رأى الصحافي الصهيوني ومقدم البرنامج الاقتصادي في إذاعة جيش الاحتلال سامي بيرتس أن رئيس حكومة العدوّ بنيامين نتنياهو “يتصرف، أولًا وآخرًا، من أجل نجاة حكومته الأصلية، وكلّ شيء آخر بالنسبة له هو ثانوي”، مضيفًا أن “الواقع الصعب الذي “فُرض” على “إسرائيل” يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، يُرغمها على اتّخاذ قرارات كثيرة وذات حجم كبير، كلّ منها يمكن أن يؤثّر في الشراكة مع بتسلئيل سموتريتش (وزير المالية الصهيوني) وإيتمار بن غفير (وزير الأمن القوميّ الصهيوني)”.
وقال الكاتب في مقالة نشرتها صحيفة “”هآرتس””: “في كلّ مرة، عليه (أي نتنياهو) اتّخاذ قرار، ينظر أولًا إلى شركائه في الإخفاق، وبعدها فقط، ينظر إلى الشركاء المؤقتين من معسكره، ثمّ إلى العلاقات مع الولايات المتحدة، والفرصة التي تنتظره.. نعم هناك فرص، وليس فقط تهديدات”، وأضاف “عدد المعضلات كبير جدًا منها: الدفع بصفقة تبادُل رهائن بثمن مرتفع، والقرار بشأن مَن سيسيطر على غزّة في اليوم التالي لحماس، وصوغ صورة السلطة الفلسطينية المستقبلية، والحسم بشأن الجبهة الشمالية، وإعادة العمال الفلسطينيين للعمل في “إسرائيل” (لمنع انهيار مجال البناء وانهيار السلطة الفلسطينية في الضفّة)، وإسقاطات ذلك على عودة سكان الشمال والجنوب إلى منازلهم”.
واعتبر الكاتب أن “منْح سموتريتش وبن غفير حق “الفيتو” في هذه القضايا، معناه شلل السياسة الإسرائيلية، والشلل لا يعني فقط الوقوف وعدم التحرك، إنما العودة إلى الوراء”، مشيرًا إلى أن “هذا ما نراه في شمال القطاع، حيث يتوجب على الجيش العودة إلى مناطق احتلّها بهدف إبعاد عناصر حماس الذين يعودون إلى الميدان، الأمر الذي يجعل الجهود العسكرية غير فعّالة، ويضع الجنود في خطر”.
الكاتب لفت إلى أن وزير الحرب يوآف غالانت قال هذا الأسبوع إن “الوقت الملائم حان لاتّخاذ قرارات صحيحة لتحقيق الأهداف السياسية التي وضعناها”، مذكًرا بأن قياديين في جيش العدوّ أكدوا أن هناك “حاجة مُلحّة إلى اتّخاذ قرار بشأن مَن يسيطر على الحياة المدنية في القطاع”، وقال: “إزاء ذلك، فإن التخوف من الشركاء هو الذي يحرك نتنياهو، وهو يفضّل المماطلة كعادته، على الرغم من أن كارثة 7 تشرين الأول/أكتوبر أثبتت أن المماطلة وتأجيل القرارات المصيرية هما بمثابة استراتيجيات سيئة وخطِرة”.
وتابع: “ما حدث منذ العملية في غلاف غزّة، يدفع إلى اتّخاذ قرارات نوعية، إلّا إن نتنياهو غير قادر على اتّخاذها لأنه مرتبط بـ بن غفير وسموتريتش، ومعنى ذلك عدم اتّخاذ قرار بتاتًا، وهو ما يستنفد إنجازات الجيش، ويمنع التقدم”، مشيرًا إلى أن “الوضع حاليًّا في الضفّة الغربية متوتّر جدًا، والجيش يحذّر من انتفاضة ثالثة، ومن انهيار السلطة الفلسطينية.. أما بالنسبة إلى اليمين المتطرّف، فهذه ليست تحذيرات، إنما تمنيات. صحيح أن نتنياهو لا يعمل بشكل فعّال على دفع السلطة إلى الانهيار، لكن من خلال سَيره وراء سموتريتش وبن غفير، يساهم فعلًا في منع السلطة من أن تكون حلًا في الضفّة وغزّة. وهو ما سيجعل “إسرائيل” مسؤولة عن حياة 5 ملايين فلسطيني، وأمام حالة فوضى، سندفع ثمنها من خلال هجمات، وأزمة إنسانيّة، وسنوات اقتصادية ضائعة لـ”إسرائيل””.
وأضاف الكاتب أن “غالانت وزعيمي المعسكر الوطني بيني غانتس وغادي أيزنكوت، يفهمون هذا جيدًا، لكنّهم يتصرفون وكأنهم مسجونين في هذه الحكومة ما دام الأسرى الـ136 لا يزالون في غزّة، والحرب مع حماس لم تُحسم بعد، والخطر لم يزُل عن الشمال”، معتبرًا أن “النهج العدواني الذي يتبنّّاه نتنياهو إزاء كلّ ما يخصّ صفقة تبادل الأسرى في الأيام الأخيرة (وترافقه حملة بشعة ضدّ عائلاتهم) يشير إلى أنه يعلم أيضًا بأن المعسكر الوطني أسير في الحكومة”.
وخلص سامي بيرتس إلى أن “مواقف حماس في المفاوضات بشأن تحرير الأسرى تخدم هذا النهج، إذ يبدو أن “الانتصار المطلق” الذي يتحدث عنه نتنياهو هو: واقع يؤجل حلّ أزمة غزّة وعودة السكان من الشمال والجنوب إلى منازلهم، وأيضًا يؤجل خروج المعسكر الوطني من حكومته (وزيادة الضغط الأميركي عليه)، كما يؤجل صفقة أسرى لا تُعجب قاعدته الجماهيرية، ويؤجل أيضًا إقامة لجنة تحقيق في الإخفاق، ويؤجل الاحتجاجات ضدّ الحكومة، وفي الأساس، يؤجل تسريع الانتخابات ونهاية حُكمه”.