أشار الكاتب الأميركي كريستوف بلوث إلى تقرير أعدّته رابطة “الحد من الأسلحة في واشنطن” (Arms Control Association)، وأشار الى أن برنامج إيران النووي وصل إلى مستوى متقدم وبات منتشرًا، حيث يعجز العمل العسكري عن القضاء عليه.
ففي مقالة، نُشرت على موقع “Asia Times”، أوضح الكاتب أن هناك أسبابًا عدة وراء ذلك، أولها أن إيران تمتلك الخبرات المطلوبة من أجل إنتاج السلاح النووي، مضيفًا أن عمليات القصف لا تستطيع القضاء على هذه الخبرات. وأردف أن استهداف المنشآت الإيرانية سيعرقل البرنامج مؤقتًا، إلّا أن أي نكسات ستكون على الأرجح قصيرة الأمد.
وتابع الكاتب بأنّ تدمير منشآت إيران النووية، في مدينة نطنز، سيكون ضروريًا، لكنّ إجراء تقييم لهذه المنشآت سيتطلب عددًا كبيرًا من الضربات الجوية التي تصل إلى عمق الأراضي الإيرانية، ويتطلّب التحايل على أنظمة الدفاع الجوي والتفوق عليها، في الوقت نفسه. وأضاف الكاتب أن إيران قامت بتحصين منشأة نطنز على مدار الأعوام، وبرأيه أن إيران قادرة على إعادة الترميم سريعًا في حال تعرضت هذه المنشأة للأضرار، خاصة أن هناك مكوّنات أساسية؛ مثل أجهزة الطرد المركزي لليورانيوم التي ربما جرى نقلها إلى مواقع مجهولة.
ولفت الكاتب إلى أن تدمير برنامج إيران النووي سيتطلّب هجومًا عسكريًا واسعًا، محذرًا من أن ذلك سيؤدي إلى رد عسكري من طهران، ويجعلها على الأرجح تسرّع وتيرة مساعيها للحصول على ردع نووي. كذلك تحدث عن احتمال انسحاب إيران من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية في مثل هكذا سيناريو، وتاليًا إزالة أي تعهدات لعمليات تفتيش تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
قدرات إيران التقنية تقدّمت بشكل كبير
في سياق متصل؛ قال الكاتب الأميركي والباحث سينا أزودي، في معهد دراسات الشرق الأوسط في جامعة “جورج واشنطن”، إن قدرات إيران التقنية تقدمت بشكل كبير منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في العام 2018، مردفًا أن إيران باتت تملك القدرة التقنية لإنتاج قنبلة نووية، يعني تاليًا أن مسألة الحديث عن القدرات تصبح مسألة سياسية.
ففي مقالة، نُشرت في مجلة “Foreign Policy”، أكد الكاتب أن المعايير الأمنية هي التي دفعت بالإيرانيين إلى إعادة بناء برنامجهم النووي في العقود الماضية، مضيفًا أن ما جري تاريخيًا على صعيد الارتباط ما بين التصورات الأمنية والسياسة النووية يفيد بأن تصعيد التوتر مع “إسرائيل” قد يشجع النخبة السياسية على تخطي العتبة النووية.
كما لفت الكاتب إلى أن مسؤولين سابقين، في إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب- مثل جون بولتون- دعوا مجددًا إلى هجوم إسرائيلي يستهدف منشآت إيران النووية، محذرًا من أن هذا يشكل سيناريو في منتهى الخطورة. ورأى أن الهجوم على منشآت إيران النووية قد يكون له تداعيات بيئية خطيرة على صعيد المنطقة، مشيرًا إلى أن مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي أعرب عن مخاوف حقيقية حول احتمال هجوم إسرائيلي على منشآت إيران النووية.
ولفت الكاتب إلى أن أي هجوم على منشآت إيران النووية قد يعيدها إلى الوراء على الأمد القصير، فالإيرانيون أثبتوا في الماضي أنهم قادرون على إعادة البناء سريعًا مع توسيع البرنامج النووي. واستشهد الكاتب بعملية تخريبية قامت بها “إسرائيل” لمنشأة نطنز، في نيسان العام 2021، مشيرًا إلى أن إيران ردت سريعًا، حيث قامت بالتخصيب بنسبة ستين في المئة بعد مرور أيام فقط.
كذلك حذر الكاتب من أن مهاجمة منشآت إيران النووية قد تدفع إيران إلى الانسحاب من معاهدة “الحد من انتشار الأسلحة النووية” والسعي لامتلاك قنبلتها النووية، مضيفًا أن “ضربات “إسرائيل” التي استهدفت البرامج النووية في العراق وسورية، في عامي 1981 و2007، نجحت بسبب طبيعة تلك البرامج “المركزية”، وكونها كانت في مراحل بدائية نسبيًا. أمّا برنامج إيران النووي، فقد وصل إلى مرحلة أكثر تقدمًا بكثير، وهو منتشر على نحو واسع في مختلف أنحاء البلاد؛ بحسب رؤية الكاتب.
كذلك شدد الكاتب على أن الأهم هو أن “إسرائيل” لا تستطيع قصف المعرفة المؤسساتية التي اكتسبتها إيران على مدار العقود الماضية. وتابع أنه بإمكان إيران إذا ما ادعت الضرورة إعادة بناء برنامجها، في أي وقت، وستبقى دولة على العتبة النووية كونها تستطيع الاعتماد على قدراتها التكنولوجية من أجل تخصيب اليورانيوم. وبناءً عليه، شدد على أنه لا حل عسكريًا لما وصفه بالأزمة المتعلقة ببرنامج إيران النووي.
وختم الكاتب مقاله ليقول إن قرار إيران تسليح برنامجها النووي سيبقى مرتبطًا بتصورات قيادتها السياسية حول التهديدات الإقليمية.