لا تزال قضية مخيم جامعة كولومبيا الذي أقامه الطلاب احتجاجًا على الحرب الصهيونية على غزة تتصدر أحداثها وسائل الإعلام الأميركية و”الإسرائيلية” وحرم الجامعات ومنصات التواصل الاجتماعي، بسبب مزاعم عن حوادث “معادية للسامية” في حرم الجامعة.
وأثار احتجاج الطلاب في جامعة كولومبيا والمخيم الذي أقاموه دعمًا لغزة ردود فعل عنيفة لدى السياسيين في بلد يتغنى بالحرية وشعارات الديمقراطية، بل شارك في هذه الردود العنيفة -مستغلًا الفرصة- وزير خارجية كيان الاحتلال الذي تشن حكومته حرب إبادة على غزة منذ أكثر من 6 أشهر.
في هذا، السياق، أدان الرئيس الأميركي جو بايدن حراك النشطاء المؤيدين للقضية الفلسطينية لارتكابهم أعمالًا وصفها بـ”المعادية للسامية” خلال الاحتجاجات في الجامعات والمدارس الأميركية، وفي بيان بمناسبة “عيد الفصح اليهودي” أمس الأحد 21 نيسان/أبريل 2024، قال بايدن إنه من الضروري التحدث علنًا ضد “التصاعد المقلق لمعاداة السامية في مدارسنا ومجتمعاتنا وعلى الإنترنت”.
وجاء هذا البيان بعد 3 أيام من اعتقال أكثر من 120 شخصًا كانوا يحتجون على الحرب التي يشنها كيان الاحتلال على غزة في حرم جامعة كولومبيا.
كما، ادعى المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس في بيان أن “الدعوات إلى العنف والترهيب الجسدي التي تستهدف الطلاب اليهود والجالية اليهودية هي “معادية للسامية” بشكل صارخ وغير معقولة وخطرة ولا مكان لها على الإطلاق في أي حرم جامعي”.
وعلَّق عمدة نيويورك إيرك آدامز على الأحداث الجارية في جامعة كولومبيا في تدوينه عبر حسابه على منصة “إكس” بالقول: “أصبت بالرعب والاشمئزاز من “معاداة السامية” التي يتم إطلاقها في حرم جامعة كولومبيا وما حوله، ليس للكراهية مكان في مدينتنا، وقد أصدرت تعليماتي لشرطة نيويورك بالتحقيق في أي انتهاك للقانون تتلقى تقريرًا عنه وسوف يتم اعتقال أي شخص يتبين أنه يخالف القانون.
وعلق وزير خارجية الاحتلال يسرائيل كاتس في تدوينه عبر حسابه على منصة “إكس” قائلًا: “لقد أفزعتنا موجة “معاداة السامية” الدنيئة، صمت جامعة كولومبيا هو تواطؤ! إنني أحث عمدة مدينة نيويورك والمسؤولين والقادة الأميركيين على اتخاذ إجراءات فورية لا لبس فيها لمكافحة هذه الآفة”.
هذه التصريحات المتتالية من السياسيين في أميركا ووزير خارجية كيان الاحتلال حول مخيم جامعة كولومبيا الداعم للقضية الفلسطينية أثارت حالة من الاستنكار والسخرية بين طلاب الجامعات في أميركا والعالم وجمهور منصات التواصل.
حيث، بدأ الطلاب في عدة جامعات حول العالم الاحتجاج تضامنًا مع مخيم التضامن مع غزة في جامعة كولومبيا، وتراوحت الاحتجاجات بين الإضرابات والمسيرات والمخيمات.
ففي جامعة ييل وجامعة كارولينا الجنوبية في تشابل هيل، أقام الطلاب مخيمات تضامنية مع “مخيم التضامن مع غزة” في جامعة كولومبيا، وفي منشور نشره على “إنستغرام”، دعا الفرع الوطني لمنظمة طلاب من أجل العدالة في فلسطين (إس جيه بي) جميع الفروع إلى اتباع خطى جامعة كولومبيا والضغط على إداراتها لسحب استثماراتها من “إسرائيل”.
من جانبها قالت كاري زاريمبا، عضو فرع “إس جيه بي” الوطني في جامعة كولومبيا، إن الدعم من الجامعات الأخرى في جميع أنحاء البلاد “غير مسبوق على الإطلاق”.
كذلك، أصدرت جامعة ملبورن في أستراليا بيانًا عبر منشور على موقع إنستغرام كتبت فيه: “من الجانب الآخر من العالم، نحن جامعة ملبورن من أجل فلسطين، نعرب عن تضامننا الكامل والثابت مع الأعمال الشجاعة لطلاب كولومبيا من أجل العدالة في فلسطين”.
ودعت لجنة التضامن مع فلسطين بجامعة هارفارد، ومنظمة المقاومة الأميركية الأفريقية، وطلاب القانون من أجل فلسطين حرة، وطلاب الدراسات العليا من أجل فلسطين، واليهود من أجل فلسطين، واتحاد طلاب الدراسات العليا في جامعة هارفرد، الطلاب إلى الانضمام إلى الإضراب “تضامنًا مع طلاب كولومبيا الصامدين”.
وشارك فرع إس جيه بي بجامعة براون الأميركية في استضافة “اعتصام الطوارئ”، كما، نظم فرع “إس جيه بي” بجامعة ميامي “وقفة تضامنية” مع طلاب كولومبيا المعتقلين في حرمها الجامعي في أكسفورد بولاية أوهايو، ورفع الطلاب لافتات كتب عليها “العفو لطلاب كولومبيا” و”قِفْ مع طلاب كولومبيا”.
من جهته دعا فرع “إس جيه بي” بجامعة ولاية أوهايو، وجمعية المرأة الفلسطينية في جامعة ولاية أوهايو، ويهود من أجل العدالة في فلسطين في الجامعة، والاشتراكيون الثوريون المركزيون في أوهايو، وشباب أوهايو من أجل العدالة المناخية، الطلاب إلى الانضمام إلى “احتجاج طارئ” دعمًا للناشطين الطلابيين الشجعان في مخيمات التضامن بغزة”، كما نظم فرع “إس جيه بي” في برينستون وفرع “إس جيه بي” بجامعة نورث وسترن “مسيرات طارئة من أجل فلسطين” في حرم جامعاتهم ودعا المتظاهرين إلى “التضامن مع طلاب جامعة كولومبيا”.
أما على صعيد مواقع التواصل الاجتماعي، قالت إحدى المغردات على منصة “إكس”: “إن معركة جامعة كولومبيا تخطت مستوى الجامعة ومستوى مدينة نيويورك ومستوى الجامعات أيضًا، ووصلت إلى المستوى الوطني- الفدرالي، فاضطر البيت الأبيض أن يعلق عليها، ولأن أي تعليق حقيقي سيدعم القضية الفلسطينية، لجأ النظام الأميركي للكذب البواح”.
ولفت مدون آخر الانتباه إلى أنَّ الحزب الديمقراطي بدأ بزرع ثقافة الإلغاء وتكميم الأفواه والتعدي على ميثاق الحقوق الدستوري وهو يسهم في تفشي الفاشية، وحتى الحزب الجمهوري الذي كان يتهم اليساريين بـ”التمادي” على الدستور انتهز الفرصة بعد أحداث تشرين الأول/أكتوبر ليتعدى أيضًا على الدستور. وأضاف أنَّ “الديمقراطية الأميركية والحريات تلفظ أنفاسها الأخيرة”.
وقال ثالث في تغريدة أخرى إنَّه لا بد من الشرح والتوضيح في كل المنابر الحرة لدعم وشرح الهدف من الاحتجاجات ضد الإبادة الجماعية في فلسطين وخاصة غزة وما تتعرض له من قتل وإبادة وتدمير للبشر والحجر والشجر والتجويع وقتل الأطفال والنساء.
وطالب مغردون آخرون بتكثيف الدعم للحراك الطلابي في جماعة كولومبيا وتسليط الضوء على الانتهاكات التي تمارسها إدارة الجامعة والسلطات المحلية بحقهم.
وتضامنًا مع الطلاب في جامعة كولومبيا، نصب الطلاب في جامعة نيوسكول في مدينة نيويورك مخيمًا تضامنيًا مع غزة للاحتجاج على تواطؤ التعليم العالي في أميركا في الحرب “الإسرائيلية” على قطاع غزة.
وتأتي هذه الأحداث بعد تعرض رئيسة الجامعة نعمت مينوش شفيق لانتقادات من الجمهوريين في جلسة للجنة بمجلس النواب حول “معاداة السامية” بالحرم الجامعي، اتهمتها فيها بـ”معاداة السامية” في المؤسسة التعليمية والإخفاق بحماية الطلاب اليهود.
كما، سمحت لشرطة نيويورك بإخلاء مخيم أقامه طلاب للاحتجاج على الحرب الصهيونية في غزة، واعتبرت أنَّ المتظاهرين انتهكوا القواعد والسياسات التي تحظر تنظيم مظاهرات دون ترخيص، إضافة لاعتقال أكثر من 100 طالب من حرم الجامعة.