كتب “كيفن نجوين” و”بيتر سينجر” مقالة، نُشرت على موقع “ديفينس وان” تحت عنوان: “كيف تنتصر الصين في الشرق الأوسط؟”، قال فيها الكاتبان :”الصين ترى أن ما شهده العام ٢٠٢٣ الماضي من أحداث في الشرق الأوسط، من تجدُد الحرب بين “إسرائيل” وحركة حماس و”توسيع العنف” في لبنان والعراق والخليج والبحر الأحمر، جاء لمصلحتها”.
وتحدّث الكاتبان عن انتصارات استراتيجية متراكمة لبكين، ليس فقط على صعيد تعزيز حضورها الاقتصادي وإنما أيضًا على صعيد عقد قمم على مستوى القادة، والتوسط في إبرام صفقات سلام وحتى إجراء مناورات عسكرية مشتركة مع دول تُعدّ من أهم حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة”. وخرج الكاتبان باستنتاج بأنّ التاريخ قد يكتب أن العام ٢٠٢٣ شكّل العام الذي بدأت فيه الصين بالفعل الانتصار في الشرق الأوسط.
هذا؛ وأشارا إلى أن التبادل التجاري بين دول الخليج والصين حقق نموًا بنسبة قياسية، في العام ٢٠٢١ حين وصل إلى ٤٤.٣٪. بينما بلغت نسبة هذا النمو ٢٧.١ ٪ في العام ٢٠٢٢ بالرغم من التباطؤ الاقتصادي الذي شهده هذا العام، ونبّها إلى أن التبادل التجاري تراجع في المقابل بين الصين واليابان والولايات المتحدة.
كذلك أضاف الكاتبان أن: “الصين ترى في تعزيز الروابط الاقتصادية سبيلًا من أجل تعزيز نفوذها السياسي في المنطقة”. وأشارا الى أن وثيقة الصين السياسية الرسمية حول الدول العربية تتحدث عن مكاسب جذب هذه الدول من خلال الاستثمار والتجارة وتكنولوجيا الطيران، وكذلك التعاون في مجال السلاح والمعدات والتدريبات العسكرية المشتركة.
ولفت الكاتبان إلى أن الصين ودولة الإمارات عقدتا اجتماعات، في العام ٢٠٢٢ حول مكافحة الإرهاب واجتثاث التطرف، والتي تبعها مناورات “درع الصقر” الجوية في العام ٢٠٢٣. كما نبّها إلى أن المناورات جرت في إقليم “Xinjiang” حيث تتحدث التقارير عن احتجاز أكثر من مليون مسلم داخل المعسكرات؛ هذا وفقًا لما تزعمه هذه التقارير.
في مورد آخر من المقالة؛ أشار الكاتبان إلى أن الكثير من المكاسب الاستراتيجية التي حققتها الصين، في الشرق الأوسط، كانت مع دول هي تقليديًا معادية للولايات المتحدة مثل إيران. وأشارا إلى أن بكين قامت مؤخرًا بالعمل على توطيد العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة وإلى أنها تحقق النجاح في هذا السياق، كما لفتا إلى أن دولة الإمارات أعلنت بعد مدة وجيزة من المناورات العسكرية المشتركة مع بكين انضمامها إلى منظمة “البريكس”، كذلك نبّها إلى أن السعودية هي الأخرى تنظر في الانضمام إلى “البريكس”، وفقًا لما أفادته التقارير.
وأضاف الكاتبان أن حلفاء أميركا هؤلاء يقولون :”إن تعزيز الروابط الاقتصادية مع الصين يحقق التوازن مع “التركيز الأمني” للولايات المتحدة ويسمح لها بألا تعتمد كثيرًا على واشنطن”. كما لفتا، في هذا السياق، إلى أن رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني صرّح، في آب/أغسطس الماضي، أن بلاده وقّعت على ثلاث اتفاقيات جديدة مع الصين في مجال الطاقة في العام نفسه الذي صُنفت فيه قطر حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة من خارج حلف “الناتو”.
وتابع الكاتبان أن: “الصين تريد تقديم نفسها على أنها “بديلٌ مسؤولً” عن الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وذلك في الوقت الذي يتساءل فيه العديد عن التزام واشنطن البعيد الأمد حيال المنطقة، أو يرفضون مطالب الولايات المتحدة. كما لفتا إلى إشارة المراقبين في أنّ الإمارات انسحبت من الائتلاف البحري بقيادة الولايات المتحدة، والذي يحمي ممرات المياه للإمارات، وإلى أن ذلك جاء بينما طلبت واشنطن من الدول تقليص علاقاتها مع روسيا والصين.
كذلك قال الكاتبان :”إن سردية الصين في هذه المساعي لا تعتمد فقط على توفير الفرص لدول الشرق الأوسط، بل على المقارنة ما بين أهداف الولايات المتحدة وأهداف الصين في المنطقة”. ولفتا في هذا السياق إلى مقالة نشرها القنصل العام الصيني في دبي “Li Xuhang”، في صحيفة “البيان” الإماراتية تحت عنوان: “الصين تشكّل فرصة للعالم”، والتي قارنت بين الفرص الاقتصادية للإمارات والمنطقة من خلال مشروع حزام واحد طريق واحد، و”الضجيج المربك” الناتج عن الخطاب الأميركي حول “التهديد الصيني”.
وتابع الكاتبان أن: “مبيعات الصين إلى الشرق الأوسط قفزت بنسبة ٨٠ ٪ خلال العقد المنصرم”، وأن ذلك لم يشمل خصوم أميركا فحسب مثل إيران، بل كل دول المنطقة تقريبًا باستثناء “إسرائيل”. كما أردفا أن: “هذا النمو حقّق النجاح حتى في الوقت الذي تُواصل فيه الولايات المتحدة دورها ضامنًأ أمنيًا لهذه الدول، وبالرغم من مساعي العديد من الإدارات الأميركية للحد منه”.
كذلك أضافا أنه: “وكما الولايات المتحدة، فإن بكين لا تسعى فقط وراء الأرباح من خلال مبيعات السلاح؛ بل أيضًا إلى تعزيز حضورها وشراكاتها”، وأردفا أن: “كل ذلك يعزّز حضور الصين ونفوذها في المنطقة”. فقد لفتا إلى أنه، وبحسب الإعلام الرسمي الصيني، من المرجح أن تجري الإمارات والصين المزيد من المناورات المشتركة في المستقبل، ما سيؤدي إلى تعميق العلاقات بين البلدين وترسيخ دور الصين ومصالحها في المنطقة”.
كما ختم الكاتبان أنّ: “الخبراء العسكريين ذهبوا أبعد من ذلك، حين قالوا :”إنه يمكن لجيشي البلدين الإفادة من نقاط القوة لدى الطرف الآخر”. ولفتا إلى أن الإعلام الرسمي أفاد أن الطيارين الإماراتيين سيأتون بتجربة عملية غنية تؤدي إلى التقدم المشترك، وفقًا لقولهما، وأردفا أن: “هذه “التجربة” تعود بشكل كبير أساسًا إلى المناورات والتدريبات المشتركة التي أجرتها الإمارات مع القوات الجوية الأميركية”.