رأى دانيال سوبلمان (Daniel Sobelman) أستاذ العلاقات الدولية، في الجامعة العبرية، أنّ تطوير إيران وحلفائها القدرات التقليدية ووضع استراتيجية متماسكة باتت تشكل تهديدًا عسكريًا وتحديًا استراتيجيًا كبيرًا لـ”إسرائيل”.
ففي مقالة له، نُشرت على موقع “ناسيونال انترست” (National Interest)، قال الكاتب: “يجب الاعتراف علنًا بما لمّح إليه بعض القادة الإسرائيليين، مؤخرًا، خلال السنوات القليلة الماضية، بأنه بالرغم من تفوّق “إسرائيل” العسكري، إلا أن القدرات التي حشدتها إيران ومحور المقاومة قرب الحدود وفي المنطقة عمومًا أصبحت تشكل تهديدًا وجوديًا”.
وبحسب الكاتب، تفوّق “إسرائيل” العسكري لا يعني أنها قد لا تجد نفسها تدفع أثمانًا “غير مقبولة” في حرب تنشأ على عدّة جبهات.
وتحدث عن إمكان أن “يغمر” محور المقاومة أنظمة الدفاع “الإسرائيلية” وضرب أهداف استراتيجية، وذلك بعدما طوّق هذا المحور “إسرائيل” بالقوة النارية الكبيرة التي تتضمن الأسلحة الدقيقة الموجّهة. كذلك أشار إلى إمكان استهداف المطارات والقواعد العسكرية والموانئ ومنشآت المياه الإسرائيلية بدقة عالية.
وتابع الكاتب أنّ خصوم “إسرائيل” في المنطقة، من حزب الله إلى “حماس” إلى إيران، تبنوا استراتيجية مقاومة “غير متكافئة” تسعى إلى التعويض عن تفوّق “إسرائيل” الجوي وتغيير ميزان “الضعف”.
ونبّه من أن ذلك سيعرّض جبهة “إسرائيل” الداخلية لأثمان باهظة، حيث لن يكون أمامها خيار سوى الاجتياح العسكري. وأردف أنّ ذلك من المفترض أن يصبّ في صالح الطرف “الأضعف”.
كذلك قال الكاتب إنّ ما يصفه القادة الإسرائيليون، وهو ربّما ما لم يدركوه بالكامل حتى الآن، هو أنّ التهديد الذي تشكّله “حماس” وإيران وحزب الله وقوى المقاومة بات يساوي التهديد الذي كانت تشكّله الجيوش العربية الكبيرة في الماضي.
الكاتب لفت إلى أنّ المسؤولين الإسرائيليين بدأوا يستخدمون عبارات لافتة في توصيف ميزان القوة في المنطقة والتكافؤ المتزايد بين “إسرائيل” واعدائها.
كما كشف الكاتب أنّ رئيس الوزراء “الإسرائيلي” الأسبق إيهود باراك كان أخبره، منذ العام 2018، بأن الحرب مع حزب الله ستكون على غرار حرب تشرين الأول/أكتوبر العام 1973 التي خسرت فيها “إسرائيل” نحو 2600 جندي.
كذلك أشار الكاتب إلى أنّ استراتيجية الجيش الإسرائيلي للعام 2018 وصفت، لأول مرة، “محور إيران الشيعي” بالمعسكر الإقليمي الذي يشكّل التهديد العسكري الأساس لـ”إسرائيل”. ووفقًا للكاتب، هذه الاستراتيجية سمّت، لأول مرة، اليمن والعراق دولًا تمثل تهديدًا عسكريًا لـ”إسرائيل”.
وتابع : “بناء عليه؛ شكّل الجيش الإسرائيلي مديرية “الاستراتيجية والدائرة الثالثة” (Strategy and Third-Circle Directorate)، والمكلّفة بمواجهة محور المقاومة”، مستشهدًا بتصريح قائد هذه المديرية Tal Kelman في العام 2021 عن أن القدرة على ضرب “إسرائيل” بهجمات مكثفة ودقيقة قد تكون لها تداعيات استراتيجية.
وأضاف أنّ القادة العسكريين الأميركيين، وخلافًا لنظرائهم “الإسرائيليين”، لا يستهينون إطلاقًا بالرد الإيراني على اغتيال القائد السابق في قوات فيلق القدس اللواء قاسم سليماني. ولفت إلى أن قائد القيادة الوسطى السابق، في الجيش الأميركي Frank McKenzie، حذّر من أنّ إيران ربما تستطيع ان تتحكّم بالخطوات الأولى من تصعيد في ساحة المواجهة. وأشار إلى ما قاله McKenzie في هذا السياق، في العام 2021، عن أنّ قدرة “إسرائيل” الاستراتيجية باتت هائلة.
كذلك لفت الكاتب إلى أنّ خليفة McKenzie ، وهو القائد الحالي للقيادة الوسطى Michael Kurilla – الموجود حاليًا في الأراضي المحتلة، قال في آذار/مارس الماضي إنّ قوات حرس الثورة الإيرانية تختلف كثيرًا عما كانت عليه قبل خمسة أعوام، مشيرًا إلى أن Kurilla يركّز الآن بشكل أساسي على منع قيام أطراف أخرى بتوسيع النزاع.
وفي حين أكد الكاتب أن الأزمة الحاصلة، اليوم، لن تأتي بالسلام بين “إسرائيل” وخصومها، شدّد في المقابل على أنّ “إسرائيل” والولايات المتحدة لا تبدوان على استعداد للمخاطرة بحرب شاملة والتكاليف الناتجة عن مثل هذه الحرب.
وخلص الكاتب إلى أن على “إسرائيل” والولايات المتحدة التأمل جيدًا بكيفية الإفادة من الحرب الدائرة من أجل التوصّل إلى شكل من أشكال “السلام البارد”.