتحدة هذا التحدّي للإرادة الدولية”.
وقال المندوب الصيني الدائم في مجلس الأمن، فو سونغ، إنّ “فشل هذا الإجراء يمثل يومًا حزينًا”، كما وصف “الفيتو” الأميركي بأنّه “مخيّب للآمال للغاية”.
ومن المواقف الداعمة لفلسطين، عبّر وزير خارجية أيرلندا، مايكل مارتن، عن شعوره بـ”خيبة الأمل من نتيجة التصويت”، مؤكّدًا دعم بلاده عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وقائلًا إنّ “الوقت حان كي تأخذ مكانها الصحيح بين دول العالم”.
نائبة الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، ناتالي برودهيرست، قالت إنّ بلادها دعمت مشروع القرار، مقدمةً الشكر إلى الجزائر على اقتراحها القرار، موضحةً أنّ بلادها مع رفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة وقبولها عضوًا كاملًا.
حماس: لتجاوز الإرادة الأميركية
حركة حماس أكّدت، في بيان، أنّ الولايات المتحدة الأميركية “تقف مرةً أخرى في وجه الإرادة الدولية، وتؤكِّد من جديد وقوفها ضدّ الشعب الفلسطيني وحقه في تقرير المصير، وإقامة دولته المستقلة، ووقوفها الكامل إلى جانب كيان الاحتلال الفاشي في مصادرته لحقوق الشعب الفلسطيني، ومحاولات تصفية قضيته”.
وأضافت الحركة أن الإدارة الأميركية بموقفها هذا تضع نفسها مع الكيان الصهيوني في عزلة عن الإرادة الدولية التي تقف مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، داعيةً المجتمع الدولي إلى الضغط لتجاوُز الإرادة الأميركية، ودعم نضال الشعب الفلسطيني، وحقه المشروع في تقرير مصيره.
وثمّنت الحركة مواقف كلّ الدول التي وقفت مع الحق الفلسطيني وصوتّت لمشروع القرار، متقدمةً بالشكر إلى الجزائر والمجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول عدم الانحياز التي دعمت مشروع القرار.
وفي المقابل، تحجّج روبرت وود، نائب المندوبة الأميركية في مجلس الأمن الدولي، الذي أعلن “الفيتو” الأميركي، بأنّ فلسطين “لا تلبي العناصر التي تؤهلها لنيل العضوية في الأمّم المتحدة”، زاعمًا أنّ واشنطن “تبقى مع حلّ الدولتين”.
وزير خارجية كيان الاحتلال، “إسرائيل” كاتس، صرّح بأنّه “يهنئ واشنطن لاستخدامها الفيتو ضدّ المقترح”، واصفًا إياه بـ”الملتوي”، ومعتبرًا أنّ مقترح الاعتراف بالدولة الفلسطينية “بعد نصف عامٍ من هجوم تشرين الأول/أكتوبر 2023 هو مكافأة للإرهاب”.
يُذكر أنّ مجلس الأمن الدولي انعقد، الخميس، لمناقشة القرار المقترح بشأن العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.