تجدّدت المطالبات والدعوات لاخراج القوات الأجنبية من العراق، لاسيما الأميركية منها، بعد الجريمة البشعة التي ارتكبتها الأخيرة في منطقة جرف النصر شمال محافظة بابل، وأسفرت عن استشهاد وإصابة عدد من المنتسبين لقوات الحشد الشعبي.
وفي الوقت الذي أدانت واستنكرت أطراف سياسية مختلفة تلك الجريمة، شدّدت على ضرورة الإسراع بتفعيل قرار مجلس النواب العراقي الصادر في الخامس من شهر كانون الثاني-يناير من العام 2020، والقاضي بإلزام الحكومة العراقية بالعمل على إنهاء وجود القوات الأجنبية كافّة من أراضي البلاد في أسرع وقت ممكن. علمًا أن ذلك القرار جاء بعد يومين من اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، بواسطة طائرات أميركية مسيّرة قرب مطار بغداد الدولي.
الحكومة العراقية
في بيان لها بهذا الشأن، أكدت الحكومة العراقية أنها تتعامل مع التصعيد الأخير الذي شهدته الساحة العراقية، خلال اليومين الماضيين، على أنه: “تصعيد خطير، فيه تجاوز مرفوض على السيادة العراقية التي نلتزم، تحت كلّ الظروف، بصيانتها وحفظها والدفاع عنها، وفقًا للواجبات الدستورية والقانونية للحكومة… وندين بشدة الهجوم الذي استهدف منطقة جُرف النصر، والذي جرى من دون علم الجهات الحكومية العراقية، ما يُعد انتهاكًا واضحًا للسيادة ومحاولة للإخلال بالوضع الأمني الداخلي المستقر. فالحكومة العراقية هي المعنية حصرًا بتنفيذ القانون ومحاسبة المخالفين، وهو حق حصري لها، ولا يحق لأي جهة خارجية أداء هذا الدور نيابةً عنها، وهو أمر مرفوض وفقًا للسيادة الدستورية العراقية والقانون الدولي”.
وأضافت أنّ وجود التحالف الدولي في العراق هو وجود داعم لعمل قواتنا المسلحة عبر مسارات التدريب والتأهيل وتقديم الاستشارة، وأنّ ما جرى يعدّ تجاوزًا واضحًا للمهمة التي توجد من أجلها عناصر التحالف الدولي لمحاربة داعش على الأراضي العراقية؛ لذلك فإنها مدعوة إلى عدم التصرّف بشكل منفرد، وأن تلتزم بسيادة العراق التي لا تهاون إزاء خرقها بأي شكل كان”.
هيئة الحشد الشعبي
أما هيئة الحشد الشعبي، فقد ذكرت في بيان لها، أنه ” في الساعة ٠٢٣٠ من فجر يوم الأربعاء ۲۲ تشرين الثاني ۲۰۲۳، تعرّض عدد من مواقع هيئة الحشد الشعبي إلى اعتداءات أمريكية غادرة، ارتقى على أثرها 8 شهداء وأصيب أربعة بجروح، وشملت الاعتداءات قيادة عمليات الجزيرة ضمن قاطع جرف النصر شمال بابل، والتي استهدفت مقاتلينا الأبطال المرابطين في أثناء أداء الواجب الوطني المقدس”.
وفي الوقت الذي قدمت هيئة الحشد تعازيها لذوي الشهداء ودعت بالشفاء العاجل للجرحى، أعربت عن إدانتها واستنكارها الشديدين لهذا “العمل العدائي الذي يمثل انتهاكًا سافرًا لسيادة العراق”، وجددت التزامها الكامل والتام بتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة، كونها جزءًا من المنظومة الأمنية والعسكرية والدفاعية للعراق، ولن تتردد بالقيام بأي واجب دفاعًا عن العراق وسيادته.
ائتلاف دولة القانون
من جانبه، رأى رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، “ما حصل من قصف أخير من قوات الولايات المتحدة الأمريكية ضد مقار القوات الأمنية والحشد الشعبي الرسمي، في عدد من مدن البلاد، أمر مستنكر ومدان وخطير، قد يجرّ إلى مزيد من المواجهات التي لا نرجوها على الأرض العراقية”.
ورأى المالكي: “هذه الأعمال تعدّ تجاوزًا صارخًا على سيادة العراق وأمنه، وأن الاحتكام إلى مبدأ القوة لن يكون عاملاً مساعدًا لتجاوز الأزمات، سيما وأن الحكومة ملتزمة بحماية البعثات الدبلوماسية والمقار الأمنية التي يوجد فيها المستشارون التابعون للتحالف الدولي”.
المقاومة الإسلامية – كتائب حزب الله
بموازاة ذلك، قالت المقاومة الإسلامية – كتائب حزب الله، في بيانها الاستنكاري حول الجريمة الاميركية الاخيرة، ..”ونحن على أعتاب الذكرى السنوية الرابعة للجريمة الأمريكية باستهداف مقاتلي الحشد الشعبي في القائم، ما تزال قوات الاحتلال الأمريكي على نهجها القذر، لتستهدف مرة أخرى مقرات الحشد ومجاهديه في قاطع جرف النصر شمالي بابل”. وأكدت المقاومة الاسلامية: “إن جريمة القصف الأمريكي لمقرات الحشد، والتي ارتقى فيها 8 شهداء، ما مرّت ولن تمرّ من دون عقاب، وهو ما يستدعي توسيع دائرة الأهداف إذا ما استمر العدو بنهجه الإجرامي”.
تحالف الفتح
في السياق ذاته، رأى رئيس تحالف الفتح والقيادي في الاطار التنسيقي هادي العامري، “هذا العمل الجبان انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية، واعتداءً آثمًا على كرامة العراقيين، ودليلًا مضافًا واضحًا لا يقبل الشك على كذب الإدعاءات الأمريكية بحصر وجودهم في العراق بالمستشارين والمدربين”، مؤكدا، “بل هو دليل قطعي على إن وجودهم هذا هو قتالي صرف، سواء في قاعدتي عين الأسد وحرير، أو في باقي القواعد الاخرى”.
وشدّد العامري على: “ضرورة إخراج القوات الأمريكية وكل قوات التحالف الدولي من العراق فورًا، إذ إن بقاءهم سيؤدي إلى مزيدٍ من إراقة الدماء العراقية الطاهرة، ويسبّب إرباكًا للوضع الأمني، وإعادة العراق إلى المربع الأول من عدم الاستقرار، فضلًا عن إن وجودهم لا يوجد له أي غطاء دستوري أو قانوني”.
حركة عصائب أهل الحق
وفي تدوينة له على منصة التواصل الاجتماعي (اكس)، طالب الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي بمحاكمة القوات الأميركية المتورطة بجريمة قصف مقرات الحشد الشعبي في جرف النصر، وفقًا لأحكام القانون العراقي. وأكد الشيخ الخزعلي أن: “انتهاك الاحتلال الأميركي الغاشم يعدّ تجاوزًا للسيادة العراقية، وإن مثل هذه الجرائم تكشف عن الضرر الكبير الذي يسبّبه وجود هذه القوات في البلاد، وهي تؤكد أن وجود الأميركان لا يقتصر على الاستشارة العسكرية، وأن هناك قوات مقاتلة محتلة ومستهترة، في مخالفة صريحة للدستور العراقي الذي يمنع وجود أي قوات قتالية أجنبية على الأرض العراقية”.
اتئلاف الوطنية العراقية
كذلك حذر ائتلاف الوطنية الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق أياد علاوي من خطورة التصعيد الأخير على الأوضاع الأمنية والاستقرار في العراق، موضحا: “أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة باتت تهدد الأمن والسلم”.
وذكر الائتلاف في بيان له، أن: “الهجمات التي شهدتها بعض مناطق العراق مؤخرًا، تمثل تصعيدا خطيرا يمس سيادة البلاد، وتؤكد بما لا يقبل الشك أن سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة أصبحت غير واضحة، وهي تهدد الأمن والسلم في المنطقة، فهي من جهة تدعم وتحمي أسرائيل في حرب الإبادة التي تشنّها ضد أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق، ومن جهة أخرى تمس سيادة دول من خلال توجيه ضربات على أراضيها”.
يجب الإشارة إلى أن تشييعًا مهيبًا جرى للشهداء الثمانية جراء القصف الأميركي الغادر، صباح أمس الاربعاء في العاصمة بغداد، شارك فيه رئيس هيئة الحشد الشعبي ورئيس هيئة أركان الحشد وعدد من قياداته ومنتسبيه، إلى جانب شخصيات سياسية ودينية وعشائرية وأكاديمية كثيرة.